19
عروبة الإخباري –
بيروت تايم – محاسن مرسل –
رغم إشارة المؤسسات المالية الدولية في تقاريرها إلى غياب الإطار المؤسساتي الذي يعمل ضمن معايير الحوكمة والشفافية والمحاسبة العمومية في لبنان، إلا أنّ مصدراً مطلعاً على تطورات الملف المالي والنقدي في البلاد يرى أنّ الثقة الدولية بالقيّمين على السياسة النقدية في لبنان قد بدأت تعود بناء على إجراءات الإدارة الجديدة والسلوك المؤسساتي المتبع من قبل مصرف لبنان. وقد أوضح المصدر لـ«بيروت تايم» النقاط الإيجابية التي قيّمها صندوق النقد الدولي، وقد جاءت على النحو التالي:
١- شهد حساب المالية العامة للدولة اللبنانية في مصرف لبنان (الحساب 36 وما يتفرع عنه) تقدماً ملموساً في التنظيم، مما أدى إلى إنفاق الدولة على قدر إيراداتها، سواء بالليرة أو الدولار. وقد أسهمت هذه الخطوة في تحقيق نوع من التوازن بين واردات الخزينة والنفقات العامة للدولة. والجدير بالذكر أنّ البنك المركزي في ولايته الجديدة إمتنع ولا يزال عن تمويل الدولة اللبنانية أو تأمين الدولار لها من خارج ما تملكه.
٢- حصل مصرف لبنان من صندوق النقد الدولي على برنامج تقييم الضمانات
(Safeguards Assessment Program)، وهو برنامج تقييم شامل لسياسات وإجراءات المصرف المركزي، بما في ذلك ضوابطه الداخلية، والتدقيق الداخلي، وإدارة المخاطر، واتباعه للمعايير المحاسبية الدولية. يعتبر هذا البرنامج جزءاً من المساعدة التقنيّة التي يقدّمها صندوق النقد الدولي للدول الأعضاء، وهو إلزامي لجميع البنوك المركزية في البلدان التي تبرم اتفاقيات تمويل مع الصندوق.
يمنح هذا البرنامج مصرف لبنان فرصة للحصول على مساعدة تقنية لبناء أطر الحوكمة المطلوبة للمصرف المركزي، وتطوير السياسات والإجراءات التي تحكم عمله، بما في ذلك إدارة المخاطر وتطبيق المعايير المحاسبية وفقاً للإطار العالمي. ويهدف هذا الدعم عادةً إلى ضمان قدر عالٍ من الشفافية لدى البنوك المركزية للدول المشاركة في برامج التعاون مع الصندوق، حيث يتمّ إيداع الأموال التي يوافق الصندوق على إقراضها للدولة وتنفق من قبل البنك المركزي بناءً على توجيهات السلطات التنفيذية.
وقد حصل مصرف لبنان على هذه المساعدة التقنية إستثنائياً وبناءً على طلبه، تزامنًا مع دخول المصرف في مرحلة حوكمة جديدة. وقد حظيت هذه الخطوة بترحيب من قبل صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى.
٣-يعد توحيد سعر الصرف، والذي يستقر حاليًا عند 89500 ليرة لبنانية، مطلبًا أساسيًا لصندوق النقد الدولي. وقد أشارت مؤسسة النقد الدولي مرارًا إلى أنّ تعدّد أسعار الصرف كان أحد العوامل الرئيسية في تآكل مدخرات المودعين في البنوك وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين. فعند تولي الإدارة الجديدة لمصرف لبنان، كان هناك ثلاثة أسعار صرف مختلفة: 15000 ليرة لسحوبات المودعين، وسعر منصة صيرفة، وسعر السوق الموازي أو سعر الصرافين، الذي كان أعلى من سعر منصة صيرفة بنسبة تتراوح بين 7 و 8٪.
وفي 2 شباط من العام الحالي، أصدر مصرف لبنان التعميم رقم 167، الذي ينّص على تقييم ميزانيات البنوك وفقًا لسعر الصرف 89500 ليرة. ومع إقرار موازنة عام 2024، انتهى العمل بسعر الصرف 15000 ليرة، الذي كان السعر المرجعي لموازنة عام 2022. وبناءً عليه، أصدر مصرف لبنان التعميم رقم 167 لتوحيد أسعار الصرف الثلاثة.
٤- يتبع مصرف لبنان حالياً سياسة تشبه التشدّد النقدي باللّيرة اللبنانية من خلال ضبط كمية الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية. فهو الجهة الوحيدة التي تمتلك الليرة اللبنانية وتقوم ببيعها في السوق. وقد أدى ذلك إلى تجفيف السوق من الليرة اللبنانية ووضع حد للإنهيار غير المسبوق الذي أصاب العملة الوطنية. يبلغ حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية حاليًا 60000 مليار ليرة، بعد أن وصل إلى 52000 مليار ليرة، ويعود ذلك إلى دفع بعض الالتزامات على الدولة اللبنانية بالليرة اللبنانية. يشار إلى أنّ حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية وصل بين عامي 2022 و 2023 إلى ما يزيد عن 80000 مليار ليرة.
٥-عزز المصرف المركزي إحتياطاته الجاهزة والقابلة للإستخدام إلى حوالي 9.64 مليار دولار.
٦- فيما يتعلق بتقرير مجموعة العمل المالي (فاتف)، والذي سيُعاد تصنيف لبنان بناءً عليه فيما يتعلق بالتزامه بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحة الفساد، ويعمل مصرف لبنان على معالجة قضية اقتصاد «الكاش إيكونومي»، وذلك وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية، وضمن الإطار القانوني المسموح به. ويشمل ذلك إعادة تفعيل وسائل الدفع الإلكتروني والحد من استخدام النقد »الكاش» المتداول في السوق اللبناني، بما يتوافق مع المعايير الدولية، لا سيما فيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقد التزم مصرف لبنان بجميع المعايير والملاحظات التي وضعها وفد «فاتف» الذي زار لبنان، وقد عمل على إصدار تعاميم عدة في هذا الإطار، آخرها التعميم الوسيط رقم 692، والمتعلق بإنشاء مصلحتين على الأقل ضمن وحدة التحقق، للإشراف على المركز الرئيسي وفروع المصارف. وتشمل مهام هاتين المصلحتين التأكد من تطبيق معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحة الفساد.