«حسن في كل عين من تود» والعكس تماما، حيث لا يرى المُعيب في الحسن حتى وإن كان كاملا إلا عيبا ونقصا. عادة ما تبدأ ثلاثية التندر والتذمر طريقا إلى التنمر في كل شيء. تلك العين -عين المريب المعيب- تترصد القشة في عين الحراثين الحصادين على البيدر ولا ترى من أبراجها أو أوكارها خشبا في عيونهم وعيون «شللهم». من ضمن تلك الثلاثيات ما استهدف مشروع الباص السريع. ألجم النجاح الذي حققه المشروع ألسنة وأبكمها، فصمتت عن شجاعة التراجع عن الخطأ في اتباع التشكيك وتبني السوداوية، وكذلك صمتت عن فروسية إشهار اعتراف بعد اكتمال المشروع ونجاحه في تخفيف أزمات المرور وكلف النقل وخدمة الجمهور وفق معايير تكاد تنافس دولا غنية ومتقدمة في قطاع النقل العام والخاص، الاعتراف مثلا بأن تقديرنا كان متسرعا فاعذرونا، وها نحن نقول مرحى لهذا النجاح الذي عارضنا أصحابه، فالمسألة ليست تسجيل نقاط ولا ضربة قاضية لأحد، ما دمنا نفخر جميعا بأي إنجاز وطني، في الميادين كافة.
وها هو البرلمان أمامك يا حميدان. الناجح والغائب عن التمثيل تحت القبة ايضا. المشاركة السياسية لا تنحصر بعضوية وكذلك خدمة الوطن والمواطن. حتى الأحزاب التي حظيت بالتشجيع والرعاية، ليست بالضرورة الإطار الوحيد أو الأنسب للعمل الوطني ولا أقول السياسي فقط. انصر بلادك ولو بكلمة نطقتها أو لمحت بها أو حتى كتمتها في صدرك كونه أوسع لسرك. ثمة أحداث نراها عن بعد، تشعر فيها وكأنك بحاجة إلى «بكب» و «ميغا مايكروفون» حتى تصيح فيه بحرقة على بعض «الأشكال»
الخادشة للصورة الوطنية الكبرى الجميلة لهذا الإنجاز العظيم الذي تحقق بمجرد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، والنزاهة التي عز نظيرها إقليميا والتي سمحت للبعض بالزهو إلى حد الخيلاء شديد الخطر في مآلاته حتى عليهم، يأخذون الأرقام والنسب خارج أبعادها الواقعية، أخذا بسرديات تتقن نفخها ونشرها منابر إعلامية تتحدث بالعربية وأخرى ترطن بها، لا يريدون سوى الإثارة حتى لو على حساب الباص السريع سائقين وركابا وخطوط نقل ومواقف ومقاصد.
كثيرون من السياسيين والصحفيين شبهوا الديموقراطية بعربة، هناك من ثبت تاريخيا تكرار خطئهم باستغلالها واستخدامها في اتجاه واحد ولرحلة واحدة- تذكرة ذهاب بلا إياب! نستبشر خيرا ونرد عليهم «نحنا غير».. فنسأل الله، أن يكون نجاح أكبر قوتين نيابيتين نجاحا لمجلس النواب كله وللبرلمان العشرين وللوطن كله. من غير وطن نحميه ونصونه، لا ديموقراطية ولا نجاح لأي تيار أوصلته الانتخابات إلى القدرة على القول: نحن هنا.
فيا إخوتنا يا أحبتنا، هلموا نرفع الصوت عاليا عليّا بأن يا ملكنا الغالي سيدي عبدالله الثاني شكرا على القيادة والحكمة والحكنة والمحبة والاحترام التي يغبطنا عليها كثيرون، وبعضهم يحسدوننا عليها. «بالشكر تدوم النعم» ونحمد الله أن قطار الديموقراطية السريع له سكة واضحة المعالم. قطار ماض إلى وجهته سريعا، ولكن بلا تهور. إن اقتضى الأمر بالإمكان إنزال بعض الركاب، حتى يتمكن الجميع من الوصول بأمان إلى بر الأمان..
قطار الديموقراطية السريع!* بشار جرار
5
المقالة السابقة