عروبة الإخباري –
يبدو أنه من الغريب جدا تقدم العمل التطوعي في بلاد الغرب تحت مسمى “الدور الانساني “مع ان دوافع العمل الخيري في امتنا دينيا يفترض ان يكون اكبر بكثير، و بالاستناد الى الكثير من الاحصائيات سنجد اجمال المساهمات التطوعية العينية والنقدية لدى الغرب تصل الى اعداد هائلة حسب كتاب احصائيات تطوعية لفهد الزهراني او في كتاب نظريات في العمل التطوعي لنوري مبارك او غيرها حيث لو اننا تمعنا قليلا في الاحصائيات التي تعود الى عالمنا العربي بغض النظر عن أن هذه الاحصائيات تتصف بشحها، وحسب ما جاء في ثقافة العمل التطوعي لدى الجمعيات الخيرية التابعة لقناة الجزيرة فإن عدد مؤسسات الاغاثة الاسلامية العربية لا يزيد عددها عن 11 مؤسسة أما المؤسسات الاهلية فهي لا تزيد عددها عن حوالي 230 ألف جمعية، ومعظم اهداف بعضها التوجه للخارج لاغراض اغاثية، وعدد المشاركين فيها من المتطوعين ينحصر وينضوي أحيانا على عضويتها ورئيسها …فأين نحن من تقدم مسيرة العمل التطوعي ..!
لا شك أن للوضع الاقتصادي دور كبير وراء هذا العجز في التقدم ، ولكن جانب اخر له انعكاسات ايجابية على اقتصاد الدول حيث يستطيع العمل التطوعي ان يوفر من الناتج الوطني الاجمالي وهذا ما حصل في النرويج حسب الدراسات في مرجع( السنة الدولية للمتطوعين …النتائج ومنظورات في مستقبل) للامم المتحدة فإن العمل التطوعي في النرويج يوفر اكثر من 6% من النتاج الوطني الاجمالي، وعلى اثره نستطيع القول أن العمل التطوعي ثروة للبلدان العربية ان تم تسخيرها وادارتها بالشكل الصحيح ضمن برامج وافكار ومشاريع تقوم من تطوير العمل التطوعي في الساحة العربية وخاصة الاردنية، حتى لا نبقى ضمن فئة الجيل الاول التابع لتصنيف ديفيد كورتن والذي برأيه اننا نقع ضمن اطاره حيث ان ديفيد قسم المنظمات التطوعية الى ثلاثة اجيال : الجيل الاول الجيل الذي تقوم مؤسسات التطوعية على مساعدات تقليدية للفقراء املة على ان نصبح من الجيل الثالث حسب تصنيفه جيل طرح نماذج في العمل التنموي المؤثر على البيئة الاجتماعية والثقافية والتي من شأنها ان تؤثر ايجابا على البيئة السياسية
الاساسات سفينة النجاة
إن المفهوم التطوعي في حالة تراجع واضحة، وغياب الفهم الصحيح لقيم العمل التطوعي لدى المتطوعيين وقيمة المتطوعين لدى المؤسسات على حد سواء يبدو متفشيا وغياب دور الاحزاب عن تعزيز العمل التطوعي واضحا، ومع تطلعات اردننا الغالي وجلالة ملكنا المفدى لتغيير واقع الحياة الحزبية وتعزيزها يجب النظر الى العمل التطوعي بنظرة جادة ومسؤولة وان دور الحكومة في تصحيح هذه المفاهيم اصبح واجبا، والقيام به عليه ان يبنى على اساسيات علمية سليمة وليس فرضا تطبيقيا فقط ،فكيف لطالب ان يقرا جملة دور ان يكون حافظا للحروف ومتعرفا عليها ومتمرسا في ضبطها …
اليوم يقع على الطالب ويفرض عليه ان يقوم باي عمل تطوعي دون ان يعي مبادءه او مفاهيمه او اهميته او واجباته او حقوقه او اي شيء عن العلم التطوعي الحقيقي …بالحقيقة ان العمل التطوعي يبدأ بالفرد بينه وبين نفسه ثم بينه وبين اسرته ثم بينه وبين مجتمع وهكذا …على الطفل ان يعلم انه حين قام ذات يوم بتقاسم شطيرته مع صديقه بأن هذا كان عملا تطوعيا، وان العمل التطوعي يولد معنا …وعليه ان يبنى بداخلنا ضمن اساسات تربوية جيدة كالاخلاق الحميدة تحتاج التوجيه والمراقبة والتعلم والتعرف وغيرها ، ومن الجدير للذكر بان العمل التطوعي هو نفسه العمل الخيري الا ان العمل التطوعي اشمل واعم و قد يكون عملا جيدا او عملا سيئاً ، وهنا تقوم عليه مسؤولية كبيرة في اختيار النهج التطوعي الافضل له..ومسؤولية عائلته ومجتمعه في مراقبته وتوجيهه ..
البطالة من معيقات التطوع ام مفتاح للحياة العملية
حسب اشادة الدكتورة أماني قنديل المديرة التنفيذية للشبكة العربية للمنظمات الأهلية بأن من اسباب عزوف الشباب عن المشاركة بالعمل التطوعي الضغوطات الاقتصادية التي يعيشها معظعم الشباب والتي تفرض عليهم توجيه جل اهتماماتهم في البحث عن لقمة العيش، وخاصة بعد الدراسة التي اجرتها الشبكة العربية للمنظمات الاهلية التي تبين أن الشباب من 15 الى 30 سنة هم الاقل اهتماما بالعمل التطوعي او انه لا يتم دعوتهم للمشاركة بها …ولكن لو خضع نظام العمل التطوعي الى التنظيم والتوجيه المدروس في المؤسسات التي تعنى بالعمل التطوعي ستحقق هذه المؤسسات نجاحا يزيد من القوى العاملة وإن جنوب افريقيا نموذجا لذلك فحسب مصدر “السنة الدولية للمتطوعين … النتائج ومنظورات في المستقبل” للامم المتحدة في دراسة تقول بأن المتطوعين في جنوب افريقيا يشكلون 43% من القوة العاملة في القطاع غير الربحي
ان العمل التطوعي اهمية كبيرة وان العناية به مكسب كبير وان من يدرك قيمته فقد اوجد الغنيمة وفي الغرب هم ادركوا قيمته منها كجامعة سان كارلوس في غواتيمالا والتي انشأت مدرسة خاصة تعنى بالعمل التطوعي ،والصين التي انشأت معهد بحوث العمل الاجتماعي التطوعي والرفاه الاجتماعي حيث انهم يقومون بتقديم المشورة لمسؤولي الحكومة فيما يتعلق بالسياسات المؤيدة للمتطوعين وغيرها الكثير من النماذج ……………ويبقى السؤال ألسنا كأمة اسلامية لنا الاحقية في التقدم في المجال التطوعي كما هي حال باقي المجالات؟…..
وفي الختام نستذكر قول الله تعالى ( ومن تطوع فهو خيرا له) …. لعلها سفينة النجاة