عروبة الإخباري –
الغد –
الكيان الصهيوني يسعى في الضفة الغربية لتنفيذ نفس المخطط الذي فشل في تحقيقه بقطاع غزة، ألا وهو التهجير، ركيزة المشروع الصهيوني وعماد حركته الاستيطانية في فلسطين المحتلة.
لقد توهم الاحتلال بأن مخططه في القطاع سيمر بسلاسة؛ بتهجير سكان غزة إلى سيناء وتطهير القطاع من المقاومة لمنع تكرار تهديدها وتسهيل سيطرته، ولربما إعادة استيطانه كحال ما قبل 2005، توطئة لتكرار المشهد في الضفة الغربية نحو الأردن، وبالتالي؛ الاستيلاء على كامل الأرض الفلسطينية.
وفي كل مرة «موهومة»، تشرع المنظومة الصهيونية بتسويق خطاب «التبرير» في محاولة «شرعنة» عملية التهجير التي تقوم بها، على غرار محاولاتها الحثيثة لطرد أهل غزة خارج وطنهم، عبر ارتكاب المجازر والجرائم الوحشية بحقهم، تحت ذريعة محاربة «حركة حماس» والقضاء على تهديدها المتواتر للكيان المُحتل.
إلا أن مخطط الاحتلال لم يكن يمر بسهولة، في ظل صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه ورفض مغادرة وطنه، وبفضل ثبات صلابة المقاومة الفلسطينية.
لا شك أن استمرار عمليات المقاومة تُعيق المخطط الصهيوني في فلسطين المحتلة، كما أن كل فعل مقاوم يُجابه به الكيان المُحتل يساهم في تقويض شرعية الوجود الصهيوني، ويُفاقم تصدعاته الداخلية، ويُعمق الفجوة بين أفراد المجتمع الصهيوني والمنظومة السياسية الحاكمة في الكيان المُحتل.
وهذه الإشكالية تتنامى في المرحلة الحالية بشكل متسارع، عبر التظاهرات الحاشدة ضد «بنيامين نتنياهو» والمطالبة باستقالته أو تنحيه، أما ما يسمى «زُورا» بالمعارضة الصهيونية، فلا رهان عليها، فما يجري من مُناكفات ضد الائتلاف اليميني الحكومي تدور في إطار المزايدات السياسية فقط، ففي النهاية لا اختلاف جوهريا بينهم تجاه القضية الفلسطينية.
إن فشل مخطط الاحتلال بالتهجير حينا، لا يعني إلغاؤه، فهو ملازم للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة، وكامنٌ في الإرهاب الصهيوني الاستيطاني الإحلالي وفي الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، فحرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، والهجمات الإرهابية التي تُشن ضد المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بالضفة الغربية، والمذابح والاعتقالات والإبعادات القسرية، ما هي إلا آلية من آليات الاستيطان الصهيوني الإحلالي، ولا يمكن تحقق المشروع الصهيوني بدونها.
ومن خلال التهجير المنظم والمؤسسي، يستطيع الاحتلال تحقيق المراد من التطهير العرقي، أسوة بسجله الدموي من المذابح والمجازر ضد الفلسطينيين، كما يتم بواسطته أيضا إصلاح «الميزان الديمغرافي» بين الفلسطينيين العرب والمستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة، بوصفه هاجسا صهيونيا سيقود إلى كارثة وشيكة الوقوع عند ميله في غير صالحهم، حيث سيقوض سيطرتهم الحصرية على فلسطين، وستموت معه فكرة «الدولة اليهودية» الخالصة، حتى لو كانت مناقضة للواقع.
لن يتوقف الاحتلال عن تنفيذ مخطط التهجير، فهو بالنسبة إليه أداته الرئيسية للتخلص من العدد الأكبر للفلسطينيين، وضمان السيطرة الكاملة على الضفة الغربية لضمها للكيان المُحتل، في ظل ائتلاف يميني وديني صهيوني حاكم يؤمن بفكرة «الوطن البديل»، إلا أن صمود الشعب الفلسطيني واستمرار المقاومة وتمسك أهل الأرض بحقهم وسعيهم لدحر الاحتلال، لن تجعل لذلك المخطط مخرجا، فالحقوق لا تضيع بالتقادم.