عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
سألت الضابط في المطار وهو مسؤول في الامن، كيف تقرأ السياحة العلاجية؟ وهل ما زال المرضى يتدفقون كالعادة؟ وهل ما زالت مستشفياتنا جاذبة للعرب والأجانب الذين يبحثون عن اسعار مناسبة وعن مستوى أعلى من العلاج المتخصص والرعاية الطبية؟
الضابط قدم من ملاحظاته وليس من تخصصه، وقال أن أكثر القادمين للعلاج ممن نسألهم عن مقصدهم واين سيتوجهون للعلاج ولماذا وحتى حين يعبئون النموذج فانهم يشيرون الى مستشفى الكندي الواقع في جبل الحسين.
لماذا الكندي؟ قلت له… قال لا أعرف على وجه التحديد، ولكن يبدو أن سمعته الطيبة ونوعية القادمين وتحديداً من دول الخليج لمعالجة امراض السمنة يأتون الى الأردن وهم يعرفون سلفاً الى اين يتوجهون، من المعلومات المتوفرة لديهم قبل وصولهم، وهي معلومات يأخذونها كما عرفت من النت وموقع المستشفى ومن الأقارب والجهات العديدة الأخرى، ومن المرضى الذين تعالجوا واستفادوا وكانوا في ذلك بمنأى عن المضاعفات بعد العملية الجراحية كقص المعدة أو تكميمها، او وسائل أخرى علاجية، حيث الفحوص الدقيقة والتنظيم والمراقبة ونخبة متميزة من الأطباء، في مقدمتهم أشهر طبيب متخصص في السمنة هو الدكتور محمد خريس، الذي يستقبل مرضاه القادمين من مختلف انحاء العالم ومن العالم العربي في عيادته في شارع الخالدي وفي المستشفى الذي هو رئيس هيئة المديرين فيه وهو مستشفى الكندي، حيث التخصصات العديدة والاجهزة الطبية الحديثة والإدارة الدقيقة والمواعيد المرتبة للقادمين قبل قدومهم واستمرار الاتصال بهم، وتحضير كل ما يلزم، وقد درس المستشفى أيضاً إمكانيات توفير خدمات الإقامة في الفنادق واالمواصلات واستقبال أقارب المرضى معهم، وهي خدمات وإن لم تكن جديدة، الاّ أنها أخذت اشكالاً متطورة.
الدكتور خريس الذي دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لكثرة ما أجرى من عمليات متعلقة بالجهاز الهضمي والمعدة، أنجز حتى الآن في مسيرته العملية الناجحة أكثر من 50ألف عملية، وكان قد احتفى بالعملية رقم (50) ألفا وما زال يعمل ويصر مرضاه على أن يتولى أو يشرف شخصياً على حالاتهم.
الدكتور خريس وفر في السنوات الأخيرة هذا المستشفى الكندي ليكون محطة عربية وإقليمية على مستوى دولي للباحثين عن هذا النوع من العلاج، وحرص أن يتابع نفسه رغم توفر كادر متخصص ومميز.
وقال أن بعض المرضى يرغبون في إجراء عملياتهم على يديه في مستشفيات في الخارج وأوروبا وفي دول مختلفة من العالم لاسبابهم وأنه ما زال يلبي هذه الرغبات وخاصة لشخصيات مميزة، وبعض هذه الشخصيات كان من الوزراء والأمراء والرؤساء، وان المهنة تستلزم السرية، لكن أحد القادمين مع المرضى هو من صرح انه يعرف ذلك وان الدكتور خريس قد قام بذلك من قبل وما زال يسافر لبعض هذه المهمات.
كنتُ استمع للحديث الذي كان يتخلله عمل مختلف وحديث محتلف في المطار، واثناء رحلة سفر الى القاهرة وقد اغراني ان أسمع الحوار سيما وان الزائر القادم للعلاج متحمساً، فقد حضر على نفس الطائرة تسعة أشخاص قادمين الى نفس العنوان ولنفس السبب.
أدرك أننا يمكن ان نكون مركزاً عربياً وإقليمياً ودولياً، للعلاج، إذا ما أتقنا إدارة هذه المهمة وإذا ما أعدنا ترتيب وانتاج أوضاعنا لخدمة السياحة العلاجية، فكثير من المرضى ممن يغطيهم الضمان الصحي في بلدانهم وينتظرون أدواراً مزدحمة تستغرق زمناً طويلاً يختارون الأردن للعلاج ويأتون لعدة ميزات تتوفر، وهم يغطون الكلف من ضمانهم، ويحدثوا فروقاً في الاسعار وبيئة أفضل ومناخاً ومعاملة، وهذا أمر قد يهتم فيه القطاع الخاص أكثر إذا ما أخلصت الإدارات العامة في الدولة لتسهيل هذه المهمة وتوقفت عن اعتبار القطاع الخاص “ضرة” لا بد أن تواجه التعقيد وهذا ينسحب أيضاً على التعليم العالي والجامعات.
حان الوقت لتسويق الأردن كمركز للمعالجة الطبية والصحية والتعليم وأيضاً ليكون مركزاً لوجستياً للغذاء انتاجاً وتخزيناً، وهو ما دعى له جلالة الملك، قبل عامين وأكثر حينما بدأت الحرب في اوكرانيا وما زال التنفيذ بطيئاً ومتعثرا
ويحتاج الى إعادة تقييم.
فهل نفتح فرصاً جديدة في هذه المرحلة الصعبة من الواقع الاقتصادي وتراجع في العمل وزيادة البطالة والتنافس؟