من أهم التوجيهات الملكية في كتاب التكليف السامي لدولة الدكتور جعفر حسان، التأكيد على ضرورة الحفاظ على المكتسبات، والبناء على النجاحات في كافة القطاعات، والإشارة الواضحة إلى ضرورة البناء على المشاريع والبرامج التي نفذتها الحكومة السابقة ضمن رؤى التحديث الشاملة والإسراع بإنجازها، وضمان بقائها في مسارها السليم.
هذه الحكومة التي وجّه جلالة الملك بضرورة أن تكون «بوصلتها» مواصلة برامج التحديث الوطنية التي يكفلها جلالة الملك شخصيًا، وبصفته رئيس السلطات يضمن جلالته أن تكون عابرة للحكومات.
جلالة الملك، يريد لهذه الحكومة أن تواصل الإنجازات رغم التحديات، وأن عليها إيجاد الحلول الممكنة والبناء على الفرص المتاحة، خصوصًا وأن مهمة كل وزير واضحة ومحددة بأهداف سنوية قابلة للقياس.
في مقدمة الإنجازات التي تحققت في السنوات القليلة الماضية، إنجازات في القطاع الرياضي حيث «رفع النشامى علم الأردن عاليًا في مختلف المحافل الدولية وكانوا مصدر فخر بما حققوه من إنجازات رياضية كبيرة، ما يستدعي من الحكومة رعايتهم وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لدعمهم والتوسع في توفير المنشآت الرياضية لخدمتهم بصورة مستدامة». هذا بالنص ما ورد من توجيهات ملكية سامية في كتاب التكليف السامي لحكومة الدكتور جعفر حسان – نعيد التذكير به اليوم للأسباب التالية:
1. منذ أن حقّق نشامى المنتخب الوطني لكرة القدم الإنجاز التاريخي بحصولهم على مركز الوصافة في بطولة آسيا 2023 لكرة القدم في قطر، والتوجيهات الملكية منذ ذلك الحين بدعم واحتضان هذا الإنجاز، والمتابعة الحثيثة من لدن سمو ولي العهد، لم نلمس الاهتمام المستحق بهذا المنتخب وفقًا لخطة «مستدامة» لرعاية كرة القدم الأردنية، لمواصلة تحقيق إنجازات إقليمية قارّية وعالمية.
2. الرياضة عمومًا، وكرة القدم تحديدًا، ليست مجرد تسلية أو كرة يركض خلفها 22 لاعبًا داخل مستطيل أخضر – كما يراها البعض -، بل هي استثمارات بالمليارات من حيث الإنفاق على استضافات بطولات مثل كأس العالم، والأولمبياد، وبطولات القارات للمنتخبات والأندية التي تحرّك جميعها عجلة الاقتصاد في الدول المستضيفة والمشاركة، في مجالات متعددة منها: الدعاية والإعلان والإعلام والترويج والسياحة والنقل والتجارة والصناعة.. إلخ، والشواهد على ذلك كثيرة أذكر منها – على سبيل المثال لا الحصر – فإن شهرة البرازيل (التي تعدّ اليوم واحدة من أهم اقتصادات دول «بريكس») في كرة القدم تفوق شهرتها بإنتاج القهوة. كما أن السياحة الرياضية تدرّ على إسبانيا بسبب وجود ناديي ريال مدريد وبرشلونة مليارات من السياح الذين يقصدون منشآت ومتاحف الناديين كل عام. وإقليميًا لننظر إلى ما حققته استضافة دولة قطر لكأس العالم 2022 من استثمارات وتطوير للبنى التحتية ومكانة وسمعة عالمية.
3. الحديث في «الاستثمار الرياضي» يطول شرحه، لكن ما يعنينا في الأردن أن هذا القطاع الذي بات يحقق إنجازات بجهود – معظمها فردية – خصوصًا في الرياضات الفردية التي رفع أبطالها من أبناء الوطن رايات الأردن خفاقة في المحافل الدولية، وخصوصًا في التايكوندو ورياضات الدفاع عن النفس والملاكمة.. وكرة السلة.. وغيرها كانت بدعم الأهالي والقطاع الخاص، وهي تستحق اهتمامًا أكبر من الحكومات المتعاقبة.
4. نحزن حين يخفق منتخبنا بالفوز على المنتخب الكوري، ونتناسى أن كوريا تنفق مئات الملايين لدعم الرياضة، وقد أنفقت مليارات الدولارات لاستضافة كأس العالم بالشراكة مع اليابان عام 2002 وحققت المركز الرابع على العالم، في حين ونحن في المئوية الثانية للدولة لا توجد لدينا ملاعب تتناسب مع طموحات دولة لا تزال تتطلع للوصول إلى كأس العالم.
* باختصار: الاهتمام بالرياضة يعني اهتمامًا بجيل شباب نوجهه إلى الرياضة ليبتعد عن سموم المخدرات.. والرياضة بناء لعقل سليم في جسم سليم.. والرياضة استثمار في طاقات شبابية قوتها ودعمها، قوة للوطن في مواجهة التحديات والأخطار المحيطة.. ولذلك لا بد من:
– اتخاذ خطوات متقدمة بتنفيذ توجيهات جلالة الملك بدعم الرياضة.
– وضع مخصصات مجزية في موازنة 2025 لدعم كافة الرياضات وتحديدًا كرة القدم (والأمر لا يحتاج لمليارات).
– تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ووسائل الإعلام من أجل رعاية الرياضة الأردنية ومنتخباتها في الرياضات الجماعية والفردية.
– إعادة إحياء «صندوق دعم الرياضة» وتوسيع صلاحياته ومهماته.
– إدراج «مشاريع بناء الملاعب والمنشآت الرياضية» على سلم أولويات منصة الاستثمار في وزارة الاستثمار.
* وأخيرًا: إذا أردنا الوصول إلى كأس العالم علينا تشكيل لجنة وطنية عليا لتحقيق هذا الهدف وتذليل جميع المعوقات، لأن الاستمرار ببرامج «الفزعة» لن يحقق حلمنا بالوصول لمونديال 2026.