عروبة الإخباري –
ما زال حتى اليوم يُسجل التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة الكويتية المنتظرة، في انتظار البحث عن التجانس ما بين نواب مجلس الأمة والحكومة الكويتية، لم يتحرك قيد انملة، ويعود مرده في ذلك حسب مصادر سياسية هذا التأخير في تشكيل حكومة كويتية جديدة بقيادة رئيس الوزراء المكلّف الشيخ أحمد العبدالله إلى الرغبة في التأني للوصول إلى تشكيل قادر على التوفيق بين الحفاظ على علاقة جيدّة مع مجلس الأمّة المنتخب أوائل أبريل الماضي من جهة، والنهوض بمسؤولية تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من قبل أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، من جهة أخرى
في ذات السياق تشير هذه المصادر بأن القيادة الكويتية برئاسة الشيخ أحمد العبدالله، ليست متعجلة في عملية اختيار طاقمها الجديد.
في ذات السياق، يجري السعي الحثيث على منح رئيس الحكومة، أقصى مهلة زمنية يسمح بها الدستور الكويتي، من أجل توسيع دائرة المشاوراته مع مختلف الجهات الفاعلة، وعلى وجه التحديد أعضاء مجلس الأمة (النواب) من أجل التوصل الى تشكيل حكومة متوافقة وتمتلك في جيناتها قدرة الاستمرار والصمود في العمل، لا تكون على نفس سياقات الحكومات السابقة التي لم تلبث طويلاً في الرئاسة حتى تستقيل بسبب تكرار الانقطاعات في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية بفعل تواتر حلّ مجلس الأمّة وإعادة انتخابه، وما يستتبع ذلك إجرائيا من استقالة الحكومة وإعادة تشكيلها.
ذات المصادر، لم تنفي ان الحكومة تواجه صعوبات تتمثل في اختيار الطاقم الوزاري، وذلك بسبب عزوف العديد من الشخصيات والكفاءات المرشّحة عن تولّي المناصب الوزارية لمعرفتهم المسبقة بصعوبة العمل في ظل وجود برلمان كثير المطالبات ومتحفّز للصراع بشكل مسبق وشروع بعض أعضائه بمجرّد فوزهم في الانتخابات الأخيرة في التلويح بعصا الضغوط على الحكومة حتى قبل الإعلان عن تشكيلها.
في هذه العجالة نسوق بعض النماذج عن حالة العزوف والابتعاد، هي نفسها التي تناولتها عديد وسائل الإعلام عن رفض وعزوف بعض النواب لتولي منصب وزير، الذي جرى التعارف عليه، أن يتمّ اختياره من بين النواب المنتخبين.
مصادر قالت، إن رفض هؤلاء النواب راجع لتخوّفهم من تجدّد المواجهة بين البرلمان والحكومة في حال أصرّت الأخيرة على تمرير قرارات غير شعبية ما سيجعل عمرها قصيرا و“يضع النائب الوزير في زاوية حرجة فضلا عن أن تجارب الوزير المحلّل غالبا ما تأتي بنتائج عكسية على من يقبل بالمنصب”.
ظاهرة العزوف عن تولّي المسؤوليات الحكومية في الكويت لا تقتصر فقط على مناصب الوزراء، بل تشمل أيضا رئاسة الحكومة بحدّ ذاتها.
فيما سبق كان الإعلانَ عن اختيار الشيخ أحمد العبدالله لرئاسة الحكومة رواجُ أنباء عن اعتذار كل من رئيس الوزراء السابق الشيخ محمد السالم، والأسبق الشيخ صباح الخالد عن عدم تولي المهمّة، وذلك في إشارة لصعوبتها بعد أن أفضت الانتخابات البرلمانية إلى تشكيل برلمان لا يختلف كثيرا عن سابقه الذي دخل في خلافات عميقة مع السلطة التشريعية بسبب غلبة المعارضة على تركيبته وبفعل الخارطة التشريعية التي وضعها نوابه وتضمنت الكثير من المطالب الاجتماعية المتناقضة مع عملية الإصلاح المراد تنفيذها والتي تقتضي تقليص الدعم المقدّم للمواطنين من قبل الدولة وفرض مجموعة من الضرائب.
ويمكن القول بأنه سوف تشهد الحكومة الجديدة القادمة، عودة العديد من أعضاء الحكومة السابقة التي كان قد قادها الشيخ، محمد صباح السالم، التي لم تعمّر سوى ثلاثة أشهر على الرغم من أنّها وُصفت عند تشكيلها بأنها حكومة إصلاح وصرامة في تمرير القرارات المهمّة، لكنّ المصادر أكّدت وجود “مرونة في توزيع الحقائب الوزارية بمعنى أنه ليس بالضرورة عودة الوزير إلى وزارته الحالية في التشكيل القادم”.
عدد من متابعي الشأن الكويتي، أبدوا مخاوفهم بأن لا تخرج العلاقة المفترضة بين الحكومة ومجلس النواب الجديد، عن نفس سياق التوتر، الذي تعودنا عليه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية التي تحوّلت إلى سمة ملازمة للمشهد السياسي في الكويت.
بحسب ما تناولته وسائل إعلام محلية، ان علامات تأهب النواب لاستئناف الصراع ضدّ الحكومة الجديدة حال تشكيلها انه لم تتأخر، حسب ما تم رصده من تصريحات لبعض نواب مجلس الأمة.
لا شك بأن الأجندة التشريعية التي يريد نواب مجلس الأمّة تمريرها بما تتضمّنه من مطالبات اجتماعية يصفها البعض بالشعبوية ستكون على طرف نقيض من عملية الإصلاح المنشودة، سببا رئيسيا في التوتّرات المتوقّعة في علاقة الحكومة بالنواب.
بقي أن نقول، أن دولة الكويت وخلال السنوات الماضية، لم تسلم من تعرضها لبعض المشاكل المالية جرّاء ارتهانها بشكل كبير لعوائد النفط، في ظل تعثّر الإصلاحات الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل والحدّ من تضخّم القطاع الحكومي رغم خموله وقلّة إنتاجيته على حساب القطاع الخاص.