عروبة الإخباري –
أعلن، الخميس، الماضي، فوز الروائية الفلسطينية البريطانية إيزابيلا حماد بجائزة أسبن ووردز الأدبية المرموقة لعام 2024 عن روايتها «أدخل الشبح». حصول إيزابيلا حماد على هذه الجائزة الموقرة تجسيد لجهود الكاتبة التي استطاعت بفضل مؤلفاتها الاستثنائية وسردها القصصي القوي، أن تخلب قلوب القراء وأن تشد أنظار النقاد والإعلاميين والمتابعين للمشهد الأدبي على حدٍ سواء.
تتناول رواية «اُدخل أيها الشبح» ثيمات الشتات والنزوح والروابط الدائمة بين الأسرة والمقاومة والقدرة على الصمود في مواجهة الاحتلال. تدور أحداث الرواية في فلسطين. تعود بطلة القصة سونيا إلى موطنها الأصلي فلسطين لزيارة شقيقتها الكبرى حنين. ولدت سونيا وحنين في لندن لأب فلسطيني وأم هولندية. وقد اعتادت الأسرة قضاء عطلة الصيف في منزل أجدادهم في مدينة حيفا.
شاءت الأقدار أن تفترق الشقيقتان، ذهبت حنين للتدريس في جامعة تل أبيب، بينما بقيت سونيا في لندن، حيث انشغلت بالفن والتمثيل. عند عودتها إلى فلسطين، شعرت سونيا كما لو كانت غريبة في وطنها. غمرها سيل من الأسئلة عن هويتها وشرعية انتمائها. وفي حيفا، تعرفت سونيا على مريم التي عرضت عليها لعب دور في النسخة العربية لمسرحية شكسبير «هاملت» تعرض على مسرح في الضفة الغربية. الالتحاق بهذا المسرح كان يعني العمل في ظروف صعبة وخطيرة على وقع دوي رصاص وقنابل الجيش الإسرائيلي، وهي الظروف التي يعيشها الممثلون والفنانون الفلسطينيون لأجيال.
تُمنح جائزة أسبن ووردز الأدبية، التي تبلغ قيمتها 35000 دولار أمريكي، للأعمال الروائية التي تسلط الضوء على القضايا المعاصرة الملحة، وتُبرز تأثير الأدب في المجتمع. إنها واحدة من أكبر الجوائز الأدبية في الولايات المتحدة وواحدة من الجوائز القليلة المخصصة حصريا للرواية ذات التأثير الاجتماعي.
فوز إيزابيلا حماد يضعها ضمن نخبة مميزة من الأدباء الحاصلين على هذه الجائزة المرموقة من قبل أمثال تياري جونز، كريستي ليفتيري، لويز إيردريش، داوني والتون. وكان لهؤلاء جميعا إسهامات مهمة في الحقل الأدبي من خلال ثيمات مهمة جريئة مثل العنف والجنس وقلة المساواة والبيئة والهجرة والدين والعرق، وغيرها من القضايا الاجتماعية. حظيت كتابات إيزابيلا حماد بالاحتفاء على نطاق واسع، حيث ظهرت أعمالها في منشورات مرموقة مثل «كونجنكشنز»، ومجلة «ذا باريس ريفيو»، و»نيويورك تايمز». وتجدر الإشارة إلى أن إيزابيلا حماد فازت من قبل بجوائز أخرى مثل جائزة باريس ريفيو بليمبتون للأدب الخيالي عام 2018، ما يسلط الضوء بشكل أكبر على موهبتها الاستثنائية وبراعتها الأدبية.
وقبل الحديث عن روايتها، لبى حضور الحفل الذي أقيم في مكتبة مورغان في نيويورك طلب حمّاد الالتزام بدقيقة صمت، على أرواح ضحايا حرب الإبادة ضد الفلسطينين في غزة.
وفي كلمتها بعد إعلان فوزها بالجائزة، قالت إيزابيلا حماد، «مرحبا بالجميع، أشكركم على شرف استضافتي رفقة هؤلاء الكتاب الرائعين والموهوبين حقا وعلى منحي فرصة الإصغاء إليهم وهم يتحدثون إليّ عن عملهم. كان ذلك شيئا مميزا للغاية. الكتابة بالنسبة لي – وأفترض بالنسبة لزملائي أيضا – نشاط يخفف عليك حمل الشعور بذاتك. الكتابة بالنسبة لي تعني التفكير في الآخرين، مثلما قال محمود درويش، «فكر في غيرك».
إن تركيز الصناعة المتعلقة بالأدب المفرط بالكاتب كفرد وبسيرته الذاتية وصورته الشخصية لأمر غريب بالنسبة لشخص خجول للغاية مثلي. فإني أقضي الكثير من الوقت بمفردي. سعيدة كل السعادة بهذا التكريم الذي حظي به كتابي وبسير كتابي نحو القراء. وإني في الوقت ذاته أفضل ألاّ أجعل هذا عني، بل عن الآخرين. لقد غيرتني الأشهر الستة والنصف أشهر الأخيرة، تغييرا جذريا وأنا أعلم أنني لست الوحيدة التي يراودها مثل هذا الشعور. ولست أشعر بذلك فقط لأنني فلسطينية. فالإسرائيليون دمروا كل جامعة في غزة، لقد دمروا مكتبات، واغتالوا كتابا وصحافيين وأساتذة جامعيين. وفي الايام القليلة الماضية تم اكتشاف مقابر جماعية في مستشفى الشفاء وناصر. جثث تم تقييد أيديها بسلك مضغوط، ومن بين هؤلاء أطباء ما زالوا يرتدون لباسهم الطبي. لا أحتاج إلى المحكمة الدولية لكي تخبرني أن هذه إبادة جماعية، وأنها محاولة لتدمير الناس والاستيلاء على أراضيهم. ثمة الكثير من الأطفال والشباب الذين قتلوا، والكثير من الأطفال الذين لم يقدر لهم أن يحيوا ليصبحوا ربما كتابا. لم يكن لديهم الحظ والحرية والفرص، التي كانت من نصيبي. لقد أصبح عشرون ألف طفل يتيما. وإني لا أحتمل أن أفكر فيما يكون هؤلاء الأطفال قد شاهدوا. وآمل أن يبقوا على قيد الحياة حتى يستطيعوا أن يقصوا قصصهم. فهذه ليست كارثة إنسانية، إنها كارثة سياسية. وليست هذه مجرد كارثة سياسية للفلسطينيين، إنها كارثة لكم جميعا أيضا. إنها حرب إبادة بتمويل من حكومة الولايات المتحدة، ودون دعم الولايات المتحدة، لن تستمر. إنها حربكم. ووقف إطلاق النار هو أقل شيء ممكن. نحن بحاجة إلى تدخل دولي فوري لوقف هذه الإبادة الجماعية، التي لا تنحصر في قطاع غزة، فحسب، وإنما سياسة طويلة الأمد تنتهجها دولة إسرائيل التي لم تعلن أبدا رسم حدودها، والتي تسعى إلى الحصول على كامل أرض فلسطين التاريخية دون سكانها الفلسطينيين الأصليين. إنها إبادة تمارس بسرعة وببطء لمدة 76 عاما. نحتاج إلى إنهاء الحصار وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، ونحتاج إلى إنهاء التمييز العنصري والسيادة العرقية والدينية، ووضع حد للاحتلال العسكري غير القانوني، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. نرجو أن نشهد التحرر ونحن ما زلنا أحياء. وأختتم كلمتي باقتباس للشاعر راشد حسين الذي قال، «تولد الثورة عندما يعرف الكاتب والعلماني والأعمى الحقيقة، عندما يُعطى الكلام بلا مكافأة.. عندما يُقال الحق بلا مكافأة». الحرية لفلسطين.