برلمان 2024 موعود مسبقا وواعد مقدما. خلفه وأمامه الكثير الكثير من الفرص والتحديات والمعضلات. كان الله في العون. نوابنا قدها، نقول من باب الاعتداد والاستبشار بالخير. لهم في جناحهم التوأم مجلس الأعيان معين -بفتح الميم وضمها- فهم خيرة الخيرة من أعيان المملكة وصفوة الصفوة من بين شخصيات المملكة يختارهم سيدنا عبدالله الثاني بعناية فائقة ذخرا وسندا، تحت القبة وخارجها. مَعين الأعيان لا ينضب أبدا من الخبرات العلمية والعملية، القيادية ذات التقدير والإجماع الوطني سواء من الأعضاء الحاليين أو السابقين أو اللاحقين.
كل فرحة لعضوية نائب جديد قد تقابلها غصة لمن لم يحالفه الحظ، وهذا أمر طبيعي. لذلك من أهم التقاليد الديموقراطية ومن قبلها الوطنية والإنسانية الحضارية هو القبول بالنتائج واحترامها حتى ولو جاءت بما لا تشتهي سفننا. عدم الوصول إلى القبة ليس نهاية المطاف، فكم من قادة في عالم السياسة ونجوم ومشاهير أخذوا فرصهم الحقيقية الواعدة بعد مباركتهم لناجحين من منافسيهم لتظهر الأيام فيما بعد أنهم هم أيضا من الجديرين بالفرصة، والفرص لا تنتهي ما دام هناك مثابر على الجهد بالطرق المناسبة والاتجاه الصحيح.
مهم جدا أن يتم تكريس هذه الثقافة، بحيث لا نرى فقط صور المهنئين بل فيديوهات -حبذا لو كانت رشيقة- تظهر بكلمات بسيطة تهنئة خاسر لرابح أو مبادرة ذلك الرابح بالذهاب إلى مقر حملة منافسين له مهنئا لهم على نجاح الانتخابات، مادّا باسطا يده للجميع للعمل كفريق يمثل دائرة واحدة مثلا أو لواء أو محافظة للعمل كفريق واحد، بحيث يكون منافس الأمس شريك الحاضر والغد، وفي ذلك رسالة وطنية موحدة في الصميم لمؤيدي تلك الحملات، خاصة المتحمسين، مفادها أن البوصلة واحدة والسفينة واحدة، لها ربان واحد والتجديف لا يكون إلا باتجاه واحد يحدده القبطان.
مع اكتمال ظهور النتائج التي ستعلن بشفافية غير مسبوقة حتى عالميا بمعنى كشفها أولا بأول على الهواء مباشرة عبر الإنترنت، مع اكتمالها يكتمل المشهد البرلماني في ركنه النيابي. أيا كانت القراءات في توجهات النواب الجدد السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية المهم اكتمال الواجب الأساسي في تشكيل المجلس النيابي حتى إن جاء عضده المتمم، مجلس الأعيان، كان مجلس الأمة كما أرده الدستور قلبا نابضا للسلطة التشريعية التي لا يستقيم حالها وشقيقاتها القضائية والتنفيذية إلا بالاستقلالية التامة، فلا تداخل ولا تزاحم ولا تنازع وإنما تقاطع وتكامل وتعاضد تحت رعاية حامي السلطات الثلاث وراعيها سيدنا مليكنا وقائدنا المفدى.