تحظى زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة إلى الأردن، الأربعاء، بدعوة من أخيه جلالة الملك عبدالله الثاني بأهمية خاصة، لا سيما وأنها الزيارة الرسمية الأولي لجلالته للأردن منذ توليه الحكم في سلطنة عُمان، ما يعكس حجم الاحترام والتقدير الذي يكنه كلا البلدين والقائدين للآخر ويؤشر على العلاقات المتميزة التي تربط البلدين الشقيقين.
وهناك أهمية بالغة لهذه الزيارة في تعزيز آليات التنسيق والتعاون العربي في خدمة القضية الفلسطينية، وتزيد من التناغم المعتاد في الرؤى السياسية بين قائدي البلدين اللذين يشددان دائما على ضرورة النظر بحكمة وإصرار لملف القضية الفلسطينية وتنبيه العالم في كافة المحافل الدولية بأهميتها.
وتأتي الزيارة في وقت تشهد فيه المنطقة خاصة فلسطين وقطاع غزة تطورات غير مسبوقة أبرزها العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة والذي لم يتوان الزعيمان منذ بدئه ببذل كل جهد ممكن لوقف هذا العدوان وتمكين الأشقاء الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة.
كما أن هناك العديد من الملفات الحيوية التي ستطرح على جدول أعمال القمة الثنائية، تتقدمها العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، والتي استمرت على مدى 53 عامًا منذ أن أرسى قواعدها المغفور لهما بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد وأخيه جلالة الملك الحسين بن طلال على مدى سنوات طويلة، وبقيت أنموذجا مميزًا للعلاقات الأخوية والتعاون العربي العربي والتفاهم الذي انعكس على علاقة البلدين.
وأكد السفير العماني لدى الأردن فهد بن عبدالرحمن العجيلي أن الزيارة تبعث برسائل مفادها أن سلطنة عُمان والأردن لديهما تاريخ يتحدث عن نفسه وعلاقة فريدة.
وأضاف تكتسب الزيارة أهمية استثنائية لكونها الزيارة الرسمية الأولى لجلالة السلطان المعظم بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد.
وأشار إلى أن هناك مضامين كبيرة تحملها الزيارة في ظل مستجدات إقليمية ودولية، وتزيد من التنسيق الدائم والمشترك بين البلدين في القضايا ذات الاهتمام المشترك، لا سيما القضية الفلسطينية.
وأكد أن العلاقات الثنائية بين البلدين اتسمت دائمًا بالتوافق في المواقف المصيرية التي تهم الأمة العربية، والتعاون في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار للبلدين وللمنطقة بشكل عام، وشهدت تطورًا ملحوظًا في مسارها منذ البداية وعكس ذلك مدى التقارب بين الشعبين العُماني والأردني اللذين تجمعهما اللغة والدين والعادات والتقاليد المشتركة، وقد توجّت هذه العلاقات بالتواصل المستمر بين قيادتي البلدين اللتين أسستا أنموذجًا يحتذى به في العلاقة بين بلدين وشعبين عربيين شقيقين.
وبين أن أهمية الزيارة تتمثل في توطيد التعاون التجاري والاستثماري والمجالات الأخرى، لافتا إلى أن التعاون الاقتصادي هو محط اهتمام زعيمي البلدين اللذين اتفقا في الزيارة الرسمية الأخيرة التي قام بها جلالة الملك إلى مسقط في تشرين الأول 2022 على توسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين، وضرورة رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين الشقيقين.
وبين أن عدد الشركات المسجلة في سلطنة عُمان التي بها مساهمة أردنية بلغت 988 شركة حتى نهاية عام العام الماضي، وتبلغ القيمة الإجمالية لرأس المال المستثمر حوالي 208 ملايين ريال عُماني، وتعد شركة فيلكس للصناعات الدوائية بالمنطقة الحرة في صلالة من أكبر الشركات الأردنية المستثمرة في سلطنة عُمان بقيمة استثمارية بلغت 23 مليون ريال عُماني، كما استثمرت المملكة الأردنية الهاشمية بقطاع التعليم العالي في سلطنة عُمان، وقد وقّعت مؤخرًا الشركة العُمانية لدرفلة الألمنيوم اتفاقية توريد لفائف الألمنيوم المدرفل مع الشركة الأردنية لصناعة الألمنيوم (أوربت)، ومن المتوقع أن تكون قيمة العقد لهذا العام ما يقارب من 15 مليون دولار.
وبين أن العامين الماضيين شهدا زيادة في تبادل الوفود التجارية وتوثيق التواصل والشراكة على مستوى القطاع الخاص، والنهوض بالتبادل التجاري وتنويعه، حيث يسعى الجانبان العُماني والأردني إلى تفعيل التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف قطاعات الاستثمار والتجارة والصناعة، وإلى الاستفادة من الفرص المتاحة للاستثمار والتبادل التجاري المشترك، مشيرا إلى أنه جرى توقيع مذكرتي تفاهم أخيرا بهذا الخصوص.
وقال هناك مشروعات اقتصادية نأمل استكمال التباحث بشأنها تخص قطاعات التعدين من خلال الاستثمار في سلطنة عُمان أو توطين الاستثمار العُماني في الأردن، كما نطمح إلى استكمال مباحثات التعاون بين البلدين في قطاعات الأدوية وتقنية المعلومات، وهناك العديد من مشروعات مذكرات التفاهم يجري التنسيق بشأنها في قطاعات الخدمات الاجتماعية والشباب والقطاع اللوجستي وغيرها من القطاعات.
وحول التبادل السياحي، اشار إلى أن عدد السياح العمانيين الذين زاروا الأردن عام 2023، بلغ 21738 سائحا، كما بلغ عدد السياح حتى شهر نيسان الماضي نحو 6757 سائحا، وهناك العديد من المشاريع والاتفاقيات الثقافية الموقعة بين البلدين.
وأشار إلى التعاون التعليمي والأكاديمي بين البلدين، مبينا أن عدد الطلبة العُمانيين الدارسين بالجامعات الأردنية حتى مطلع 2024م بلغ 2371 طالبا وطالبة.
ولفت إلى أهمية التنسيق والتشاور الدائم بين القيادتين حيال مختلف القضايا الإقليمية والدولية لتوحيد الرؤى والمواقف السياسية، مؤكدا أن الأردن دولة محورية لها مواقف عربية ومواقف سياسية، وهي تشكل مع سلطنة عُمان عمقًا من الحكمة في المنطقة.
وقال إن البلدين متفقان على أن السلام هو السبيل الوحيد لحل الخلافات في المنطقة والعمل على تحفيز ذلك لنشر الاستقرار هو هدف استراتيجي وفرصة للأجيال القادمة بما يتوافق والقرارات الدولية، وأن عاملي السلام والتنمية يؤديان أدوارًا كبرى لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ككل، ويشدد البلدان على مركزية القضية الفلسطينية وضرورة التوصل إلى حل عادل لها، يلبّي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.