عروبة الإخباري –
لا يختلف اثنان على ان قضية تسريب اختبارات الثانوية العامة، التي شهدها اختبار مادة التربية الاسلامية لطلبة الصف الثاني عشر أزمة حقيقية، ويمكن اعتبارها ملف أمن وطني، لما لها من تأثير في مستقبل أجيال وبالتبعية مستقبل وطن.
ورغم ان اجراء الغاء الاختبار قد يكون منطقيا، إذا افترضنا ان وزارة التربية نفدت منها جميع الحلول الأخرى، باعتبار ان الاختبارات الاحتياطية كانت مسربة أيضاً، الا انه غفلت عن وزارة التربية أمور عديدة كان يجب ان تنتبه لها في هذا الملف.
فالمسؤولية التي تقع على عاتق وزارة التربية، ليست مسؤولية مقررات دراسية، واختبارات ودرجات وشهادات فقط، فهي مسؤولية تربوية أولاً، وهو ما يتجلى من تسمية الوزارة، أي ان من مسؤولياتها تربية أبناء هذا الوطن، وزرع القيم لديهم، وتعزيز المبادئ الايجابية في نفوس الناشئة، الا ان منظومة التربية سقطت في أولى اختبارات مسؤولياتها التربوية.
فما حصل يوم الاثنين من الأسبوع الماضي في اختبار التربية الاسلامية، ما كان الا تحميل الطلبة وزر ذنب لم يرتكبوه، وخطأ لم يكن خطأهم، بل خطأ إجراءات الوزارة ذاتها، فالطلبة الذين حضروا ملتزمين الى قاعات الاختبار بالموعد المحدد، أُبلغوا بتأجيله لمدة ساعتين، ثم بعد مرور الساعتين وبقائهم تحت الشمس الحارقة في ساحات المدارس، أُبلغوا بترحيل الاختبار الى يوم آخر، دون أن تكلف الوزارة نفسها عناء الاعتذار منهم، ولو بكلمة في بيانها.
فوزارة التربية التي عاقبت المتسببين بحادثة التسريب، لم تضمن بيانها شديد اللهجة، أي عبارة تبين تقديرها للطلبة الملتزمين ممن حضروا للاختبار مستعدين لأدائه، بينما دفعوا ثمن دناءة نفس البعض من الذين سربوا الاختبارات، الأمر الذي كان خير مصداق ان وزارة التربية لم تعزز قيمة الوقت والالتزام لدى ابنائها الطلبة، وكذلك مبدأ حفظ الأمانة لدى الطلبة بعد اكتشاف ان التسريب جاء من الطلبة.
اضافة الى ذلك، فإن وزارة التربية كذلك، لم تهيئ الأجواء المناسبة والصحية للطلبة لأداء اختباراتهم، فنحن نعلم مدى الضغط النفسي، والتوتر الذي يقع تحته طالب الثانوية العامة، كونه يؤدي اختبارات قد تكون هي المحدد الرئيس لمستقبله الدراسي والمهني لاحقاً، وهو أحوج ما يكون لبيئة اختبارات صحية بلا منغصات، الا ان ما حصل كان أبعد ما يكون عن تهيئة هذه البيئة الصحية للطلبة، الذين هم ابناؤنا ونعول عليهم لبناء وطن وادارة مشاريع تنموية هي حلمنا الذي بدأنا نشعر بتحقيقه شيئاً فشيئاً.