عروبة الإخباري –
يشهد الأردن منذ فترة تحولًا ملحوظًا في عملية الإصلاح السياسي، حيث يُعد تمكين الشباب جزءًا أساسيًا من هذا التحول. إذ أدركت الدولة الأردنية أهمية مشاركة الشباب في الحياة السياسية بوصفهم قوة دافعة للتغيير والتقدم، ما دفعها إلى تبني سياسات إصلاحية تتيح لهم الفرصة للمساهمة في صياغة مستقبل البلاد.
يشكل الشباب الأردني، الغالبية العظمى، ما يجعلهم شريحة اجتماعية هامة ذات تأثير كبير على المشهد السياسي. ومع تعاظم التحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهها الأردن، أصبح إشراك الشباب في عملية صنع القرار أمرًا ضروريًا لضمان تحقيق استقرار سياسي واقتصادي مستدام. وقد بدأت الدولة الأردنية في السنوات الأخيرة بفتح الباب أمام مشاركة أكبر للشباب في الحياة السياسية من خلال سلسلة من الإجراءات الإصلاحية.
تشمل الإصلاحات السياسية التي قام بها الأردن تعديل القوانين المتعلقة بالانتخابات والأحزاب السياسية. فقد تم تعديل قانون الانتخاب ليتيح تمثيلًا أفضل للشباب في المجالس التشريعية والمحلية. كذلك، تم العمل على تطوير قانون الأحزاب لتشجيع الشباب على الانخراط في الحياة الحزبية، حيث تم تبسيط الإجراءات المطلوبة لتأسيس الأحزاب والانضمام إليها، مما يسهم في زيادة نسبة مشاركة الشباب في العمل السياسي المنظم.
إضافة إلى ذلك، تحاول الحكومة الأردنية تعزيز دور الشباب في المشاركة عبر مؤسسات المجتمع المدني ومجالس الشباب، حيث تم إنشاء هيئات تعنى بشؤون الشباب وتتيح لهم التعبير عن آرائهم والمشاركة الفاعلة في رسم السياسات المحلية والوطنية.
من بين المبادرات الهامة التي تهدف إلى تمكين الشباب سياسيًا، أطلقت الحكومة الأردنية برامج توعوية وتدريبية لتعزيز وعي الشباب بالقضايا السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد. تسعى هذه البرامج إلى تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لممارسة دورهم في الحياة السياسية بشكل فعال، مثل تعزيز مهارات القيادة والحوار والتفاوض.
وقد أسهمت المنظمات الشبابية والحزبية في رفع مستوى الوعي السياسي لدى الشباب، فضلاً عن تحفيزهم على المشاركة في الانتخابات والترشح لمناصب قيادية. وتمثل الانتخابات البرلمانية والبلدية مجالاً خصباً لإظهار الشباب قدرتهم على تحمل المسؤوليات السياسية والمساهمة في تحقيق التغيير الذي ينشدونه.
رغم الجهود المبذولة، لا تزال هناك تحديات تعيق مشاركة الشباب بشكل كامل في الحياة السياسية. من أبرز هذه التحديات ضعف الثقة بين الشباب والمؤسسات السياسية، إضافة إلى انتشار البطالة والفقر بين فئة الشباب مما يجعلهم أقل اهتمامًا بالقضايا السياسية. أيضًا، تشكل بعض العوائق الاجتماعية والثقافية تحديًا آخر، حيث أن هناك تحفظات لدى بعض الأوساط على مشاركة الشباب وخاصة النساء في العمل السياسي.
من جهة أخرى، يواجه الشباب الأردني تحديات تتعلق بضعف الإمكانيات والتمويل اللازم لتأسيس أحزاب أو حملات انتخابية، ما يحد من قدرتهم على المنافسة على الساحة السياسية بشكل فعال. كما أن القيود التي تفرضها بعض القوانين على الأحزاب السياسية والتمويل الانتخابي قد تعيق وصول الشباب إلى المناصب القيادية.
تمكين الشباب الأردني في الحياة السياسية والإصلاح السياسي يمثل خطوة هامة نحو بناء مجتمع ديمقراطي ومتعدد يتيح الفرص لجميع أفراده. إن تعزيز دور الشباب في المؤسسات التشريعية والتنفيذية والحزبية سيؤدي إلى إدخال أفكار جديدة وحلول مبتكرة لمواجهة التحديات التي تعصف بالمملكة. ومع الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات السياسية وتعزيز آليات مشاركة الشباب، فإن الأردن يمتلك فرصة كبيرة للاستفادة من قدرات الشباب في تحقيق التنمية المستدامة والإصلاح السياسي الشامل.
إن تمكين الشباب الأردني في الحياة السياسية ليس مجرد مطلب من مطالب الشباب فحسب، بل هو استحقاق وطني ضروري لضمان استقرار البلاد وتقدمها. تحتاج الأردن إلى الاستمرار في تبني سياسات تدعم مشاركة الشباب وتزيل الحواجز التي تعيق مشاركتهم الفاعلة في الحياة السياسية، فالشباب هم عماد المستقبل وقادة التغيير.