عقد النائب ابراهيم كنعان رئيس لجنة المال والموازنة وامين سر تكتل الوطني الحر مؤتمراً صحفياً في مركز التيار الوطني الحر في جبيدي وأبرز ما قاله
بداية، لم أكن أرغب في الإطلالة الإعلامية للحديث عن أمور حزبية، ما زلت عند موقفي القائل بضرورة معالجتها داخلياً، لا إعلامياً. ولكن بعد التطورات الأخيرة، وما رافقها من مواقف إعلامية وخطوات وتأويلات وتسريبات، وتساؤلات عن موقعي وموقفي، أصبح لزاماً عليّ أن أطل على الرأي العام والقاعدة الحزبية والمناصرين بطريقة واضحة ومختصرة لأقول:
نحن تيار وطني سياسي ولد من رحم وطن عانى من الوصاية والإقطاعية والديكتاتورية فالتقينا على واجب تحريره وإصلاحه وتغييره بقيادة قائد ملهم ألهمنا فألزمنا لنتشارك وإياه مسيرة الحرية والكرامة والالتزام بقضايا الوطن من منطلق وطني لا طائفي ولا حزبي، وإن كنا قد انتظمنا فيما بعد في إطار حزبي، إلا أن مبادئنا لم تتغير في واجب تقديم المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية والطائفية. فللوطن الأولوية على كل تنظيم سواه، وإلا فأين نمارس عملنا الحزبي إذا ضاع الوطن؟
على هذه المبادئ نشأنا وبهديها تمرسنا في عملنا السياسي والحزبي والوطني وفي كل موقع كنا فيه.
ولمن يسأل عن موقف إبراهيم كنعان بعد التطورات الأخيرة أقول، إن المرحلة الراهنة تتطلب لمّ الشمل والحفاظ على دور التيار ووحدته وثقله النيابي. وهذا ما أعتبر أنني كنت وما زلت مؤتمناً عليه قولاً وفعلاً، بالقناعة والعمل، لا كمجرد شعار للمناورة أو لتصفية الحسابات. وتاريخي وممارستي شاهدان على ذلك.
وفي هذا السياق، أذكِّر بأبرز محطتين في هذا المسار الذي اعتمدته في حياتي السياسية والحزبية:
1- الانتخابات الحزبية في العام 2015، ومبادرتي التي أخرجت التيار من حالة الانقسام الحاد التي كان يمكن أن يصل إليها وأدت إلى تزكية جبران باسيل بالتنسيق مع الرئيس العماد ميشال عون.
2- الانتخابات الرئاسية في العام 2016 وقيامي على المستوى المسيحي في العام 2015، بمسعى أوصل إلى اتفاق مسيحي – مسيحي بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية وأدى إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وذلك بعد مواجهات دامية منذ العام 1989.
وبالتالي، لست طارئاً على هذه المبادرات، أو مناوراً ولا أقوم بأجندات شخصية أو أصفّي حسابات.
فأنا صاحب فكر وطني وسياسي ومسيحي يعتبر إن الشرذمة طريق النهاية والانهيار. ولنا في تاريخ الأحزاب اللبنانية أكثر من دليل على ذلك، إذ ما من بيت ينقسم على ذاته إلا ويخرب.
وإذا كان من حقّ القيادة أن تسهر على تطبيق النظام الداخلي للتيار، فمن حقّ القاعدة القلقة ولديها ملاحظات أن يسمع صوتُها في سياق مقاربة الهدف الاساس، ألا وهو مصلحة التيار وتطورّه.
والأكيد أن القلق عند القاعدة، لا يعالج بالتجاهل والتمسّك بالنصوص، بل بالحوار والتفهّم والتواصل الهادئ، لأن الشرخ – أي شرخ من أي جهة أتى – سيضرّ بالتيار وبمبادئه ويؤذي نضاله ويتنكر لتاريخه، كما أن النصوص يجب أن تتكيّف وتتطوّر وفق ما يساعد ويقرّب، لا ما يعقّد ويباعد.
بناء عليه، وللتاريخ، وحرصاً على مسيرة التيار وحاضره ومستقبله، سأقوم، بما تيسّر لي، بعد التطورات المؤسفة التي نشهدها، بمسعى أخير. وأنا على يقين بصعوبته، لا بل ربما باستحالته عند البعض. ولكنني، في بيتي العائلي كما في البيت السياسي مع العماد عون، تربيت على المواجهة في المعارك المستحيلة.
من هنا، أوجه دعوة لحوار جدي وعميق يجمع بين الأصول والقواعد الحزبية من جهة والتضامن والوحدة من جهة أخرى، لذلك وعملياً أقترح الآتي:
1- التراجع عن كلّ المواقف والقرارات المسبقة من فصل واستقالات وإحالات مسلكية.
2- وقف الحملات الإعلامية بين أبناء البيت الواحد.
3- إعطاء مهلة أسبوع لحل إشكالية الالتزام من خلال حوار مباشر يجب ان يبدأ بالتفاهم على سقفه ومضمونه، وهو برأيي الالتزام بنهج التيار ومبادئه أولا” قبل أي أمر تقني أو نظامي أو شكلي آخر، لأن المبادىء تعلو فوق النظم الإدارية.
4- الالتزام بالقرارات الحزبية وفقاً لآلية ديموقراطية واضحة وشفافة تتخطى الشكليات، إلى المشاركة الفعلية في اتخاذ القرار على حد ما قال قداسة البابا فرنسيس عن السينودوسية بأنها:
” أن “نسير معاً” لأن لا أحد يمكنُه أن يدّعي معرفةَ الطريق لوحده ولا أن يدّعي أنه يعرفُ الهدف… وبمعنى آخر، معاً يمكنُنا أن نعرفَ الطريقَ وإلى أين نسير”.
5- عودة الجميع إلى المؤسسة الحزبية والمشاركة في اجتماعاتها وعقد خلوة للتكتل النيابي تضع الخطوط العريضة للأولويات السياسية والوطنية في المرحلة المقبلة كما اعتدنا عليه منذ نشأتنا (2005 – 2018).
أما للسائل عن توقيت المبادرة، وأسباب طرحها اليوم، وعدم القيام بها من قبل، فأحيله على كتابي الموجه لرئيس التيار في 10 نيسان 2024 بعيد فصل النائب الياس بو صعب واللقاءات التي تبعته وسبقته دون أن يكتب لهذا المسعى النجاح.
ويهمّني في هذا المؤتمر، أن أوضح الأمور التالية التي ترد في الإعلام وعلى صفحات وسائل التواصل الإجتماعي:
1- الثوابت الوطنية والإصلاحية والسيادية التي ساهمنا بها جميعاً لاسيما أنا مع الرئيس المؤسس، هي السقف الأول والأخير لي على المستوى الشخصي أو لنا على المستوى الجماعي أينما كنت أو أينما كنا. وهذا يشمل الزملاء الذين فصلوا أو استقالوا وكل كلام آخر لا يعدو كونه محاولات خبيثة من قبل البعض لاستغلال الوضع الداخلي الحالي للتيار والاصطياد في الماء العكر.
2- إن لبنان بحاجة لخرق سريع في جدار الفراغ الرئاسي وأي محاولة لتشكيل تحالف وطني عريض مسيحي إسلامي مرحب به بمعزل عن الانتماء الحزبي، لا بل، فإن المطلوب مشاركة كل الأحزاب بهذا المسعى، إذا قدّر له أن يبصر النور، لأن الوطن قبل الحزب وفوقه.
5- للأمانة أقول لم يخرُج أحد من التيار إراديا”، أكان فصلاً أو استقالة. وكلّ الزملاء المعنيين بهذا الأمر قد صرّحوا علناً أو بالمراسلة، مع قيادة التيار، بعدم رغبتهم بالانفصال.
8- إن مسألة المقاعد النيابية والوزارية والرئاسية، لم تكن يوماً في حساباتي، لا بالأمس ولا اليوم ولا في المستقبل. وتاريخي شاهد على ذلك في مرحلة النضال، داخل لبنان وخارجه، للسيادة لا المناصب، وصولاً الى الحكومات التي تمثّل فيها التيار، حيث لم أتولَّ أية حقيبة وزارية على مدى تسع عشرة سنة تميزت بالعمل الرقابي والتشريعي.
في الختام، يحضُرني ما قاله الرئيس العماد ميشال عون في كتابه “ما به أؤمن”: “الفشل هو في عدم المحاولة، وليس في عدم النجاح”.
بناء عليه، نداء اليوم، محاولة جدّية، آمل من المعنيين تلقفَها، فننجح بالبقاء موحدين…لأن قوِتنا بوحدتنا… ليبقى التيار الوطني الحرّ موحدا” وقويا”.
عاش لبنان.