رعى سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، فعاليات المؤتمر السنوي لمجمع اللغة العربية 2024 بعنوان اللغة العربية في جنوبي شرق آسيا.
وأكد سموه، في كلمة له، أهمية تبني استراتيجية قومية عالمية لتعزيز اللغة العربية، تكون موجهة للناطقين بالعربية وبغيرها وذلك لنشر اللغة العربية والحفاظ عليها.
ودعا إلى ضرورة الاعتماد على الفكر العلمي لترجمة الأفكار التجريدية والنظريات إلى برامج عمل ملموسة على أرض الواقع والبحث عن الأنساق وتبني النظرة الكلية لتحري الروابط في المنظومة الفكرية والعلمية.
وأشار سموه إلى أن تعزيز العمل المؤسسي في وضع المعاجم العربية الحديثة سواء العامة أو المتخصصة، والتركيز على الأسلوبية المبدعة في مخاطبة الآخر بجميع المستويات أمر ضروري لتفعيل اللغة العربية عالميا.
ولفت إلى أهمية السعي لزيادة المحتوى العربي تأليفاً وترجمة على شبكة الانترنت، بلغة سليمة بالإضافة إلى تكثيف نشر نصوص مختارة من الشعر العربي تكون موجهة إلى جميع الفئات العمرية.
ونوه سموه أن اللغة ليست نحوا وصرفا وبلاغة فقط، وإنما هي أيضا فكر وتراث ومن هنا يأتي الاهتمام بواقع اللغة العربية في جنوبي شرق آسيا والعالم أجمع من حيث انتشارها ونشرها وتعليمها وتعلمها.
وقال سموه إن ما يجمع الشرق الموسع هو التنوع الديني والثقافي والإثني، ضمن الكيانية أي الهوية الجامعة، مشددا سموه على أهمية التنوع المبني على احترام الآخر.
بدوره، قال رئيس المجمع، الدكتور محمد عدنان البخيت، في مستهل جلسة الافتتاح التي أدارها رئيس لجنة الندوات والمحاضرات في المجمع الدكتور علي محافظة، “لقد درج القول أن الإسلام وصل بلدان جنوبي شرق آسيا عن طريق التجار، لكننا لا نعرف بدقة كيف انتشر الإسلام في تلك البلدان المحاطة بشبه القارة الهندية والصين، وكان كل منهما يسعى بمعتقداته الى النفاذ لهذه البلدان، وافترض أن مؤرخي هذه البلدان قد استوقفهم هذا الموضوع لإيجاد إجابة عنه من خلال النقوش والروايات المحلية وغيرها”.
واستحضر البخيت بكلمته في افتتاح المؤتمر الذي يستمر يومين وحضرته وزيرة الثقافة هيفاء النجار، كتب الرحالة ومنهم القصاص سليمان التاجر عام 851م الذي وصل إلى جزيرة تيومن جنوب غربي من ملقا في ماليزيا، وابن وهب الذي قام برحلته عام 870 م، ودوّن أبو زيد الحسن السيرافي البصري ملخص هاتين الرحلتين في كتاب عنوانه “رحلة السيرافي”.
وبين أن صلة العرب مع هذه المنطقة بدأت بالهجرة المستمرة من جنوبي اليمن الى تلك البلدان، ومع انتشار الطرق الصوفية انتشر الإسلام بين سكانها تعززت مكانة اللغة العربية لديهم.
وفي الجلسة الأولى من المحور الأول الذي حمل عنوان “انتشار اللغة العربية في جنوبي شرق آسيا”، قال أمين عام منتدى الفكر العربي الدكتور الصادق الفقيه في ورقته المعنونة “اللسان المبين: جسر ثقافي بين العرب والملايو”، إن عالم الملايو ينتشر في جميع أنحاء جنوبي شرق آسيا، حيث تقيم غالبية كبيرة في ماليزيا وإندونيسيا وبروناي دار السلام وجنوبي تايلاند وسنغافورة وميندانا وفي الفلبين.
وبين أن لغة الملايو هي لغة مشتركة تستخدم للتواصل والتفاعل الفعال بين هذه المناطق المتنوعة، وصمودها كلغة أجنبية في بلدان مثل الفلبين وتايلاند لا يعزى فقط إلى ارتباطها بثقافة، أو مجتمع معين يستلزم اكتسابها، بل يمكن أن يعزى إلى العديد من المزايا والأهمية التي تقدمها اللغة كهوية دينية وثقافية.
ولفت إلى أن شعب الملايو في جميع أنحاء العالم يرتبط ارتباطا جوهريا بالإسلام، وهذا الانتماء الديني المشترك بمثابة عامل موحد يتجاوز مختلف جوانب حياتهم، ما يوجد إحساسا عميقا بهذه الهوية المشتركة.
وفي ورقة حملت عنوان “وصول اللغة العربية جاوة الشرقية وأسباب اقبال الناس على تعلمها ” للدكتورة جلنار الصوص من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، والباحث محمد الشامي من جامعة الأقصى في غزة وقدمتها الدكتورة الصوص عبر تطبيق التواصل عن بُعد (الزووم)، لفتت إلى أن جاوة الشرقية تحظى بأكبر عدد من مؤسسات تعليم اللغة العربية، مستعرضة الطرق التي وصلت من خلالها اللغة العربية إليها سواء عبر تجار أو علماء أو عبر مؤسسات أو لجان إسلامية.
أما الجلسة الثانية التي تناولت المحور الثاني المعنون “دور العرب في نشر اللغة العربية في جنوبي شرق آسيا” ورأسها الدكتور عباس عبدالحليم عباس، وشارك فيها عبر تطبيق (زووم) الدكتور موتمباي إهونغومو من كلية القانون الكويتية العالمية وحملت عنوان “جهود علماء إندونيسيا المجاورين في الحرمين بخدمة علوم اللغة العربية وتأثيرهم على مجتمعهم: الشيخ محمد ياسين الفاداني نووي الجاوي وعبدالحق الجاوي نماذج”، والدكتورة ريما زهير الكردي من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في السعودية والباحث محمد الشامي، وحملت عنوان دور المملكة العربية السعودية في نشر اللغة العربية في اندونيسيا: معهد العلوم الاسلامية والعربية أنموذجا”.
وتناولت الورقة الأولى من الجلسة الثانية دور علماء جنوبي شرق آسيا (إندونيسيا خاصة) المجاورين في الحرمين الشريفين، وجهودهم في خدمة العربية تدريسا وتعليما لكتبها ومؤلفاتها، وتأليفا لمتون وشروح وحواش في النحو والصرف والبلاغة والوضع، وغير ذلك من علوم العربية وأبرزهم الشيخ محمد نووي الجاوي (ت1314ه/1897م)، والشيخ عبد الحق الجاوي (ت في 1324ه/1906م)، والشيخ محمد ياسين الفاداني (ت 1410ه/ 1990م).
وتتبعت الورقة أبرز جهود هؤلاء الأعلام الثلاثة في تدريس علوم العربية.
أما الورقة الثانية وقدمتها الدكتورة الكردي التي تناولت دور المملكة العربية السعودية في نشر اللغة العربية في جنوبي شرق آسيا عموما وإندونيسيا خاصة ممثلة في معهد العلوم الإسلامية والعربية في إندونيسيا، أبرزت أهم إسهامات المعهد خلال عقود ممتدة منذ تأسيس المعهد إلى يومنا هذا والتوسع في دراسة مدى تطبيق أهدافه، ودوره بتخريج ما يزيد على 21 ألف طالب وطالبة، شاركوا في ازدهار وتنمية المجتمع الإندونيسي ومجتمعات دول جنوبي شرق آسيا.
الأمير الحسن يرعى افتتاح جلسات مؤتمر اللغة العربية في جنوبي شرق آسيا
105