بهذه الكلمات وصف جلالة الملك بكتاب التكليف السامي لحكومة الدكتور جعفر حسان رؤى التحديث الوطنية المخلتفة، السياسية والاقتصادية والإدارية والتي ستكون بوصلة الحكومة في عملها للمرحلة القادمة والمستمدة من منهجيات علمية وعملية واضحة. فكتاب التكليف الملكي مفصل وبين وواضح، ويشكل بشقه الاقتصادي -كما بغيره من الجوانب-خريطة طريق اقتصادية للحكومة مستندة بصورة مباشرة لرؤية التحديث الاقتصادي التي تم إعدادها واطلاقها بمتابعة جلالة الملك الضامن لرؤى التحديث، وفق برامج تنفيذية واضحة ومعلنة بسقوف زمنية محددة، لإطلاق الإمكانات وتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة الاستثمار وزيادة فرص التشغيل لأبناء الوطن وبناته، ولضمان نوعية حياة أفضل لشعبنا حسب كتاب التكليف السامي، وبالتالي مواصلة العمل الجاد في برامج التحديث فهي “مشروع الدولة من أجل المستقبل”.
رؤية التحديث الاقتصادي عابرة للحكومات، وقد عبر عن ذلك كتاب التكليف للحكومة، فالحكومة الجديدة ستقوم بالعمل على ما قامت به الحكومة -وإن كان محدودا بهذا الخصوص- وعليه لن نبدأ من الصفر بل من حيث انتهت الحكومة السابقة من تنفيذه، وهذا ما يتطلب وفورا مراجعة البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية واعادة تقييم ما تم إنجاه وما لم يتم ومعرفة السبب. لقد وجه جلالة الملك الحكومة العمل لتحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، والمتمثل بهدفين رئيسين ذوا الاولوية الاقتصادية للاقتصاد الأردني وهما: رفع معدلات النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل عن طريق محركات النمو الاقتصادي الرئيسية والمتمثلة بقطاع الصناعة، النقل، السياحة، الخدمات والأسواق المالية، قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتعدين.
إن جذب الاستثمارات لرفع معدلات النمو وخلق فرص العمل، والمضي بالمشاريع الكبرى خصوصا في المياه والنقل والطاقة والقطاعات الاقتصادية الواعدة مثل قطاع التكنولوجيا، بالإضافة إلى أهمية التعليم المهني والتقني ولملفات الأمن الغذائي والمائي، وأن يكون الاستثمار هو الأساس لتمويل مشاريعنا والبنى الاقتصادية بدلا من المساعدات.
لقد حدد التوجيه الملكي المطلوب اليوم من الحكومة اقتصاديا، ووضع على سلم الأولويات الاستقرار الاقتصادي، وضبط المديونية حماية لمنعة الاقتصاد والاسراع في التنمية والنمو. وركز على أهمية أن تكون المشاريع الكبرى وفي مقدمتها “الناقل الوطني، المدينة الجديدة، مشاريع النقل ومشاريع الطاقة” في مقدمة جهود الحكومة. المطلوب اقتصادياً حسب كتاب التكليف الملكي في هذه المرحلة عمل كبير ونوعي يمكن تضمينه بمحركات النمو الثمانية كالتالي:
أولاً: فيما يتعلق بمحرك الاستثمار، تهيئة البيئة الحاضنة والممكنة للاستثمار، والعمل على تعزيز الاستثمارات الدولية والعربية كمصدر أساسي لإطلاق النمو وتوفير فرص العمل. بالاضافة الى إعداد المشاريع والفرص الاستثمارية وتنفيذها والتنفيذ الفعلي لخطة الترويج للفرص الاستثمارية. والعمل بأن يكون الأردن مركزاً إقليمياً ودولياً متقدماً ومنافساً في المنطقة، ضمن منظومة التعاون الإقليمي وشبكات التجارة الدولية والبنية الاقتصادية. والتحسين المستمر للتشريعات لتقليل العوائق الإجرائية أمام المستمثرين.
ثانياً: فيما يتعلق بمحرك الخدمات المستقبلية: فقد أتى التوجيه الملكي واضح بأهمية التركيز على قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأن تصبح المملكة مركزا إقليميا لخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من خلال استقطاب شركات التكنولوجيا العالمية. ودعم الرياديين والشركات المحلية، والاهتمام في توظيف تكنولوجيا المستقبل. بالاضافة الى التعاون والشراكة مع القطاع الخاص والجامعات وجميع الجهات المعنية محليا وعالمياً. كما أشار التوجيه الملكي لأهمية التزام الحكومة بالجدول الزمني للتحول الرقمي في المؤسسات الحكومية ومساندة جهود المركز الوطني للأمن السيبراني.
كما أشار كتاب التكليف ببند الخدمات المستقبلية لأهمية مواصلة العمل على تطوير القطاع (الخدمات والأسواق المالية) وضرورة ان يكون القطاع ممكّنا للنمو الاقتصادي. وتحسين البنية التحتية للنقل،و تشجيع أنظمة النقل الحديثة لتحسين خدمة النقل العام، والاستفادة من تجربة حافلات التردد السريع في عمان والزرقاء لتشمل مناطق أوسع، تسهيلاً على المواطنين ولتمكينهم من تجاوز عقبات انخراطهم بسوق العمل. كما كان التوجيه الملكي، بأهمية البناء على ما تم إنجازه في “التأمين الصحي الشامل” لإطلاق المرحلة الأولى منه العام المقبل. وتعزيز التحول الرقمي في نظام الرعاية والمعلومات الصحية. والاستمرار في حوسبة المستشفيات والمراكز الطبية.