في العاشر من حزيران تطل علينا ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش، مناسبات كبيرة برجالاتها الذين قادوا الأمة للمجد والعلياء، فشكلت الثورة البداية الأولى لنهضة الأمة ووحدتها، فمثلت الثورة منعطفا تاريخيا طال مناحي حياة الأمة جميعها، حمل فيها الهاشميون لواء الثورة ورسالة نهضتها وآمال اليقظة العربية، لتحقيق الرفعة والكرامة والحياة الفضلى لكل العرب.
لم تكن الثورة العربية الكبرى وليدة لحظات، بل كانت تراكمات كثيرة من الاستعداد والتحضير والتفكير للمضي في سبيل تحقيق الهدف والأمل المنشود.
وكان الجيش العربي وارث رسالة الثورة العربية الكبرى، وهو الامتداد الطبيعي لجيشها وفيلق من فيالقها ارتبط تاريخه بتاريخها ارتباطاً عضوياً وتشكلت نواته من النخبة التي اتحدت تحت راية سمو الأمير عبدالله بن الحسين في الحادي والعشرين من تشرين الأول عام 1920 في معان بعد أن كان لها الدور الكبير في عمليات الثورة العربية الكبرى التي انطلقت من بطحاء مكة على يد الشريف الهاشمي الحسين بن علي عام 1916.
شكل الجيش العربي ركناً أساسياً من أركان الدولة الأردنية لما له من مساهمة كبيرة في تطور الدولة وتحديثها على المستويات كافة، فكان ينمو مع نمو الدولة، ويتطور بفضل الرعاية الهاشمية المتواصلة منذ عهد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين الذي أراد له أن يكون جيشاً عربياً مقداماً يحمل راية الثورة العربية التي استمدت ألوانها من رايات الأمويين والعباسيين والفاطميين، ومن ثم أكمل بنو هاشم مسيرة بناء هذا الجيش منذ عهد المغفور له الملك طلال بن عبدالله، وجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وصولا إلى عهد جلالة الملك عبدالله الثاني الذي أكمل المسيرة ووصل بالأردن وجيشه المغوار إلى مراتب التميز.
فمنذ اللحظة الأولى لتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية أولى القوات المسلحة جل اهتمامه ورعايته، لتواكب العصر تسليحاً وتأهيلاً فسعى جلالة القائد الأعلى لتطويرها وتحديثها لتكون قادرة على حماية الوطن ومكتسباته والقيام بمهامها على أكمل وجه، مثلما سعى إلى تحسين أوضاع منتسبيها العاملين والمتقاعدين، حيث أصبحت مثالاً وأنموذجاً في الأداء والتدريب والتسليح تتميز بقدرتها وكفاءتها القتالية العالية، ليصبح الأردن دولة الإنتاج والاعتماد على الذات حتى يتمكن هذا الجيش من ممارسة دوره وتلبية احتياجاته.
من جانب آخر، فقد ترسخ حضور القوات المسلحة الأردنية في ميدان حفظ السلام العالمي كقوة فاعلة، استطاعت هذه القوات خلالها أن تنقل للعالم صورة الجندي الأردني وقدرته على التعامل بشكل حضاري مع ثقافات العالم المختلفة، وأصبح الجيش العربي الأردني يرفد الدول الصديقة والشقيقة بالمدربين والمختصين المحترفين في مجال عمليات حفظ السلم والأمن الدوليين، وتم إنشاء معهد تدريب عمليات السلام كمركز إقليمي وعالمي للتدريب.
ولم يغفل الجيش العربي واجبه تجاه الأهل والأشقاء، فكان جيشاً للأمة العربية جمعاء، يمد لهم يد العون والغوث والمساعدة، وها هو بدوره يمد إخوانه في غزة بالمساعدات الإغاثية كاسراً الحصار المفروض عليهم، فاتحاً الجسور البرية والجوية لدعم صمودهم ومساندتهم في محنتهم، وسيبقى عند حسن ظن قيادته به جيشاً لكل العرب كما أراده الهاشميون، وسيظل بعزم القيادة الهاشمية الحكيمة وهمة أبنائه الأوفياء المخلصين سياج الوطن وحصنه المنيع.
وكل عام والوطن وقائد الوطن وقواته المسلحة بألف خير.
الأردنيون يحيون ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش
31