تحيي الأمة الإسلامية في كافة أرجاء العالم ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يصادف في 12 من ربيع الأول، وهو اليوم العظيم الذي حمل معه تحولات عميقة أنارت حياة أمة.
كان ذلك في ربيع الأول من عام الفيل، وهو العام الذي حفظ الله فيه بيته الحرام من شر أريد به.
علماء قالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن ذكرى ميلاد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فرصة للفهم الصحيح للدين وحقيقته الخالدة القائمة على الوسطية والاعتدال، ورسالة الخير والعدل والرحمة، ورفض العدوان والجور والظلم، مشيرين الى أن الدعوة المحمدية فتحت آفاقا جديدة للتفكير والتفاعل بين الأفراد والجماعات، وأسست لرؤية حضارية ساهمت في بناء أمة تحمل راية الحق، وتواجه التحديات بروح جمعية على قلب رجل واحد، فكان مولده رحمة للناس أجمعين يلامس إنسانية الفرد، ويعزز مكانته في المجتمع.
سماحة مفتي عام المملكة الدكتور أحمد الحسنات، قال، “في كل عام من ربيع الأول تتجدد أنوار الأمة في مشارق الأرض ومغاربها بذكرى كريمة عظيمة على قلب كل مسلم هي ذكرى مولد سيد الخلق وحبيب الحق محمد صلى الله عليه وسلم، النور المبين الذي بمولده ملئت الدنيا نورا وانطفأت ظلماتها”.
وأشار إلى أن احتفالنا بالنبي محمد لا يكفيه يوم واحد ولا شهر واحد، وإنما يكون بالاقتداء به على مدى الدهر، فهذا دليل محبته، حبا مستمرا وهو في الوقت نفسه دليل ايمان.
وأضاف، محبة رسول الله ليست نافلة من القول ولا بدعا من الأمر، بل هي واجبة على كل مسلم، فهو صاحب الفضل على هذه الأمة، والإنسانية كلها، به أصبحنا أمة واحدة تقود الأمم وترعى ركب العلم والحضارة بإعمال العقل، بعد أن أخرجتنا الرسالة السماوية النازلة على آخر الأنبياء والرسل من ظلمات الجهل وعبادة الأصنام، العلم والقوة والنور الإلهي.
أمين عام دائرة الإفتاء العام الدكتور زيد إبراهيم الكيلاني، قال: “تشرق علينا ذكرى مولد سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- محملة برسائل البشر والنصر، رسائل تملأ قلب المؤمن يقينا وثقة وحسن ظن بالله أن النصر قريب، وأن اليسر قادم بعد العسر، وأن عطاء الكريم -سبحانه وتعالى- قريب من المحسنين”.
وأضاف الكيلاني، إن نبينا الكريم ولد في الثاني عشر من ربيع الأول عام الفيل، وهو عام الهجمة على الكعبة لكن من رحمة الله أن انقلبت الهجمة الى إشراقة نور وبداية بِشْر الذي سيكون بالنصر والعطاء، مشيرا الى أن ذكرى المولد بشرى
بإذنه تعالى لأهلنا في فلسطين الذي قال فيهم رسول الله محمد “لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين” وسنراهم في الأقصى محررا مصلين، فهذا وعد الله ورسالة من رسائل المولد النبوي.
مساعد الأمين العام لشؤون الدعوة ومدير الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور إسماعيل فواز الخطبا، قال: “لقد عاشت البشرية قبل مجيء الرسول فترة عصيبة من تاريخها، فكان مولده- صلى الله عليه وسلم- إيذانا باندحار الباطل والشر وظهور الحق والخير”.
وأشار إلى أن ذكرى المولد النبوي فرصة مهمة لإحداث التغيير الذي نصبو إليه، فقد أرسى رسول الله قانون السماء على الجميع وأرسى قواعد المواطنة الفاعلة واحترام حقق الإنسان فلا ظلم ولا عدوان ولا انتهاك لكرامته أياً كان لونه أو جنسه أو عرقه أو ملته.
وأوضح الخطبا أن ميلاد النبي رسالة لشباب الأمة، جيل النهضة والبناء، بأن يتمسكوا بهدي حبيبهم وخُلُقه، وأن يكونوا محبين لدينهم منتمين لوطنهم ملتفين حول قيادتهم، فالأمل معقود عليهم في بناء أوطانهم والمحافظة على أمنه واستقراره، وهو فرصة للفهم الصحيح للدين وحقيقته الخالدة القائمة على الوسطية والاعتدال، والتي تلبي حاجة الفطرة السوية السليمة.
رئيس قسم أصول الدين بكلية الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور علاء الدين محمد عدوي، قال، يشهد المسلمون في العالم كله في هذا اليوم ذكرى عظيمة ذات مكانة عالية رفيعة هي مولد النبي الحبيب الشفيع عليه الصلاة والسلام، لافتا لما في المولد الشريف من دلالات وإشارات وتكريم للناس بأن الله سبحانه اختار نبيه -عليه الصلاة والسلام- بحكمته ورحمته ليكون من أشرف الأنساب والبيوت وأعرقها، وأعلاها منزلة ورفعة وتقديرا عند الأمم، وقد اشتهروا برعاية الكعبة ورفادة الحاج.
وأضاف: المولد النبوي تذكير بضرورة اتباع سنته قولا وعملا باعتبارها منهج الحياة والنجاة، فالنبي ولد في ربيع الأول من عام الفيل، العام الذي حمى الله فيه بيته الحرام من الأذى، وهو درس في الصبر والثقة بنصر الله وحماية الحق، ونصرة المستضعفين.
أستاذ التفسير وعلوم القرآن في كلية الشريعة في جامعة آل البيت الدكتور عماد عبد الكريم سليم خصاونة، أشار الى أن ذكرى مولد النبي محمد حدث تاريخي بالغ الأهمية للمسلمين، لافتا الى أن هذه الذكرى شهدت بناء حضارة عظيمة، قوامها التسامح والمساواة والرحمة.
وبين أن الله أضاء بميلاد نبيه محمد الظلمات، وبه تحرر الناس من نير الاستعباد للإنسان والحجر وتحرر الضعيف من غلبة الظالم، مشيرا الى أن الأمة اليوم بحاجة أن تستذكر الرسالة العظيمة التي تتجدد مع ميلاد رسول الله وهي رسالة الايمان والثقة بالله وأن النصر مع الصبر.
“بترا – بشرى نيروخ”