عروبة الإخباري –
جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، ألقى بعض التصريحات المتفائلة حول الأوضاع الاقتصادية في الأردن، وهذا يستحق النظر بعين الفحص والتحليل. وتشير تصريحاته إلى نجاح الأردن في تنفيذ سلسلة من الإصلاحات التي أدت إلى تحسين الوضع الاقتصادي العام وحماية الاقتصاد من خلال خفض العجز وتحسين التصنيفات الائتمانية.
لكن ما يستوجب التأمل هو تأكيده على ضرورة خفض الدين العام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يشير إلى أن الأردن ما زال يواجه تحديات مالية، فهذه التصريحات تكشف عن رؤية الصندوق الاقتصادية للمملكة، وتعكس الإجراءات المستقبلية المحتملة التي قد يحتاج الأردن إلى تنفيذها لتحقيق استقرار مالي طويل الأمد.
التوقعات الاقتصادية للنمو بنسبة 2.6 % للعام الحالي و3 % للعام المقبل، على الرغم من كونها مؤشرات على التعافي، إلا أنها تظل محدودة في سياق التحديات الإقليمية والعالمية، فالوضع في غزة وتأثيره على الأردن، خاصة في قطاعات السياحة والتجارة والنشاط في ميناء العقبة، يبرز التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد الأردني، خاصة أن الاضطرابات التي تسببت في تقليص الصادرات والواردات عبر ميناء العقبة إلى النصف تؤكد حجم التأثير الذي يمكن أن تخلفه الأزمات الإقليمية على الاقتصادات الصغيرة.
الملفت في تصريحات أزعور هو التأكيد على أن الإصلاحات أدت إلى تحسين النمو “على الرغم من المخاطر وعدم اليقين بشأن المخاطر الإقليمية”، فهذه الملاحظة تعكس إلى حد ما قوة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية وتظهر الصورة الإيجابية التي يحاول الصندوق تسويقها للمستثمرين الدوليين.
مع ذلك، يجب أن لا نغفل النظر عن الحاجة إلى مواصلة الإصلاحات والبحث عن طرق لتعزيز النمو وخفض الدين العام، حيث تتطلب هذه العملية قدرة من التفكير الإستراتيجي والتخطيط الدقيقة، فالأردن، وهو بلد يفتقر إلى الموارد الطبيعية ويعتمد بشكل كبير على المساعدات والدعم الخارجي، يحتاج إلى توسيع قاعدته الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل لتحقيق استقلالية اقتصادية أكبر.
السعي نحو تقليل الاعتماد على الديون والعمل على تعزيز الاستثمارات الداخلية والأجنبية يجب أن يكون في قمة أولويات الحكومة، إذ يشير تأكيد أزعور على الحفاظ على استقرار الوضع المالي إلى أهمية استمرار الإصلاحات الهيكلية وتعزيز الشفافية في الإدارة المالية للدولة. التصنيف الائتماني الأفضل يفتح الأبواب أمام فرص استثمارية جديدة ويمكن أن يعزز الثقة في الاقتصاد الأردني، لكن هذا يجب ألا يغطي على الحقائق الصعبة.
فالنمو الاقتصادي المتوقع الذي يبدو متواضعاً ينبغي أن يُنظر إليه كجزء من خطة أكبر لتحقيق نمو مستدام يشمل جميع القطاعات الاقتصادية.
تحقيق هذا يتطلب سياسات مرنة تستطيع التعامل مع الصدمات الخارجية والأزمات الإقليمية، كما تحتاج إلى دعم وتعاون إقليمي ودولي، فالإصلاحات التي تمت الإشارة إليها يجب أن تشمل تحسين البيئة التنظيمية والتشريعية لتشجيع الاستثمار وتحفيز الابتكار والتكنولوجيا. في النهاية، تصريحات جهاد أزعور تعطي لمحة عن الأمل في الأفق للاقتصاد الأردني، لكنها أيضًا تذكرة بأن الطريق لا يزال طويلاً ومحفوفًا بالتحديات، فالنجاح الحقيقي سيكون في تحويل هذه الإصلاحات إلى نمو ملموس وتحسين مستويات المعيشة لجميع المواطنين في الأردن.