عروبة الإخباري –
Lebtalks.com – جورج ابو صعب –
لم يكن مفاجئاً للمراقب ما تكشّفت عنه المعلومات في الساعات الماضية عن محاولة تهريب أسلحة إيرانية لخليّة إرهابية في الأردن أواخر الشهر الماضي، ذلك لأن طهران وبعدما ضاقت الخيارات أمامها ميدانياً في غزّة وفي سوريا وسياسياً مع دخول البيت الأبيض والرئيس جو بايدن مرحلة الحملة اﻻنتخابية الرئاسية، وتركيز واشنطن على ملف التطبيع العربي- الإسرائيلي، لا بل التطبيع الخليجي- السعودي- الإسرائيلي أكثر من أي ملفٍ آخر لأهداف انتخابية، أيقنت أن الوقت قد يكون متاحاً لها لوضع يدها على أمن الأردن وتنفيذ انقلاب على العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بعدما احتلّت 4 دول عربية : لبنان، سوريا، اليمن والعراق.
تركيز إيراني لزعزعة أمن الأردن
الأردن، ومنذ 2004 عام الهجوم على القاعدة الأميركية واتهام إيران بالهلال الشيعي، بقي الى الآن عصيّاً على التمدّد الإيراني عبر الوكلاء من الإسلام السياسي الشيعي والسنّي في المنطقة، وبالتالي توجّه التركيز الإيراني الى إحداث زعزعة لأمن واستقرار الأردن تمهيداً لإسقاط الملك، وهنا الخطورة الكبرى في ما جرى ويجري، فالأردن في حال تأهب قصوى لمواجهة هذا الأخطبوط الإيراني المتمدّد في ظل دعم عربي – خليجي كامل لأمن وسيادة واستقرار الأردن، وقد أُلقي القبض على عددٍ كبير من المهرّبين والمتسلّلين وأعضاء خلية الأردن الإرهابية التي تذكّرنا بخليّة “العبدلي” لحزب الله في الكويت ومخططاتها التدميرية التي كانت تٌهدّد أمن الكويت واستقرارها.
الأردن قبضَ على الأسلحة الإيرانية الى جانب أفراد الخليّة، ومحور الميليشيات وحماس من ضمنهم خرجوا بصورة واضحة الى العلن كقوى زعزعة وضرب استقرار المنطقة، وقد باتت تصرفاتهم تقطع الشك باليقين حول وجود تحركات خطيرة يخططون لها ويقومون بتنفيذها مستهدفين المنطقة بأمنها وسلامها واستقرارها.
دوافع إنشاء الخليّة الإرهابية في الأردن
مجلة “الفورن أفيرز” أشارت الى أن حركة حماس بعد حرب غزّة مرشّحة للتحوّل الى حزب الله آخر داخل غزّة، ما يؤكد المخطط الذي بدأ وكلاء إيران بتنفيذه انطلاقاً من خليّة الأردن، وقبلها قرار أمير الكويت حلّ البرلمان الذي يسيطر عليه موالون إيران يهدّدون بزعزعة أمن واستقرار الكويت.
حماس خططت وهي سعت وتسعى لإنشاء قواعد عسكرية لها في أكثر من مكان في دول المنطقة، وقد كشفت عنها مجلة “التايمز” البريطانية حين أشارت الى أن ظاهرة إنشاء القواعد العسكرية لوكلاء إيران في المنطقة تضاعفت، ومن هنا يمكن فهم محاولة إنشاء الخليّة في الأردن، من هنا فإن حماس ووكلاء إيران يسعون لإنشاء شبكة ترابط مواقع عسكرية لتنسيق هجماتهم على البلدان العربية بدل التنسيق على شنّ هجمات على إسرائيل، ما يؤكد المؤكد من أن كل شعارات محور إيران في المنطقة المنادي بتحرير القدس والزود عن القضية الفلسطينية ليس سوى ذرّ للرماد في العيون لأن حقيقة أهداف إيران ليست فلسطين بل ضرب وإسقاط الدول العربية في المنطقة، هكذا كان المخطط وهكذا يُنفذُ اليوم وهكذا سيبقى …
القّمة العربية رسالة واضحة لإيران
في الجيو سياسة، يمكن مقارنة ما يحصل اليوم بظواهر تاريخية سياسية أخرى اختلطت فيها الأوراق وأدّت الى مفاعيل عانت منها المنطقة من تداعياتها الى الآن، فغزو الروس لأفغانستان أدى الى إنشاء القاعدة، كما أن غزو الأميركيين للعراق أدى الى إنشاء داعش، وبالتالي فإن “طوفان الأقصى” سيؤدي ﻻ محالة الى انفلاش حماسي وإيراني عبر الوكلاء ضد دول المنطقة العربية التي تشهد حالة تهديد مباشر من ميليشات إيران وعلى رأسها حماس وحزب الله، وفي هذه الأجواء، إنعقدت القمّة العربية الثالثة والثلاثون في البحرين كرسالة عربية واضحة لإيران بعروبة البحرين، الهدف القديم الجديد للأطماع الإيرانية وبتكاتف العرب والخليجيين لمواجهة الخططات الإيرانية عبر الوكلاء.
إحباط الأردن للخليّة الإرهابية الإيرانية هو بداية الغيث وليس نهاية المطاف، وقد وضعت المنطقة في هذه المرحلة على نار التسابق بين الحلول والتسويات وبين اكتساب الأوراق وإعادة خلطها ورسم تحالفات جديدة، فالمنطقة على كفّ عفريت وحلفاء الوﻻيات المتحدة، وفي طليعتهم الأردن في عين العاصفة وهو مهدد بانقلاب يُخطط له للانقلاب على العرش الملكي من خلال دعم وتقوية معارضي الملك ونظامه، الأمر الذي يمسُّ بالأمن القومي المباشر للانظمة الخليجية والعربية، فتوترات الشرق الأوسط بلغت حداً خطيراً والمنطقة مقبلةٌ على تطورات عاصفة، والأردن في ملفه يختصر ٣ محاور سببية :
-أولاً: إنه حليف الأميركيين وقد كانت مشاركته الفاعلة لافتة في التصدّي السيادي لصواريخ ومُسيّرات إيران عند هجومها المسرحي على إسرائيل.
-ثانياً: إنه صاحب دور حاضر ومستقبلي كبير في حل المسألة الفلسطينية ولا سيما في ما يعود للضفة ومصير السلطة الفلسطينية.
-ثالثاً: إنه يستضيف قاعدة عسكرية أميركية على الحدود مع إسرائيل وكذلك مع سوريا عبر تقاطع التنف وجنوبه.
الأردن جيو استراتيجياً لطالما كان هدفاً لقاسم سليماني، وها هو اليوم محاطٌ بالخطر الإيراني من الضفة والعراق وسوريا، وهو في مواجهة مفتوحة مع الأطماع الإيرانية عبر الوكلاء، وبالتالي فإن اللحظة شبيهة بعشية ربيع جديد لكن ربيع أردني لن يبقي الملك وحده في مواجهته، فهل يلجأ العاهل الأردني رداً على المخطط السليماني الى عملية “تنظيف” داخل المملكة فنكون أمام حزيران أسود من نوع آخر ؟ أم أن الأردن يتحوّل الى عراق آخر؟ وللبحث تتمة.