أبو الوفا الكنعاني.. «الكيه ناين»!* بشار جرار

عروبة الإخباري –

منذ مطلع العقد الرابع من القرن الماضي، عُرفت في العالم ب «كيه ناين». حرف الكاف بالإنجليزية، عوضا عن «السي» التي تلفظ كافا، يتبعها الرقم تسعة. ليس التسعة هنا رقما وإنما محاكاة للصوت التي تنتهي به هذه السلالة المنحدرة تاريخيا من بلاد الكنعانيين. إنها الكلاب الأصيلة التي تعرف بالغريزة المتوارثة والمهارة المكتسبة كيف تميّز الخير من الشر، تتعقبّ الأشرار بجريرة أفعالهم «الشينة» ولا تنخدع بالمظاهر والاستعراضات البهلوانية أو القوافي وإن بدت في زخارفها اللفظية أو الصوتية الرنانة «زينة»! لا تعير أذانا أبدا لهسهسة ولا قرقعة، تعرف كيف تشم ما تخفيه العطور وإن كانت «بخورا»، وتسحب الغطاء أو البساط من تحت ما تخفيه الصدور. إنها الكلاب التي عرفها العالم باسمها الأصيل، فما «الكيه ناين» إلا ترميز للكلاب الكنعانية الأصيلة وأكثر ما فيها تأصيلا هو الوفاء والشجاعة والذكاء والرشاقة.
تميزت عن غيرها بجيناتها الوراثية التي تعود إلى آلاف السنين، تحديدا إلى 130 ألف سنة، اثنا عشر ألفا منها بصحبة سيده وصاحبه ورفيقه الإنسان المغوار الصيّاد. لم تبدأ قوة «الكيه ناين» سنة 1942 عندما أمر روبرت بورتر باتيرسون (وزير الحرب الذي صار منصبه يشار إليه رسميا بلقب وزير الدفاع منذ عام 1947 في أمريكا) أمر بتأسيس وحدة متخصصة في الجيش، ولاحقا في صنوف أخرى، منها الشرطة بتخصصاتها والإسعاف والدفاع المدني، والجمارك وحرس الحدود، وكل ما له علاقة بالكشف عما قد يخفيه المجرم المتخفي أو المتواري عن الأنظار، تسللا أو اندساسا.
من ميزاتها وهي من الأغلى كلفة إعدادا وتدريبا، الإقدام إلى حد الفداء، الذكاء والقوة والانضباط فلا يُسمع لها صوت، ولا تُرصد لحركاتها وانقضاضها أي ضوضاء أو جَلَبَة، مما يساعدها ومن درّبها على حسم الموقف مع العدو أيا كان -داخليا أم خارجيا- دون حتى أن يستشعر اقتراب الأجل، أجل إلقاء القبض عليه، أو ما هو أبعد من ذلك، إن لزم الأمر.
ما من ثقافة على وجه المعمورة إلا ووصفته بالصديق الأوفى للإنسان. هو لا يعض اليد التي تطعمه فقط، بل وتلك التي تحنو عليه. لا بل وتُصنّف في معايير دراسات السلام وحل النزاعات، بالمسالمة لا مجرد السلمية، فحتى إن آذاها شقيّ أو تعدّى على ما يعنيها أو اقتحم فضاءها، لا تتحرك ولا يصدر منها صوت، ولا يتغير حتى إيقاع أنفاسها ما لم يأذن لها مدربها. تلك بعض مزايا أبو الوفا الكنعاني K9 الذي يبلغ ثمن الواحد منه -ذكرا أم أنثى- ما يصل إلى 45 ألف دولار أمريكي.

شاهد أيضاً

انتقادنا يجب أن يكون واختلافنا موجهاً للأسلوب والتنفيذ

عروبة الإخباري – حفل العدد الجديد من إصدار نشرة النادي الارثوذكسي الشهرية، بعدد من الكتّاب …