عروبة الإخباري –
شهدت الصناعة الأردنية تطورا كبيرا خلال العقدين الأخيرين، بفعل الدعم والاهتمام الذي تتلقاه من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حيث تفخر الصناعة الوطنية بأنها تعمل على تحقيق دعوة جلالته بضرورة الاعتماد على الذات، من خلال تطوير الصناعات الاردنية وتنويعها، حيث أثبتت جائحة كورونا، قدرة الصناعات الوطنية على تغطية احتياجات المواطنين الاساسية من المواد الغذائية والمعقمات والمنظفات والكمامات، حيث لم يشعر المواطن بأي نقص بهذه المواد، رغم تعطل سلاسل التزويد الدولية، كما وفرت الصناعة الوطنية خلال الفترة الحالية ?لبديل المحلي للمنتجات التي تنتجها الدول الداعمة للعدوان الغاشم على غزة.
حيث اكد الملك في مختلف المحافل المحلية والعالمية أيضاً على ما تمتلكه الصناعات الوطنية من إمكانات وقدرات تؤهله ليكون مركزاً إقليمياً في مختلف صناعات مختلف الإستراتيجية وذات القيمة، ولعل هذا انعكس جلياً في رؤية التحديث الاقتصادي التي وضعت القطاع الصناعي، وعدد من قطاعاته الفرعية على رأس القطاعات ذات القيمة المساهمة في تحقيق اهداف الرؤية وتعزيز التنمية الاقتصادية.
فعلى صعيد الصادرات الصناعية، فقد حققت قفزات هائلة منذ تولي جلالته مقاليد الحكم، حيث تمكنت المنتجات الوطنية من الوصول الى أكثر من مليار ونصف مستهلك داخل أكثر من 148 سوق حول العالم، والتي إرتقت من حوالي 993 مليون دينار خلال أواخر القرن التاسع عشر لتسجل قيمتها السنوية ما يزيد عن 8.1 مليار دينار خلال 2022، وإلى 6.5 مليار دينار خلال العشرة أشهر الأولى 2023.
وحقق القطاع الصناعي أيضاً قفزات نوعية على مستوى الإنتاج، فقد حققت القيمة المضافة للقطاع إرتفاعاً من حوالي 1 مليار دينار خلال العام 1998 لتصل الى ما يقارب 7.33 مليار دينار خلال العام 2022، وهذا ما يمكن ملاحظته أيضاً من خلال إرتفاع مساهمة القطاع الصناعي من ما يقارب 19% من الناتج المحلي الإجمالي لتصل الى حوالي 21.7% خلال العام 2022، حيث أن تلك القفزات الكبيرة والتطور الحاصل للقطاع مكننا من إعتباره قطاع إستراتيجي واعد وقائد لجهود التنمية الاقتصادية المبذولة من قبل جلالته.
كما ارتفع عدد المنشآت الصناعية من حوالي 4 الاف منشأة فقط خلال العام 1999 لتصل اليوم الى أكثر من 18 الف منشأة صناعية منتشرة في كافة محافظات المملكة، وكل هذه القفزات الايجابية تؤكد على جهود القيادة الهاشمية في جذب الاستثمارات الخارجية وتحسين البيئة الاستثمارية في المملكة.
واصبحت الصناعة اليوم عامل جذب للاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء، ليصل حجم الاستثمار الصناعي الى ما يقارب 15 مليار دينار، وليتضاعف حجم رأس المال المسجل لكافة منشآته ليصل لأكثر من 4.54 مليار دينار، موزعة على كافة منشآته الصناعية والحرفية.
وتجسيداً لاهتمام القيادة الهاشمية وتقديرها لليد العاملة المنتجة والمطورة على مدى العقود الماضية، فقد كانت الأردن من أوائل الدول العربية في انشاء مراكز التدريب المهني والتقني وتطوير منظومة التعليم، وهذا ما انعكس على عدد العاملين في القطاع الصناعي الذي أصبح اليوم يوظف ما يقارب 268 الف عامل وعامل جلهم من الأردنيين، لتسهم بذلك الصناعة المحلية بما يزيد عن 21% من القوى العاملة في الأردن، مقارنة مع حوالي 140 الف عامل خلال العام 1999.
وقد سعى جلالته جاهداً خلال الفترة الأخيرة لبناء اقتصاد وطني قادر على الاعتماد على الذات، وتحسين الظروف المعيشية للأردنيين، فقد وضع جلالته على رأس أولوياته النهوض بالاقتصاد الوطني ومعدلات التشغيل وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين.
وتجلت جهود جلالته الحثيثة مؤخراً بإطلاق رؤية التحديث الاقتصادي 2033 التي تم البدء في تنفيذها مطلع العام الماضي، والتي حَمِلت الرؤية بين طياتها خطط وبرامج وأولويات قادرة على تحقيق مستقبل أفضل للاقتصاد الوطني وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين خلال السنوات العشر القادمة.
وتهدف الرؤية الى تعزيز صلابة الاقتصاد الوطني، من خلال جذب المزيد من الإستثمارات المحلية والأجنبية بما يقارب 41.4 مليار دينار خلال الفترة القادمة، ضمن منهجية عمل واضحة وخطط عملية مدروسة، بما يصل في نهاية المطافة إلى تلبية كافة احتياجات الوطن والمواطنين وفق الإمكانيات المتاحة.
تبنت الرؤية القطاع الصناعي كأحد أهم ركائز النمو والتنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، بإستهداف رفع إنتاجية القطاع من 5.3 مليار دينار الى حوالي 11.1 مليار دينار مع حلول عام 2033، بالتالي زيادة حجم الصادرات الصناعية من ما يقارب 4.8 مليار دينار عام 2021 الى حوالي 19.8 مليار دينار خلال نهاية العام 2033، إلى جانب إستحواذ القطاع الصناعي على ما يقارب ثلث فرص العمل التي إستهدفتها الرؤية بحوالي 314 ألف عامل.
كما اهتم جلالته اهتمام خاصاً بتحسين وتطوير بيئة منافسة للاستثمار على مستوى المنطقة من خلال توفير حزمة متكاملة من التشريعات الجاذبة للاستثمار وابرام اتفاقيات للتجارة الحرة الثنائية ومتعددة الأطراف والتي أتاحت للمنتج الوطني الوصول إلى أكثر من مليار ونصف مستهلك حول العالم، ومهدت لأن يصبح الأردن اليوم مركزاُ إقليميا آمناً، محط أنظار كبرى المنظمات العالمية والمستثمرين من شتى أنحاء العالم.
وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، استطاع جلالته بقيادته الحكيمة ورؤيته وتطلعاته بمستقبل واعد للأردن، تعزيز شراكته مع مختلف الدول في كافة المحافل العالمية، وايصال صورة مميزة عن واقع الأردن وما يمتلكه من مقومات وميزات جغرافية وسياسية واقتصادية واجتماعية؛ جعلت منه بيئة استثمارية متميزة؛ فقد كانت وما زالت قضية جذب الإستثمارات والحفاظ على القائم منها على سلم اولويات جلالته في كل الزيارات والخطابات، ما انعكس إيجاباً على اقتصادنا الأردني وساهمت بشكل كبير في تشغيل الكثير من شبابنا الأردني.
وانضم الأردن لعضوية منظمة التجارة العالمية؛ انطلاقاً من توجهات ملكية للنهوض بالتجارة الخارجية للأردن، وهو ما أوجب القيام بجملة من الإصلاحات القانونية الحاكمة لسياساته التجارية وبما ينسجم مع شروط المنظمة وأهدافها؛ فقد تم تعديل واستحداث عدد من القوانين خاصة في مجال الملكية الفكرية، والمواصفات والمقاييس وحماية الإنتاج المحلي والضريبة العامة على المبيعات والجمارك والمنافسة، الى جانب نظام استثمارات غير الأردنيين وغيرها من الاصلاحات التي شهدتها البيئة التشريعية للمملكة وبما يؤسس لبيئة عمل ممكنة ومحفزة لقيام الاس?ثمارات والمشاريع.
وقد كان انضمام الأردن لمنظمة التجارة العالمية من الخطى الكبيرة والمتسارعة للأردن لفتح أبواب وأفاق التجارة أمام المنتجات الوطنية، وذلك في افتتاح أسواق ما يزيد عن 150 دولة أمام الصادرات الأردنية من السلع والخدمات ضمن بيئة واضحة وشفافة من الإجراءات والقوانين والأنظمة.
كما أنها مهدت الطريق لتوقيع الأردن لعدد من اتفاقيات التجارة الحرة وبعضها كانت الأولى مع دولة عربية كإتفاقية التجارة الحرة مع كندا والتي وقعت خلال العام 2010، إضافة إلى العديد من اتفاقيات التجارة الحرة التي لعبت دوراً ايجابياً في اقامة منطقة تجارة حرة، ساهمت في رفع سوية العلاقات التجارية الثنائية وتعزز المشاريع المشتركة فيما بينها، بفضل ما تحمله من اعفاءات وامتيازات تضمن الحماية والدعم للصناعة الأردنية، كاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الامريكية، واتفاقية التجارة الحرة مع سنغافورة، اتفاقية تسبسط ق?اعد المنشا مع الإتحاد الأوروبي وغيرها الكثير، وهذا ما يؤكد الفكر السياسي والقيادة الحكيمة لدى جلالة الملك.