…. أريد أن أكتب رسالة إلى نانسي عجرم…أريد أن أبوح لها بكل شيء..
العزيزة نانسي: أنت حالة النصر الوحيدة في مجتمعاتنا العربية، الزواج لم يوقف مسيرتك الفنية، والحمل لم يتدخل أيضا في صعود مشاهدات أغنية: (سحر عيونو ونظراتو) على اليوتيوب..والعمر أيضا لم يوقف مسيرة العيون الطامحة برؤيتك..ولا القلوب التي خفقت على بوابات المسرح باحثة عن التذاكر، لم يوقف أيضا غزل الملايين من الشباب العربي على وسائل التواصل الإجتماعي….
تخيلي ذات مرة ظهرت في حفل بدبي، وقد أنقصت وزنك كثيرا…أتدرين يا حلوة! أن وسائل التواصل الإجتماعي ضجت بالبحث عن سبب النحافة، لدرجة أن أحد الأوغاد أطلق إشاعة تقول: إن نانسي فقدت الشهية….وتبين فيما بعد أنه (الريجيم) القاسي..لم يسألوا عن البؤس العربي، عن الملايين المشردة في عواصم الغرب..عن إخفاق برامج التنمية، عن غياب القومية…عن اللاجئين الذين لايعرفون هل سيعودون لوطنهم سوريا أم سيبقون في مخيمات اللجوء..كل تلك القضايا سقطت أمام فقدانك (5) كيلوغرام من وزنك…
أصلا رموش نانسي هي التنمية، وإطلالتها على المسرح تلغي لجوء القلب لليأس..نانسي هي وطن من الحب والحياة، تخيلي يا عزيزتي لو أني من كتب لك كلمات أغنية: (ياطبطب وادلع..ايقولولي أنا اتغيرت عليه،أنا ازعل أولع…) تخيلي ماذا سيكون رصيدي من الشهرة، سأقف في المطارات العربية رافعا رأسي..وتشير الناس لي قائلة: (هيو اللي كتب أطبطب)….سيقومون باستضافتي في محطات مشهورة وأخبرهم أن أول تعاون كان بيني وبين نانسي هو أغنية (يا اطبطب)..وأني الان أحضر لأغنية جديدة…حاولت (أليسا) اختطاف كلماتها لكني رفضت وقلت: هذا الكلام لايقال إلا من فم نانسي…أغنية مطلعها: (أبو عيون مشتائه).
نانسي فعلت الكثير في عالمنا العربي..سقطت الأحزاب، لكن حزب العيون الخضر والرموش الطويلة ظل متألقا حين صعدت على المسرح وغنت: (على شانك إنت وبس)….سقطت كل المشاريع المشتركة التي أقرتها جامعة الدول العربية والمرتبطة بالتنمية والتأهيل…نانسي وحدت كل القلوب العربية في مشروع واحد مشترك هو العشق، ونجح المشروع….انهارت كل القرارات التي اتخذت في العواصم المفصلية..لكن نانسي حين كانت تغني في عاصمة عربية تشرك كل العشاق على المسرح، كانوا يشترون التذاكر ويمتطون الطائرات..لحضور (الوصلة)..أصلا نانسي هي العاصمة والمرتجى والضمير.
منذ (30) عاما يا نانسي وأنا أكتب عن التراب والهوية، عن تمر بغداد وماء دجلة..عن قاسيون وهواه، منذ (30) عاما وأنا أتتبع (خشخشة) الخلاخيل في قصائد نزار…أتتبع نور زيت قرطاج، وأمشي مع سهيل…وأحن لليمن وتفاصيل نجد..وحين أكتب عن فلسطين لا أحس القلم يمشي على الورق…بل هو دمي ودمعي من يكتب….وفي النهاية تكتشف أن من كتب أغنية (يا طبطب يا دلع) هو عند الجماهير العربية أهم من (50) ألف مواطن من شاكلتي…على الأقل هو كتب لنانسي وتراقصت حروفه في حنجرتها…أنا لم يقرأني أحد غير وجعي.. وماذا يفيدني الوجع؟
حين ننظر لواقعنا العربي…أظن أن الحل يكمن في عيون نانسي.