عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
ما زلت أذكر قول الرئيس، محمود عباس، بعد أن ألتقى ملك إسبانيا، في 20 / 5 / 2017، وقد رافقه السفير الفلسطيني في مدريد، كفاح عودة، وقد التقيت الرئيس عباس هناك في الفندق الذي كان ينزل فيه، وقد قال “سيكون لإسبانيا موقف مشهود، وهي النموذج” كان مسروراً، ومضت الأيام واعترفت اسبانيا بالدولة الفلسطينية في مقدمة دول أوروبية وغير أوروبية عديدة، كان لاعترافها مساهمة كبيرة في التحولات التي جرت بعد ذلك وأوصلت محاولات الرئيس الجادة منذ 2011، لتكون فلسطين عضواً في الأمم المتحدة، وذلك ما كان يتطلع اليه، وها هي فلسطين تجلس في مقعدها المرجو، وقد بذل طاقم تمثيلها في الامم المتحدة وعلى رأسهم السفير، رياض منصور، جهود كبيرة متراكمة واتقن طرق الوصول الدبلوماسية بجهوده واتصالات لم تنقطع، أثنى عليها الرئيس عباس قبل سنوات في اجتماعات في رام الله ودعمها.
تمثيل فلسطين في الأمم المتحدة جاء بامتيازات عديدة ودفع الأمم المتحدة أن تتيح لفلسطين أن تطرح قضاياها.
فقد صدر قرار أممي أيد الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في تموز 2024، للمطالبة بانهاء الاحتلال الاسرائيلي غير القانوني وتفكيك المستوطنات ومنظومتها غير القانونية، وجدار الفصل العنصري وإجلاء جميع المستوطنين من الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس المحتلة.
وهذا القرار من اخطر القرارات واهمها في تاريخ القضية الفلسطينية، وقد جاء ثمرة لجهود سياسية بذلتها السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس عباس.
وجاء أن هذا الانسحاب ينبغي أن يحدث في أسرع وقت ممكن ويحدد مشروع القرار جدولاً زمنياً على مدى (12) شهراً للتنفيذ، وهذا القرار هو الأول الذي تتقدم به السلطة منذ حصولها على حقوق وامتيازات إضافية منها مقعد بين اعضاء في الأمم المتحدة في الجمعية العامة والحق في اقتراح مشاريع وقرارات.
الرئيس عباس الآن في زيارة جديدة أخرى يشكر اسبانيا على اعترافها بالدولة الفلسطينية، وهي الزيارة الثانية بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل عدة أشهر، ويأتي ذلك في خضم العدوان الاسرائيلي على غزة والضفة الغربية المتواصل.
الزيارة العباسية الى اسبانيا مهمة تحمل مواقف فلسطين ورؤيتها وتتسلح بالاعتراف الاسباني، وتتصل وتسبق زيارة الرئيس عباس الى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة الاسبوع القادم، وهناك سيجلس الرئيس عباس على مقعد رؤساء الدول وسيتغير مكان جلوسه السابق ويحتفى به.
أن هذه الثمار جاءت لتتوج ما جرى زرعه عبر سنوات من جهود، لم يغط عليها دخان العدوان الاسرائيلي المدمر، ولولا ذلك لكانت احتفالات الشعب الفلسطيني هي عنوان المرحلة. لقد انتصرت فلسطين دبلوماسيا. وهذا النصر السياسي سيراكم خطوات على طريق الاعتراف بالدولة الفلسطينية .. وإزالة الاحتلال العنصري البغيض.
وسيبقى الفلسطينيون يذكرون لاسبانيا وملكها فيلب السادس والحكومة والبرلمان الاسباني الذي تحدث أمامه الرئيس عباس في زيارة سابقة، الدورالكبير المؤسس لمراحل لاحقة.
نعم الدبلوماسية الفلسطينية مهمة، ويتعاظم دورها الآن بعد استمرار العدوان المتصل على غزة والشعب الفلسطيني، ولا بد من تشديد النضال في هذا المجال بطواقم أكثر فعالية وقدرة تكون في خدمة توجهات الرئيس.
لقد استطاع السفير السابق كفاح عودة ان يبني الكثير في اسبانيا من مواقف أثمرت أخيرا، نتاج خبرات طويلة في المجتمع الاسباني، وها هي اليوم تثمر ايضا، فقد تسلم الملك الاسباني أوراق اعتماد السفير الفلسطيني الجديد، حسني عبد الواحد، الذي يعتبر بالمعايير الجديدة أول سفير لدولة فلسطين في اسبانيا بعدما اعترفت بها مدريد في شهر مايو، آيار الماضي. وكان ملك اسبانيا قد استقبل السفير عبد الواحد في القصر الملكي، حيث جرت مراسم تسليم أوراق الاعتماد كما بثت وقائع التسليم على منصة إكس (تويتر)، والآن تبدلت رتبة السفير الذي كان منذ (2022) بعد انتهاء مهمة السفير كفاح عودة، تبدلت رتبته في شكل رسمي بعد الاعتراف ليصبح سفيراً بكامل الامتيازات، وكانت اسبانيا قد قطرت معها اعترافات النرويج وايرلندا واسبانيا بشكل متزامن، وقد لعبت مدريد دوراً في ذلك، وصرحت أنها تعتز وانها كانت تتطلع لذلك منذ وقت بعيد وأن ذلك حق للشعب الفلسطيني، دفعها، أي اسبانيا، الى تأييد مبادرة دولة جنوب افريقيا في شكواها ضد اسرائيل لدى محكمة العدل العليا الدولية.
وعلى هذا الطريق الموصل الى الدولة تحدث لي ايضا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينيةعضو اللجنة المركزة لفتح عزام الأحمد، عن دور القيادة الفلسطينية المثابر وعن مهمته في اسكتلندا التي تبدلت مواقفها ايضا لصالح القضية الفلسطينية، وهي مقدمة لتبدل موقف بريطانيا التي تورطت في وعد بلفور ومعاداة قضية الشعب الفلسطيني حتى الان
ما كان للمواقف الأوروبية المختلفة ان تتغير وتتفكك من مواقفها المؤيدة لاسرائيل، لولا الجهود الدبلوماسية التي آمن بها الرئيس عباس، وعمل في سبيلها وما زال حتى دخلت الى هذه التحولات التي جعلت اسرائيل منبوذة، وكذلك احتلالها، وهو ما استبقته الآن الأمم المتحدة بالمطالبة بانهاء الاحتلال غير القانوني وتفكيك المستوطنات وجدار الفصل العنصري وإجلاء المستوطنين بما في ذلك القدس.
ستكون معركة الرئيس عباس في الأمم المتحدة حاسمة وقد انتظرها طويلاً ليتوج جهوده التي بدأت تمثر الآن، حتى وان غمر دخان العدوان النازي على الشعب الفلسطيني الان المنطقة، فالفجر قادم والتضحيات لن تذهب هدراً، والرئيس عباس خير من يوظف كل هذه التضحيات ويستثمرها، وهو يتحدث الى العالم بلغة الحق الواضح ومعاناة شعبه وحقوقه.
مجددا أذكر بشكر الرئيس لملك اسبانيا وقوله له في اللقاء السابق، أجدد التعبير لجلالتكم وحكومتكم الموقرة عن جزيل شكرنا وعميق تقديرنا لكم، وعاشت الصداقة الاسبانية الفلسطينية.
لقد جاء ذلك رداً على قول الملك الاسباني “أن فلسطين شكلت على مدى هذه السنوات اولوية بالنسبة للتعاون الاسباني من أجل التنمية”
من مدريد الى نيويورك، الطريق لا بد أن تكون سالكة باتجاه الدولة الفلسطينية، ما دام يرفع رايتها من يؤمنون بذلك في كفاح مستمر لم يتوقف منذ قرن من الزمن وستكون فلسطين قريبة وأن رآها البعض وسط الدماء بعيدة