في كل عام، نتوقف عند عيد ميلاد جلالة الملكة رانيا العبدالله ليس لنحتفل بشخصها فحسب، بل لنستذكر مسيرتها الملهمة في خدمة الوطن والإنسانية. فهي الملكة التي تجاوزت بإنسانيتها حدود المكان والزمان، لتصبح رمزاً عالمياً للعطاء والقوة والرحمة.
منذ بداية مسيرتها، أدركت جلالة الملكة رانيا أن التعليم هو السلاح الأقوى لتغيير المجتمعات. كانت دائماً تؤمن بأن المعلم هو حجر الزاوية في بناء الأجيال، ولذلك خصصت جهودها لدعمهم، وتمكينهم من أداء رسالتهم النبيلة. وقامت بإطلاق مبادرات تاريخية لدعم التعليم في الأردن، ورفعت من مستوى الطموح في قلب كل معلم. أما الطلاب الأيتام، فقد كانوا دائماً في مقدمة أولوياتها، حيث حرصت على أن تتاح لهم فرص التعليم ذاتها التي تتاح لغيرهم، مؤمنةً بأنهم عماد المستقبل وحملة راية التغيير.
وعندما نتحدث عن الإنسانية، لا يمكن أن نغفل عن دورها العظيم في دعم الأطفال المصابين بالسرطان. في مركز الحسين للسرطان، نجد جلالة الملكة تتنقل بين الغرف، تزرع الابتسامات وتمنح القوة للمستضعفين. ليست زياراتها للمركز مجرد واجب ملكي، بل هي مزيج من الرعاية الحقيقية والأمومة التي تلمس القلوب وتخفف الألم. في كل زيارة، تقدم لهم الأمل بأن الحياة تستحق القتال، وأن النور ينتظرهم في نهاية النفق.
ولم تكن المرأة في الأردن بمعزل عن اهتمام جلالة الملكة رانيا، بل كانت في صلب رؤيتها للتنمية. من شمال البلاد إلى جنوبها، عملت بلا كلل على تمكين النساء في القرى والمناطق النائية، فتحولت تلك النساء من متلقيات إلى قائدات في مجتمعاتهن. مشاريعها الريادية لم تكن مجرد مبادرات عابرة، بل كانت خطوات استراتيجية صنعت الفارق، وغيرت حياة آلاف النساء، ليصبحن مثالًا حيًا على قوة الإرادة عندما تتوفر الفرص.
وبعين ثاقبة، رأت الملكة رانيا في الشابات الأردنيات طاقات كامنة قادرة على إحداث التغيير. دعمت أفكارهن واحتضنت طموحاتهن، فكان لها الفضل في بروز جيل جديد من الرياديات القادرات على قيادة الأردن نحو مستقبل أكثر ازدهاراً. بفضل مبادراتها الداعمة، أصبحت الشابات يقدن مشاريع ملهمة، ويضعن بصماتهن في مختلف المجالات، مشجعات بفضل دعم الملكة غير المحدود.
لكن إنسانية الملكة رانيا لم تعرف الحدود. فقد كانت دائمًا صوتاً صارخاً في وجه الظلم، خاصة تجاه أهل غزة المحاصرين. لم تقف مكتوفة الأيدي أمام معاناتهم، بل كانت تعمل بلا كلل لنقل صوتهم إلى العالم، والدفاع عن حقوقهم في كل المحافل. كانت وما زالت، بجرأتها وشجاعتها، نصيرة للمستضعفين، تطالب بالعدالة والكرامة لكل إنسان.
وأخيراً، لا يمكن أن نتحدث عن الملكة رانيا دون أن نشير إلى تجسيد رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وتعمل ليلاً ونهاراً لتحقيق رؤيتهما لوطنٍ أكثر عدلاً وازدهاراً. يدًا بيد، يجوبان البلاد، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ليضمنا أن كل أردني وأردنية ينالون حقوقهم ويعيشون بكرامة.
في عيد ميلادها، نقول لجلالة الملكة رانيا العبدالله: شكراً لك على كل لحظة بذلت فيها من قلبك وروحك لخدمة الأردن والإنسانية. كل عام وأنت ملكة القلوب، وشعلة الأمل التي لا تنطفئ.