عروبة الإخباري –
لم تدم “نشوة” حزب الله سوى بضع دقائق، إذ سرعان ما تلاشت أمام القوة العسكرية الإسرائيلية، التي نفّذت هجوماً واسعاً باستخدام مئة طائرة، فشل حزب الله في تحقيق أي إنجاز ملموس على الرغم من كل الدعاية التي أطلقها حول نجاحه. ورغم الادعاء الكبير، كانت النتيجة مجرد عودة لسياسات الاستنزاف التي لم تغيّر شيئاً في ميزان القوى، بل حافظت على وضعية الهشاشة التي يعيشها لبنان نتيجة السياسات العدائية التي ينتهجها الحزب.
وفي ذكرى أربعين الحسين، سعى حزب الله لاستغلال المناسبة لبث رسائل تهديد وهمية، حيث زعم استهداف مواقع في محيط تل أبيب، مهدداً بقصفها مرة أخرى إذا دعت الحاجة. ولكن، حتى مع استخدامه للمسيّرات من البقاع، لم يكن لذلك أي تأثير ملموس في مواجهة التفوق العسكري الإسرائيلي الذي ما زال يسيطر على الأجواء ويفرض شروطه.
وعلى الرغم من ادعاء حزب الله بعودة قواعد الاشتباك بعد اغتيال فؤاد شكر، إلا أن الواقع يعكس تراجعاً في تأثير الحزب وقدرته على الرد. وحتى تأخير الرد، الذي تم بناءً على طلب من حركة حماس، لم يكن سوى محاولة فاشلة من قيادة الحزب للبحث عن شرعية مفقودة في الوقت الذي تزداد فيه العزلة الدولية على الحزب وحلفائه.
الردّ الذي شمل استخدام صواريخ “كاتيوشا” وبعض المسيّرات لم يضف شيئاً جديداً، بل كان مجرد محاولة لاستعراض القوة أمام جمهور الحزب الداخلي، في حين تواصل إسرائيل فرض سيطرتها الجوية والتكنولوجية، ما يقلل من قيمة هذه التحركات.
في سياق الدعاية الإعلامية، استمر الحزب في الترويج لمعلومات مفبركة حول استهداف مواقع حساسة داخل إسرائيل، متهماً الحكومة الإسرائيلية بعدم السماح للصحفيين بتفقد قاعدة 8200، في محاولة لتحويل الأنظار عن عدم قدرة الحزب على إحداث أي تغيير حقيقي.
أما في ما يتعلق بحرب المسيّرات والأنفاق، فالمفاجآت التي يدّعي الحزب امتلاكها لا تعدو كونها تهديدات فارغة لم تعد تخيف أحداً. ولو كان الحزب يمتلك فعلاً القدرة على الدخول في حرب شاملة مع إسرائيل، لكان فعل ذلك منذ أشهر، بدلاً من اللجوء إلى استراتيجيات الاستنزاف العقيمة.
على الرغم من محاولات الحزب للحفاظ على صورة “المقاومة” المدافعة عن المدنيين اللبنانيين، إلا أن الحقيقة تؤكد أن سياساته الطائشة تعرض البلاد لمزيد من الخطر، وتفتح الباب أمام موجات جديدة من الاغتيالات والصراعات الداخلية.
ومع دخول المنطقة في مرحلة جديدة من الاستنزاف والمفاوضات المقفلة، يبدو أن حزب الله سيواصل نهجه في التضحية بمصالح لبنان لصالح مشروع إقليمي ضيق، دون تحقيق أي انتصار حقيقي، فيما تظل إسرائيل تفرض سيطرتها بلا منازع.