عروبة الإخباري –
النهار – باولا عطية –
أبقى الاحتياطي الفدرالي الأميركي على معدلات الفائدة عند 5.25 و5.5 في المئة من دون تغيير، للمرة السابعة على التوالي، في أعلى مستوى للفائدة منذ 22 عاماً. وبعدما كان الفدرالي الأميركي يتوقع خفض الفائدة ثلاث مرّات في عام 2024، أعلن عن إمكانية خفضها “مرّة واحدة فقط” في هذا العام، وأرجأ موعد البدء في هذا الخفض إلى أواخر كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
فكيف تؤثر #أسعار الفائدة المرتفعة ونسب التضخم في أميركا على قيمة #الدولار والأسواق العالمية؟
يلاحظ أحمد عزام، وهو محلل أول لأسواق المال في مجموعة “إكويتي” الأردنية، أن أداء العملات كان متقلباً بعد لجوء بعض المصارف المركزية العالمية إلى خفض أسعار الفائدة، ومع تقلب أرقام التضخم في الاقتصادات العالمية. يقول لـ “النهار العربي”: “اتجاه العملات صعوداً أو هبوطاً مرهون بتوقعات أسعار الفائدة المقبلة، فالمستثمر ينظر إلى العملات الاستثمارية من منظار ردة فعل الاقتصادات العالمية لارتفاع أسعار الفائدة”، مؤكداً أن الدولار هو الرابح الأكبر متى ارتفعت أسعار الفائدة. فهو العملة التي يتوقع أن تسجل الفائدة الأعلى حتى نهاية عام 2024، تزامناً مع نمو اقتصادي إيجابي، “ولذلك سيكون قبلة المستثمرين”، كما يضيف.
ويستدرك عزام بالقول إن فوائد الدولار الذي يعززه ارتفاع أسعار الفائدة تتحول إلى مصائب تنزل بالدول الناشئة، خصوصاً تلك التي تمر بوضع مالي حساس. يضيف: “إن خفض قيمة العملة في الدول النامية مقابل الدولار يزيد عليها تكلفة الواردات، كما يزيد ديونها الخارجية. وعندما تنوي سداد ديونها، تحتاج إلى صرف مبالغ أكبر من عملتها المحلية لشراء الدولار، والأمر نفسه ينسحب على استيراد الطاقة أو الغذاء أو المواد الخام”.
أما أسواق الأسهم، فقد سجّلت برأيه حالةً “فريدة ومختلفة” في عامي 2023 و2024، “لأنها لم تستجب للأزمات المصرفية ولأسعار الفائدة المرتفعة، إنما اتجهت صعوداً في قفزات متتالية متأثرة بعوامل أخرى، كطفرة الذكاء الاصطناعي مثلاً”، كما يقول عزام. فبرأيه، لولا ثورة الذكاء الاصطناعي “لكنّا شهدنا ضعفاً في أداء الأسهم الأميركية”.
المستهلك شرهٌ
إلى ذلك، يلفت حازم الغبرا، المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية، إلى أنّ أثر التضخم في الولايات المتحدة ينسحب على دول العالم كلها، بسبب “دولرة” التعاملات التجارية العالمية. ويقول لـ “النهار العربي”: “ما دامت معدلات الفائدة مرتفعة، يبقى سعر صرف الدولار مرتفعاً، وهذا يؤثر مباشرة في سعر صرف العملات الأخرى”.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع في تقريره المعياري للمراقبة المالية، الذي نشر في نيسان (أبريل) الماضي، أن يصل العجز المالي الأميركي إلى 7.1 في المئة في العام المقبل، أي أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط الاقتصادات المتقدمة الأخرى البالغ اثنين في المئة، محذراً من أن هذا العجز المالي، إضافة إلى مثيله في الصين، يشكلان “مخاطر كبيرة” على الاقتصاد العالمي.
فهل نحن أمام ركود أتٍ، يبدأ بالولايات المتحدة ويعمّ العالم؟ يستبعد الغبرا ذلك قائلاً إن المستهلك الأميركي شرهٌ، وإن الاستهلاك الأميركي خالف التوقعات، فلم ينخفض كثيراً، على الرغم من ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، على أساس شهري، بنسبة 0.2 في المئة في أيار (مايو) الماضي مقارنة بنيسان (أبريل)، وثمة توقعات بأن يستقر عند مستوى 0.3 في المئة.
العين على #الذهب
من جانب آخر، تحدّ أسعار الفائدة المرتفعة من حجم الاستثمارات الأجنبية، إذ تزيد تكاليف الاقتراض ومخاطر صرف العملات، وتؤثر في تسعير الأصول مثل الأسهم والسندات الحكومية والعقارات، لكنها تغري المستثمر لشراء الصكوك في الخزانة الأميركية، بحسب الغبرا، خصوصاً أن مردودها عالٍ عند 5 في المئة، ومخاطرها شبه معدومة.
غير أن عزام يلفت الانتباه إلى عامل آخر: الذهب. يقول إنّ عائدات السندات ترتفع بارتفاع أسعار الفائدة، “لذا يذهب المستثمرون إلى تغطية أصولهم النقدية بما يسمى ’غطاء التضخم‘، وهو الذهب”، الذي سجل أفضل أداء بوصفه ملاذاً آمناً في ظل حالة من عدم اليقين يشهدها العام الجاري، نتيجة ظروف اقتصادية وجيوسياسية غير مستقرة.
ويذكر أن سعر الذهب ارتفع 0.8 في المئة، إلى 2,373.31 دولار للأونصة، في تعاملات يوم الخميس، نتيجة إعلان الفدرالي الأميركي استمراره في تثبيت أسعار الفائدة.
أخيراً، لا يرى عزام أن التوتر في البحر الأحمر أثّر كثيراً في نسب التضخم، “خلافاً للتوتر الجيوسياسي الناشئ من الحرب في أوكرانيا، التي كان لها أثر قصير المدى على ارتفاع أسعار #النفط والغاز الطبيعي”. يضيف: “نستنتج من هذا الأمر أن تأثير التضخم قد لا يكون مباشراً في أسعار السلع، لكنه قد يؤدي إلى ارتفاعات متتالية في نسب التضخم”.