اجواء التفاوض غير المباشر بين «حماس» وإسرائيل متناقضة مابين تفاؤل الأميركان وتلاعب الاسرائيليين وواقعية «حماس»، لكن حتى لو ذهبنا إلى الحد الأقصى من التفاؤل وقلنا أن وقفا للحرب والعدوان سيتم خلال فترة ليست طويلة فأن المعركة الكبرى ستبدأ بعد ذلك.
نحن في الأردن وكل دول الإقليم نحتاج إلى تلك اللحظة التي يتم فيها إعلان وقف الحرب، لأن هذا سيفتح الباب أمام المنطقة لبدء مرحلة ترقب إيجابية تنعكس على المنطقة في تخفيف التوتر وإعادة بعض النشاط الاقتصادي سياحيا وفي كل المجالات، وحينها سيكون التفكير بالخطوة القادمة للدخول الى مرحلة التخلص من آثار الحرب.
لكن داخل غزة ستبدأ المعركة الكبرى وسيكتشف العالم حجم الجرائم الانسانية هناك، ويظهر لنا جميعا واقع سيحتاج مليارات الدنانير لاعادة أبسط متطلبات الحياة فضلا عن الحاجة إلى الإعمار الذي سيستغرق أعواما من العمل وسنوات طويلة سياسية من أجل إقناع دول العالم بدفع الأموال وضمان عدم عودة الحرب والتأكد من هوية الجهة التي ستحكم غزة ومن سيستلم الأموال وكيف ينفقها إضافة إلى موافقة إسرائيل على كل التفاصيل.
وستحمل المعركة الكبرى بعد وقف العدوان أبعادا لا يتحدث عنها أحد وتحتاج إلى سنوات عمل وتمويل مثل الوضع البيئي والصحي وضحايا آخرين ممن فقدوا أطرافهم أو سمعهم أو اجزاء من أجسادهم، إضافة إلى ملف النفايات والاوبئة التي تحتاج إلى عمل قد يحتاج شهورا وسنوات.
وفي المجال السياسي فأن المعركة الكبرى بعد وقف العدوان ستكون مع عقلية ونهج حكومة نتنياهو التي لا تؤمن بحل سياسي ولا إعادة حقوق للفلسطينيين وتفضل ابقاء غزة في حالة فوضى إدارية وسياسية وغارقة في الدمار دون أن تفتح بابا لحل سياسي.
ملف غزة الأصعب سيكون بعد وقف العدوان، فالعالم الذي فشل حتى اليوم في وقف العدوان قد لايكون قادرا على تجاوز المعركة الكبرى بعد وقف الحرب سريعا أو حتى ضمن الحد الأدنى من الوقت..