عروبة الإخباري –
بمناسبة الذكرى الـ56 لانطلاقة الجبهة العربية الفلسطينية، والذكرى الـ31 للتجديد، نتوجه بتحية إجلال وإكبار إلى شعبنا الفلسطيني الصامد في كل أماكن تواجده، في الوطن والشتات، ونستذكر بكل فخر واعتزاز التاريخ الحافل لجبهتنا ودورها الريادي في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني. هذه المناسبة ليست مجرد ذكرى، بل هي تجسيد لمعاني التضحية والعطاء التي قدمها مناضلونا الأوائل، وتأكيد على مواصلة دربهم لتحقيق تطلعات شعبنا في الحرية والاستقلال.
إن قرار التجديد الذي اتخذه رفاق الجبهة قبل 31 عامًا كان بمثابة تأكيد على الالتصاق الدائم بإرادة الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية، وعلى رفض كل المحاولات التي استهدفت التفريط بحقوقه المشروعة أو الالتفاف على نضاله. لقد بقيت الجبهة العربية الفلسطينية دومًا على عهدها في العمل الوطني الموحد، وفي تكريس مبدأ النضال حتى تحقيق كامل الأهداف الوطنية، وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
لقد كان للجبهة العربية الفلسطينية دور ريادي في الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وعلى تعزيز الوحدة الوطنية في مختلف مراحل النضال. في وقت كانت تتعرض فيه القضية الفلسطينية لمحاولات التصفية، وقفت الجبهة سداً منيعاً في وجه كل تلك المؤامرات، وحافظت على مسار المنظمة ككيان موحد يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني. إن تمسكنا بمنظمة التحرير لا ينبع فقط من كونها الإطار الجامع لشعبنا، بل لأنها تمثل عنوان قرارنا الوطني المستقل، الذي كان ولا يزال ركيزة أساسية في صمودنا ومقاومتنا لكل مشاريع الهيمنة والاحتلال.
وفي هذه الذكرى المجيدة، لا يمكننا إلا أن نذكّر العالم بالمجازر المستمرة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية. لقد مضى عام كامل على العدوان الصهيوني الوحشي ضد أهلنا في غزة، والذي يعد من أبشع الجرائم التي عرفها التاريخ الحديث، حيث يسعى الاحتلال إلى إبادة شعبنا بكل الوسائل الممكنة، من قصف وحصار وتجويع وتشريد. كما تتواصل جرائم الاستيطان والتهجير في الضفة الغربية، في ظل تواطؤ دولي وصمت مريب من القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تواصل تقديم الدعم غير المحدود للاحتلال.
وفي هذا السياق، نؤكد أيضًا على تصاعد الانتهاكات في القدس المحتلة، وخاصة الاعتداءات الممنهجة على المسجد الأقصى ومحاولات تهويد المدينة المقدسة، في إطار سياسة إسرائيلية تهدف إلى تغيير الطابع التاريخي والديمغرافي للمدينة. إن هذه الجرائم المستمرة بحق القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية تشكل تهديداً خطيراً لهويتنا الوطنية ولقضيتنا العادلة.
كما أننا لا ننسى العدوان الصهيوني على لبنان الشقيق، الذي يشكل دليلاً واضحًا على أن المشروع الصهيوني لا يتوقف عند حدود فلسطين، بل يسعى لتحقيق أطماعه التوسعية في المنطقة بأسرها، من النيل إلى الفرات. إننا نؤكد على وحدة الدم والمصير بين الشعبين الفلسطيني واللبناني، وندعو إلى التضامن الكامل لمواجهة هذا العدوان الصهيوني المتواصل.
لقد كانت هذه الهجمات الصهيونية وما زالت جزءاً من مشروع استعماري يسعى إلى تحقيق “الدولة الكبرى” التي تنطلق من أوهام الهيمنة والاحتلال، وكل هذا يحدث في ظل حالة من الخذلان والعجز العربي، حيث تقف العديد من الدول عاجزة عن مواجهة هذه التحديات الكبرى التي تهدد الأمة بأسرها.
إن ما نشهده اليوم من مآسي وانتهاكات بحق شعبنا يفرض علينا تحديات كبيرة، ويتطلب منا جميعًا أن نكون على قدر المسؤولية التاريخية. إن مواجهة هذا العدوان الصهيوني الوحشي تقتضي وحدة الصف الفلسطيني وتلاحم قواه الوطنية. لن يكون لشعبنا القدرة على الصمود والانتصار إلا إذا تجاوزنا خلافاتنا الداخلية، وركزنا كل طاقاتنا نحو مواجهة العدو المشترك. إن الجبهة العربية الفلسطينية تجدد الدعوة لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني فوراً، فشعبنا لا يحتمل المزيد من التشتت، وعلينا أن نلتف حول مشروع وطني جامع يوحد الجميع تحت راية النضال حتى التحرير.
وفي ظل هذه التحديات، ندعو المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لعقد مؤتمر دولي من أجل إنهاء معاناة شعبنا الفلسطيني، وتحقيق حقه في الحرية والاستقلال ضمن دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف. كما نطالب بتوفير الحماية الدولية العاجلة لشعبنا من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي.
وفي هذه الذكرى، نوجه أسمى آيات العرفان والتقدير إلى شهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم في سبيل قضية فلسطين العادلة، ونؤكد أن دماءهم لن تذهب هدرًا. كما نحيي أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، الذين يعانون من أبشع أنواع القهر والظلم، ونعاهدهم على الاستمرار في النضال حتى تحريرهم جميعًا.
المجد والخلود لشهدائنا، والحرية لأسرانا، والنصر لشعبنا العظيم.
الجبهة العربية الفلسطينية
اكتوبر 2024