عروبة الإحباري – يوسف طراد –
مساء يومٍ من أيام أيلول، إنتهت العطلة!…
ابتعدنا عن دنيا الفرح، والمنازل الدّباشية في الحقول التي تُفرِخ في جدرانها أشجار البطم، وتعشق ثمار هذه الأشجار العصافير.
تلك المنازل التي كانت تختلط بمعالمها روح الريف، سيطر عليها التقليد الحديث، وأصبحت أطلالًا، واختفت منها الخليّة، والجاروشة، والنملِّية، والمذياع الصغير، وجرن الكبّة، والمدقّة وقنديل نمرو(4)…
انتهت عطلة عمرنا، فأعرضنا عن المرح في الوهاد، وصيد العصافير، ولعب الشلِّيخ، والحلجة، والقواميع، والقطّش قريعة والشّبرة نقرة…
ما زلنا نعيش في الرّيف، لكنّ روح الرّيف غادرته، منذ نهاية ربيع العمر. ذاك الرّبيع الذي كانت تزقزق فيه العصافير، مبشّرة بانبلاج الفجر، وكان يمشي الهوينا في الوديان، صاعدًا في عروق الجّبال، فارشًا سجادةً من زهورٍ على مناكب التّلال.
أقبل أيلول، الغصن الذي كان مَقْعَدًا لطائر أبو الحِّن، لم يعّد يضحك، قائلًا في سرّه: يا صديقي إني لم أتمرد على خريفٍ بالرغم من أوراقي الجميلة، اليوم في أيلول أَشْبَهُك في خريف عمرك، فأتّكِلْ واستقبل شتاءك بتقوى، وإخشعْ إلى الذي أرغم السنين والعمر على الخضوع لتتابع الفصول.
تتابع الفصول
37
المقالة السابقة