عروبة الإخباري –
الغد- تغريد السعايدة
منذ انطلاق الدعاية الانتخابية للعام 2024؛ غزت صور المترشحين المشهد العام، وبكم هائل من اللافتات المنتشرة في كل مكان، بما يوصف بـ”العشوائية المفرطة”، ما ضاعف من التشويش البصري، وأثر سلبا على جمال المدينة وشوارعها.
آلاف التعليقات تبادلها ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أثارت موجة من الغضب والاستياء، وذلك ضمن أحاديث العائلات والأصدقاء وفي الجلسات العامة أيضا، كل ذلك حول الدعاية الانتخابية التي تتسم بالعشوائية، وتصل إلى حد “تشتيت العين” جراء تكرار الصور مختلفة الحجم في الشارع الواحد، وتعكس المظهر الحضاري للمكان.
العشوائية والفوضى في الدعاية الانتخابية تعيق أحيانا حركة المرور وتهدد السلامة العامة في الصباح والمساء، حيث تغطي الصور الضخمة والكبيرة الرصيف والجزر الوسطية بالشوارع، مما تحجب الرؤية عن السائقين والمارة، الأمر الذي يستدعي تدخلا سريعا لوضع حد لهذه المخالفات.
ويلمس مواطنون تلك الفوضى في الدعاية الانتخابية. ويعلق محمد نصر على هذه الحالة المنتشرة في الشوارع بقوله” إنها تُشكل تشوها بصريا”، عدا عن كونها تحجب الرؤية بكل لافت، في الوقت الذي يرى فيه أن تلك الصور لا تمكن أن تُعد دعاية انتخابية مؤثرة، هي فقط عرض للصور من دون رسالة انتخابية واضحة، ويرى أن اللجوء إلى منصات التواصل قد يُعد طريقة مناسبة للحد من تلك العشوائية “الفوضوية جدا”.
ويتفق عادل هلسة مع هذا الرأي عبر تعليقاته، مؤكدا أن الدعاية الانتخابية التقليدية لم تعد فعالة كما كانت، وباتت من الطرق القديمة، والأفضل للمترشحين الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر برامجهم الانتخابية بشكل أسرع وأكثر فاعلية.”
تشير الإحصائيات إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن بلغ 10.3 مليون، بينما وصل عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى 6.38 مليون، أي ما يعادل 56.2 % من إجمالي السكان. ويعد فيسبوك التطبيق الأكثر شعبية، حيث يبلغ عدد مستخدميه حوالي 5.3 مليون، مما ساهم في زيادة وصول الإعلانات عبر هذا المنصة إلى 46.7 % من السكان في بداية عام 2024.”
قد يدفع هذا الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي المترشحين إلى تبنيها كأداة أساسية للتواصل ومخاطبة الناخبين على نطاق واسع، وذلك من خلال حملات دعائية بطريقة محترفة ومختصرة في ذات الوقت.
سمح القانون الانتخابي الجديد للمترشحين فرصة الإعلان عن نيتهم الترشح عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل الموعد الرسمي للانتخابات. ومع ذلك، ويحظر عليهم الأنشطة الدعائية المدفوعة أو تقديم هدايا أو مساعدات بعد الإعلان، لضمان تكافؤ الفرص بين جميع المتنافسين.
يرى البعض أن الدعاية التقليدية ما تزال تلعب دورا مهما، خاصة في مناطق ومدن وأماكن معينة حيث يفضل الناخبون هذه الوسائل مثل الصور والملصقات والشعارات. كما أن هناك شريحة من الناخبين لا تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بانتظام، إنما بشكل متقطع. لذا، فإن الجمع بين الدعاية التقليدية وعبر مواقع التواصل يسهل الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الناخبين.
عصام عبيد كتب يعلق كذلك حول الدعاية الانتخابية ليبين أن هذه العشوائية المتعمدة باتت تظهر في مختلف الأماكن والحدائق والشوارع في ذات الوقت، وأن نشر صور المترشحين بغزارة غير مدروس يخفي جماليات المناطق، ويتسبب بردود فعل سلبية على المترشحين.
خبير علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع يتحدث عن طبيعة الدعاية الانتخابية المتبعة في هذه الأيام أو في دورات سابقة، مبينا أن ما يتم اللجوء إليه هو مزيج ما بين الدعاية الانتخابية التقليدية المعتادة، من وضع الصور والمنشورات بالشوارع، وحتى الطريقة التكنولوجية في ذات الوقت عبر مواقع التواصل والترويج للدعاية الانتخابية للمترشح.
ولا ينفي جريبيع أن الصور الدعائية المنتشرة بشكل عشوائي في الشوارع، تشكل إزعاجا واستياء لدى المواطنين، حيث تؤثر على حركة المرور وعلى الشوارع والطرقات والأرصفة والإشارات المرورية والسلامة العامة، بسبب العشوائية وتشوه المظهر الحضاري بطريقة تثير الإزعاج.
هذه العشوائية والفوضى في وضع الصور الدعائية المتلاصقة، تؤدي إلى تشويه المظهر العام للمدينة، وتحجب الرؤيا، وهذا يُعد تأثيرا سلبيا على المترشح نفسه، كون المترشحين يتكلفون مبالغ مالية كبيرة مقابل هذه الصور والإعلانات، لذا، كان من المفترض والأنسب أن يكون تنسيق ما بين المترشحين والجهات المسؤولة لاختيار أماكن مناسبة للجميع في وضع الصور والإعلانات.
وبدخول عالم الدعاية التكنولوجية بشكل ملحوظ، يعتقد جريبيع بأهمية التوجه لتلك الطريقة، حيث تشير الدراسات الأخيرة إلى أن أفضل أنواع التواصل في المجتمعات هو التواصل الوجاهي بعيدا عن الدعايات البعيدة والصور دون تواصل مباشر، ولكن لصعوبة ذلك، فإن التواصل التكنولوجي بات طريقة مناسبة بين المترشح والجمهور، خلال السنوات القادمة سيكون التوجه من خلاله بشكل أكبر بسبب التطور التكنولوجي المتسارع.
وكانت أمانة عمان الكبرى قد وضعت شروطا وتعليمات تتعلق بتنظيم حملات الدعاية الانتخابية لمترشحي عضوية مجلس النواب الأردني 2024، ونصت على منع أي مظهر من مظاهر الحملات الانتخابية للمترشحين قبل تاريخ سريان بدء الترشح لعضوية مجلس النواب، حيث بدأ الوقت القانوني لذلك في العاشر من آب (أغسطس) الحالي، وينتهي قبل 24 ساعة من يوم الاقتراع.
ووفق تلك التعليمات فأنه يتم منع المترشحين استخدام أي نوع من الملصقات، وعدم وضع (اليافطات) على أعمدة الإنارة بشكل يؤثر على السلامة العامة أو تركيب (يافطات) على مسار الباص سريع التردد ومحطاته، وألا تتجاوز مساحة أي يافطة عن(5) م2، ومثبتة بإحكام على جدار المبنى والأعمدة مع تأمين متطلبات السلامة العامة، عدا عن أنها مصنوعة من مادة خفيفة الوزن مثبتة مع عدم إجازة المصنوعة من الخشب أو المعدن أو أي مادة ثقيلة يمكن أن تسبب في حال سقوطها خطرا على السلامة العامة.
كما لم تجز التعليمات وضع أي يافطة على أي مبنى بطريقة تشوه أو تخفي العناصر المعمارية مثل النوافذ والأبواب مع منع وضعها على الأشجار، ويمنع أن تكون تلك الصور أو اليافطات مضاءة، كما منعت إضاءة اليافطات أو وضع اليافطة بشكل يؤدي إلى حجب الرؤية عن أي لافتة قائمة أو مرخصة.