في مناظرة أولى مهمة وحاسمة، تفوقت المرشحة عن الحزب الديمقراطي كاميلا هاريس على مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب بحسب استطلاعات الرأي بعد المناظرة. المناظرة كانت مهمة لان تلك التي جرت بين بايدن وترامب كانت كارثية أدت بالأخير للتنحي عن الترشح، لذا كان يتطلع الديمقراطيون لفوز بالمناظرة التي اجرتها هاريس يظهر قدرتها على القيادة وتقديم بديل حقيقي أمام الناخبين عن ترامب. المناظرة كانت ساخنة تضمنت هجوما واتهامات، وخلت من معلومات دقيقة ذات جدوى، لكنها أظهرت حجم التباين والتضاد بين الطرفين، والاستقطاب الحاد بين جمهور الناخبين، وهذا تسنى بسبب شخصية ترامب المنفرة جدا للديمقراطيين والمقبولة من جمهور اليمين من الحزب الجمهوري.
المناظرة في جلها كانت عن الاقتصاد، وهذا أهم ملف في أي انتخابات أميركية، حيث حاول ترامب اتهام هاريس انها اشتراكية ماركسية، وانها لا تمتلك خطة للنهوض بالاقتصاد، بل وعود جوفاء بتخفيض الضرائب دون خطة حقيقية لفعل ذلك، وانها مجرد نسخة عن سياسات بايدن التي لم تحقق أي نتائج ذات جدوى. حاول ترامب أيضا مهاجمة هاريس متهما اياها بكره إسرائيل، وان انتخابها معناه انه لن تكون هناك إسرائيل في غضون عامين بسبب سياساتها وخطابها ضد إسرائيل. هاريس بالمقابل لم تتوان عن مهاجمة ترامب، اتهمته أنه خالق للفوضى وأن إدارة بايدن كان عليها تنظيف هذه الفوضى، وانه ترك معدلات بطالة الأسوأ منذ حرب الكساد العظيم، وانه خطر على الديمقراطية الأميركية لا يؤمن بها. أكدت هاريس أنها تريد خفض الضرائب دون الدخول بتفاصيل ذلك، وهذا وان كان عكس التوجه العام للديمقراطيين، لكنه يستقطب بالتأكيد جمهورا مهما من الناخبين. هاريس دافعت أيضا عن دعمها لإسرائيل طوال حياتها السياسية وسجلها شاهد على ذلك، موحية أن مواقفها ضد ما تفعله حكومة اليمين الإسرائيلية لا يعني انها لا تدعم إسرائيل.
المناظرة خلت من برامجية ومعلومات دقيقة، كانت عبارة عن استعراض حال وهجوم سياسي ومحاولة لاستمالة جمهور الناخبين الذين لم يقرروا بعد من سينتخبون. المنافسة لم تكن على القواعد الحزبية المنضبطة والملتزمة، ولا على الأصوات في اليمين أو اليسار، بل كانت على ما يسمى جمهور الناخبين الذين لم يحسموا امرهم بعد ولم يقرروا وهم القابعون في الوسط السياسي من الخط الايديولوجي، وهؤلاء فئة مهمة لا تريد الاستقطاب الحاد ولا لغة الهجوم، وانما طرح سياسي واقعي يطمئنون له، وهنا تبرز هاريس انها مرشح وازن آمن في حين ان ترامب ورقة جامحة ومغامرة سياسية. هي معركة بين منظومة القيم الأميركية والتعددية من جهة كاميلا هاريس، وبين مرشح جامح يميني يريد تغيير واقع الحال بشعبوية قد تكون مؤذية، وهذا يخيف جهور الناخبين في منطقة الوسط السياسي رغم انه محبب للقاعدة اليمينية لترامب والحزب الجمهوري.