عروبة الإخباري –
تُحي الأمم المتحدة ودول العالم اليوم الدولي للأرامل في 23 حزيران من كل عام لإسماع أصوات الأرامل والتعريف بتجاربهن وحشد الدعم الذين يحتجنه، في الوقت الذي يؤكد المجلس الأعلى للسكان أن نسبة الأرامل بين الأردنيات 7.1% مقابل 0.05 % بين الأردنيين، داعيا الحكومات لاتخاذ إجراءات للوفاء بالتزاماتها بكفالة حقوق الأرامل المنصوص عليها في القانون الدولي الذي يتضمن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ويُعد اليوم العالمي للأرامل فرصة للعمل من أجل تحقيق الحقوق الكاملة والاعتراف بالأرامل اللواتي يتم تجاهل احتياجاتهن. ولا تزال هناك ندرة في البيانات الموثوقة عالمياً بشأن ما يتصل بحصولهن على حقوقهن المشروعة في الميراث أو الأراضي والموارد الإنتاجية، فضلاً عن المعاشات التقاعدية والحماية الاجتماعية والعمل اللائق. كما أن فرص التعليم والتدريب والعمل أحد العقبات الرئيسية التي تحول دون وضع السياسات والبرامج التي تهدف إلى التصدي للفقر والعنف والتمييز الذي تعاني منه الأرامل.
إحصاءات عن الأرامل في الأردن
المجلس الأعلى للسكان قال في بيان صحفي إن نسبة الأرامل بين النساء الأردنيات عالية.
وأضاف أنه “عند الحديث عن الترمل يتعين أن لا نقتصر حديثنا على كبار السن فقط، لأن الترمل قد يقع للنساء قبل سن 60 سنة. وبصورة عامة وبصرف النظر عن العمر تبلغ نسبة الأرامل بين الأردنيات 7.1% مقابل 0.05 % بين الأردنيين.”
وترتفع نسبة الأرامل بين النساء بصورة سريعة مع التقدم في العمر، وبينما يبلغ عدد الأرامل بين الذكور الأردنيين حالياً 1471 فقط يبلغ العدد 208277 أرملة بين الإناث الأردنيات.
ولفت المجلس لوجود فرق واضح في الحالة الزواجية بين المسنين الذكور والإناث 60+ سنة، حيث يظهر هنا بُعد النوع الاجتماعي جلياً، فنسبة الأرامل بين المسنين الذكور أدنى بكثير مما هي عليه بين المسنات (نحو 6% مقابل 42%)[1] وفقاً لبيانات التعداد العام للسكان والمساكن 2015. وتؤكد هذه الإحصاءات بيانات المخزون السكاني في دائرة الأحوال المدنية والجوازات لعام 2022 عن الأردنيين، إذ بلغت نسبة الأرامل بين الأردنيين في الفئة العمرية 60 فأكثر (42.8% بين الإناث، مقابل 0.4% بين الذكور).
لماذا هذه الفوارق في نسب الترمل بين الرجال والنساء؟
وقال المجلس إنه تجتمع 4 أسباب وراء الفوارق الكبيرة بين الجنسين في نسب الترمل وهي: (أ) هناك فرق بين الذكور والإناث في العمر المتوقع عند الميلاد، أي في احتمال الوفاة لأسباب بيولوجية واجتماعية لصالح الإناث، إذ تعيش الإناث في المتوسط عمراً أطول من عمر الذكور حيث يبلغ العمر المتوقع بالسنوات (72.3 للذكور مقابل 75.1 للإناث) [1]؛ (ب) وفق العرف الاجتماعي يوجد فارق أيضاً في العمر عند الزواج بين الجنسين، فالعريس في الغالب يكون أكبر عمراً من عروسه، مما يترتب عليه إلى جانب السبب الأول أن تسبق وفاة الزوج وفاة الزوجة في معظم الأحيان أي تترمل الزوجة أولاً، وكلما كان الفارق العمري بين العريسين كبيراً كلما كان احتمال ترمل الزوجة مبكراً وطويلاً؛ (ج) إن فرصة إعادة زواج الأرملة خاصة إن كان عندها أبناء متدنية قياساً بفرصة إعادة زواج الرجل الأرمل، فالثقافة الاجتماعية الذكورية السائدة متسامحة مع سعي الرجل الأرمل إلى زواج جديد حتى بعد فترة قصيرة من وفاة زوجته، بينما تُعيب الثقافة السائدة على الأرملة أن تتزوج حتى وإن سنحت الفرصة لها، فليس لها حرية الاختيار مما يجعل رغباتها غير مستجاب لها خلافاً لما جاء في الوثائق العالمية التي أكدت أن الصحة والحقوق الإنجابية لا تقتصر على الفئات العمرية الشابة بل هي حالة رفاه كامل بدنياً وعقلياً واجتماعياً في جميع الأمور المتعلقة بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته. (د) لا يوجد عدد كافٍ من الأرامل والعزاب الذكور يوازي ويتوافق عمرياً مع عدد الأرامل من الإناث مما يضيف عاملاً آخر يحد من فرص إعادة زواج النساء الأرامل.
تدني فرص إعادة الزواج بعد الترمل بين النساء
وتشير الإحصاءات الواردة في التقارير الإحصائية لدائرة الإحصاءات العامة عن واقعات الزواج حسب عمر العريس والعروس خلال السنوات 2019-2022، أنه رغم ارتفاع نسبة وعدد الأرامل بين النساء مع تقدم العمر قياساً بالذكور كما أسلفنا، إلا عدد حالات الزواج بين النساء 50+ سنة قليلة بينهن قياساً بحالات الزواج بين نظرائهن الذكور، فبينما بلغت حالات زواجهن 3042 خلال هذه السنوات بلغت بين نظرائهن الذكور 12999 حالة خلال الفترة نفسها.
وأضاف المجلس: “لا نعرف عن الحياة الإنجابية والجنسية لكبار السن من الجنسين، سواءً المتزوجين حالياً منهم أو المطلقين والأرامل على حدٍ سواء، لأن مسوح السكان والصحة الأسرية الدورية في الأردن لم يسبق لها أن شملت كبار السن. وتظهر البيانات أن 92% من كبار السن الذكور متزوجون حالياً مقابل 54% من المسنات، لكن في المقابل، فإن نحو 43% من النساء المسنات هن أرامل أو مطلقات مقابل نحو 6% فقط من الرجال هم أرامل أو مطلقين”.
معدلات المشاركة الاقتصادية للنساء الأرامل متدنية
فيما يتعلق بمعدلات المشاركة الاقتصادية بين الأردنيات الأرامل، قال المجلس: “يلاحظ انخفاض معدلات المشاركة الاقتصادية بينهن كما هو الحال لدى النساء بشكل عام في الأردن، إلا أنه لوحظ انخفاض المعدل بشكل كبير بينهن مقارنة ببقية النساء حيث بلغ 2% عام 2022 مقارنة ب 13.9% بين جميع النساء الأردنيات، وكذلك الحال لدى النساء الأرامل اللاتي يرأسن أسرهن حيث بلغ معدل المشاركة الاقتصادية المنقح بينهن لعام 2022 (1.9% ) فقط . وفيما يتعلق بنسبة الأردنيات الأرامل المشتغلات في الفئة”.
فيما يتعلق بمعدلات المشاركة الاقتصادية بين الأردنيات الأرامل، يلاحظ انخفاض معدلات المشاركة الاقتصادية بينهن كما هو الحال لدى النساء بشكل عام في الأردن، إلا أنه لوحظ انخفاض المعدل بشكل كبير بينهن مقارنة ببقية النساء حيث بلغ 2% عام 2022 مقارنة ب 13.9% بين جميع النساء الأردنيات، وكذلك الحال لدى النساء الأرامل اللاتي يرأسن أسرهن حيث بلغ معدل المشاركة الاقتصادية المنقح بينهن لعام 2022 (1.9% ) فقط . وفيما يتعلق بنسبة الأردنيات الأرامل المشتغلات في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر فقد بلغت 2.2% مقارنة بالنساء الأرامل اللاتي يرأسن أسرهن والتي بلغت 31.7% ( انظر شكل 2). الأمر الذي يعكس أهمية تعزيز برامج الحماية الاجتماعية التي تستهدف هذه الفئة من النساء مما يساهم في توفير الحياة الكريمة لهن ولأسرهن .
وشدد المجلس على أنه ينبغي للحكومات أن تتخذ إجراءات للوفاء بالتزاماتها بكفالة حقوق الأرامل المنصوص عليها في القانون الدولي الذي يتضمن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وينبغي أيضا تنفيذ برامج وسياسات لإنهاء العنف ضد الأرامل وأطفالهن، والتخفيف من وطأة الفقر بينهن، وغير ذلك من أشكال الدعم للأرامل من جميع الأعمار.
وأكد المجلس الاعلى للسكان أن تجنب الفارق الكبير بين عمر العريس والعروس عند الزواج سيسهم في الحد من نسب الأرامل المرتفعة بين النساء. وهناك بلا شك حاجة لإجراء مسح أسري لمعرفة ترتيبات المعيشة لكبار السن ومدى رضاهم عن أحوالهم، ومدى تمكين الأرامل بحصولهن على الرعاية الصحية الكافية والتعليم والعمل اللائق والمشاركة الكاملة في صنع قرارهم، والعيش بعيدا عن العنف وسوء المعاملة، لأن هذا سيتيح لهن فرصة بناء حياة آمنة بعد فقدانهن لأزواجهن المعيلين غالباً لهن. والأهم من ذلك، أن إيجاد فرص للأرامل يمكن أن يساعد أيضاً على حماية أطفالهن وتجنب دورة الفقر والحرمان بين الأجيال.