عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
إنه الامير الراحل زيد والده الأمير شاكر، وهو من الهاشميين الخلص … أكتب عن ذكرى رحيله هذا الشهر آب أغسطس وتحديداً في (30) منه إذ رحل الأمير زيد في 30 / 8 / 2002، بعد حياة حافلة، وقد استعاد لقب الأمير على يد الحسين بن طلال في (4 / 2 / 1996 أكتب عن المناسبة مبكراً لأذكر به اصدقاءه وأحبابه ومعارفه ومن وثقوا به من عسكريين ومدنيين ومن كان له فضل عليهم وهم كثر.
كانوا وما زالوا وقد ورث الكثيرون محبته التي استقرت في نفوسهم، فما ان يذكر حتى يتبع ذكره بالقول رحمه الله، ويطري الكثيرون من سمعته الطيبة المتصلة.
كان سياسياً وقائداً عسكرياً، ولد في عمان، وتدرج في العسكرية حتى وصل منصب القائد العام للقوات المسلحة الأردنية، لمدة 12 سنة متواصلةحمل فيها رتبة المشير وقد كان وفياً مخلصاً طيباً بسيطاً.
رأيته لأول مرة بعد معركة السموع قرب الخليل والتي وقعت في 13 / 11 / 1966. وقد كنت طالبا خرجنا لإستقباله وقد كان الجيش الأردني قد حرك بعدها الكثير من كتائبه الى الضفة الغربية، فوصلت كتيبة دبابات الى معسكر يسمى المجنونة الى الجنوب من مدينة دورا الخليل على الطريق الواصل الى جانب مخيم الفوار، يومها كنا نعود من المدرسة لنصطف تحية لوصول الجيش والهتاف له، وقد كان الشريف قائد لواء الأمير حسن المدرع ال 60 وهو في رتبة عقيد، وقد ترجل من سيارة اللاندروفر، كان ممشوق القامة طويلاً في بزته العسكرية التي كان يعتليها الكثير من الأوسمة والنياشين على صدره وكان مفتول العضلات في سواعد سمراء وقد لوّح لنا بيده مبتسماً ليلهب فينا التصفيق، وقد سألنا أحد المرافقين وأذكر أنه من السرحان، فقال لي هذا الأمير زيد بن شاكر القائد، وقد عدت لرؤيته أكثر من مرة حين كان رئيساً للوزراء في مكتبه وقد ذكرت سيادته بتلك الحادثه ورغبت في أن يتحدث عنها حين أصدرت كتابي عن حكومة الشريف زيد بن شاكر والذي احتوى تعليقات على كتاب التكليف السامي، وقد حدثني عن ذلك باختصار، وقال كنا عسكر وهذا واجبنا قمنا به، وقد أهديته فيما بعد كتابي وألفت كتاباً آخراً عنه باسم الشريف زيد بن شاكر، تحدثت عن دوره وحكوماته وعن والده الذي كان ذراعاً للأمير المؤسس عبد الله الأول، وقد تولى قيادة العشائر، وكان له الفضل في قيادة منتسبي الثورة العربية الكبرى، إذ كان الأمير شاكر مرجعية عشائرية كبيرة ورجل إصلاح وحكمة وعرف عشائري.
وقد وصفه الملك الراحل الحسين، الذي كان الشريف زيد أقرب اليه واكثرهم محبة له بالفتى الهاشمي وقد كان الشريف يدعو ويقصد الحسين ويقول “اللهم أجعل يومي قبل يومه” وهذا ما كان.
قال عنه الراحل الحسين في كتاب التكليف له بالحكومة، “وانت الفتى الهاشمي” ليعكس مدى حبه له وصلته به، إذ كمانا اشبه بالتوأم وقد تطابقت اراؤهم في كثير من الأحيان من القضايا السياسية والاقتصادية.
وحين رحل الحسين أحس الشريف زيد بالغصة الشديدة والمرارة والفقد، ولم يعد يرجو شيئاً الى أن توفاه الله، فكان رحيله مفجعاً لكل من عرفه ولكل من ابناء الوطن الذين أحبوه وأجمعوا على نبل سيرته ومكارم أخلاقه.
نتذكر اليوم وفي هذا الشهر رحيل الشريف زيد،
لقد قرأت كتاب مذكراته التي كان لزوجته نوزت الساطي ام شاكر، الفضل في خروجه للناس، والذي اضاء على جوانب عدة من شبابه وحياته العسكرية والسياسية وعلاقاته وموقعه وتأثيره الوطني الواضح، وقد كان عنوان الكتاب (من السلاح الى الانفتاح).
لقد كتبت عنه أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة تحت عنوان (رحيل الفتى الهاشمي) وما زلت اعتقد أنه لم يأخذ حقه في الكتابة عنه وعن دوره في البناء الوطني، فقد عرفه الأردنيون في الأيام الصعبة وقدروه وأحبوه ووثق به الراحل الحسين واندبه لأخطر المهمات وأهمها، كما كتبت عنه تحت عنوان (زيد بن شاكر أميراً ومشيراً) كما كتب عنه الكثير من الصحفيين والكتاب وذكره الكثير من الأوفياء وما زالوا أمثال، فاضل علي وجمال الصرايرة وكثير من العسكريين الذين كانوا من رفاق السلاح، وقد التقيت بالكثير منهم.
سأبقى اذكر للشريف طبائعه وأخلاقه ومعروفه طالما بقيت اكتب، فقد أدركت أن الكبار لا تنمحى سيرتهم طالما اخلصوا لوطنهم وشعبهم.
رحم الله الأمير زيد بن شاكر، وحفظ له من ذريته من يحمل اسمه ويديم ذكره، وقد كان للأمير شاكر بن زيد نجل الشريف زيد المساهمة المتصلة في دعم البحث العلمي والقدرات لدى الشباب ونشر القيم الوطنية وقيم العدالة الاجتماعية وسيادة القانون وهو الذي يحمل شهادة التخرج في فلسفة العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية في واشنطن عام 1984، وما زال يؤمن بهذا النهج ويعمل على تعميقه بهدوء ووطنية رغم عمله وتفرغه للقطاع الخاص الخاص بعيداً عن الوظائف الرسمية