أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني تقرير المعرفة قوة بعنوان «الإنفاق على البحث والتطوير: ماذا تعني الأرقام المتاحة للدول العربية والأردن» بهدف استعراض مجموعة من المشاهدات حول إنفاق دول العالم على البحث العلمي والتطوير، ومصادر هذا الإنفاق، والقطاعات التي يتم الإنفاق عليها، كما قدم المنتدى بعض التوصيات لتوجيه جهود المعنيين في هذا المجال في الأردن، من القطاع الحكومي، والخاص، والأكاديمي، والمؤسسات المختصة.
وأشار المنتدى في ورقته، الى أهمية موضوع البحث والتطوير، والمتمثلة في تنمية المواهب والخبرات وتطويرها في مختلف الأنشطة الاقتصادية، وكونه محرّكًا حيويًّا لمنظومة الابتكار والإبداع داخل اقتصادات الدول، كما يسهم في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد، وخلق براءات اختراع ذات قيمة عالية، وبالتالي تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية للبلاد.
وجاء في التقرير إن إنفاق العالم العربي على البحث العلمي والتطوير منخفضًا نسبيًّا؛ فقد أظهرت نتائج التقرير أن الاقتصادات العربية أنفقت على أنشطة البحث العلمي والتطوير ما بين (0.3% – 1.5%) من الناتج المحلي الإجمالي فقط عام 2021.
وتعدّ دولة الإمارات الأعلى من حيث نسبة الإنفاق على البحث والتطوير (1.5%)، في حين لا تتوافر بيانات منشورة عن إنفاق الأردن في هذا المجال بالرغم من أهميته.
وعلى المستوى العالمي، فقد كان لدى الولايات المتحدة 827 شركة من بين أفضل 2,500 شركة (بإجمالي استثمار قدره 526 مليار يورو)، تلاها الصين بعدد 679 شركة وبإجمالي استثمار 222 مليار يورو. في حين بلغ عدد شركات دول الاتحاد الأوروبي 367 شركة، وباستثمارات إجمالية وصلت إلى حوالي 219 مليار يورو. أما على مستوى الشركات، فقد جاءت شركة ألفابيت (Alphabet) المالكة لمحرك البحث الأشهر في العالم (جوجل) الأكثر إنفاقًا بين الشركات العالمية على البحث العلمي والتطوير عام 2022، إذ بلغ إنفاق الشركة أكثر من 37 مليار يورو.
وعلى الصعيد الإقليمي، جاءت شركتان عربيتان من بين أكثر 2500 شركة في العالم إنفاقًا على البحث والتطوير. هما، «شركة الزيت العربية السعودية» بإجمالي إنفاق بلغ 1.1 مليار يورو على البحث والتطوير، وشركة «المعمورة العالمية المتنوعة القابضة» الإمارتية، وبإجمالي إنفاق بلغ حوالي 430.7 مليون يورو في عام 2022.
أما بالنسبة للقطاعات، فقد بينت نتائج الورقة بأن كبرى الشركات العالمية تنفق بشكل أكبر على قطاع منتجي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبنسبة 22.9% من إجمالي الإنفاق، تلاه قطاع الصناعات الصحية (20.9%)، ومن ثم قطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (20.8%)، وقطاع السيارات (13.8%).
واختتم منتدى الاستراتيجيات تقريره بمجموعة من التوصيات المستندة الى النتائج، والتي تمثلت؛ بضرورة العمل على توفير قاعدة بيانات في الأردن، توثق الأرقام والإحصاءات الخاصة بالإنفاق على البحث والتطوير، ومجالات إنفاق المبالغ المخصصة لذلك في كل قطاع، ممّا يسهم في قياس «عوائد» الاستثمار في البحث العلمي والتطوير بفعالية،وإن غياب مثل هذه البيانات سيؤثر سلبًا على مرتبة الأردن في تلك المؤشرات. كما دعا الى تحديد «أولويات» إنفاق الأموال المخصصة للبحث العلمي والتطوير، من أجل تعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني، وبالأخص في القطاعات التي يمتلك الأردن فيها إمكانات عالية، وتشهد بدورها تطورات سريعة عالميًّا، كقطاعات خدمات تكنولوجيا المعلومات، والأدوية والخدمات الصحية، والطاقة، والمالي، والصناعات التحويلية، والتعدين.
وفي هذا السياق، أكّد المنتدى على الدور المحوري الذي يلعبه القطاع الخاص في دعم أجندة البحث والتطوير، كونه محركاً رئيسياً للابتكار والنمو الاقتصادي.
حيث أن استثمارات القطاع الخاص في مجالات البحث والتطوير تسهم في تعزيز القدرة التنافسية للشركات المحلية، وزيادة الكفاءة الإنتاجية، وتطوير حلول جديدة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية. ودعا المنتدى إلى ضرورة تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتوفير بيئة مشجعة على الابتكار وتوجيه الاستثمارات نحو المشاريع البحثية التي تلبي احتياجات السوق المحلي وتدعم التنمية المستدامة.
كما نوه المنتدى الى وجود فرصة كبيرة للقطاع الخاص المحلي لتطوير منتجاته وخدماته من خلال التمويل الأجنبي، وذلك بتضافر الجهود ما بين الحكومة والقطاع الخاص؛ لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وخاصة من الشركات الأجنبية المعهود لها بنفقاتها على البحث العلمي والتطوير. مشيراً الى ضرورة الاستفادة من الدول التي نجحت في توظيف الاستثمار الأجنبي لغايات البحث العلمي والتطوير، مثل أيرلندا.