عروبة الإخباري –
قنا – ميساء عبد الخالق –
يأتي عيد الفطر هذا العام مع بداية فصل الربيع فيحتفل اللبنانيون به في أجواء رائعة، وإن كانت فرحة العيد ناقصة هذا العام وسط الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان ومخاوف من حرب إسرائيلية شاملة على البلاد إلى جانب الأزمات السياسية والاقتصادية المتراكمة.
ولعل أبرز مظاهر الاحتفال بالعيد في لبنان، خروج الناس إلى المنتزهات والحدائق والشواطئ في جميع أيام العيد للاستمتاع بالطبيعة وبالطقس المشمس على البحر وإقامة الحفلات طوال أيام العيد كمظهر من مظاهر الاحتفال.
وتقوم ربات المنازل بتحضير الحلويات الشعبية قبل العيد وأبرزها المعمول والكعك من أجل تقديمها صبيحة عيد الفطر المبارك إلى الزائرين من الأهل والأقارب للتبريكات بحلول العيد. كما يذهب اللبنانيون إلى الأسواق لشراء ملابس العيد الجديدة حيث تشهد الأسواق الشعبية إقبالا كبيرا لا سيما سوق صيدا جنوب لبنان وسوق طرابلس شمال لبنان، حيث باتت الأسواق الشعبية ملاذا للأسر المتعففة في ظل الأزمة الاقتصادية القائمة في البلاد منذ أواخر العام 2019.
وعلى الرغم من الأزمات إلا أن وسط بيروت شهد طيلة شهر رمضان المبارك فعاليات متنوعة من خلال افتتاح القرية الرمضانية في وسط بيروت التي تضمنت برامج ثقافية وترفيهية وعروضا مسرحية وفنية وسوقا تجاريا يحوي المأكولات والمقاهي. وقد تزينت بيروت بالزينة الرمضانية والفوانيس تعبيرا عن الفرحة بقدوم العيد.
وفي هذا الصدد يشير الدكتور أنيس أبو ذياب الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان إلى تأزم الوضع الاقتصادي في لبنان منذ السابع من أكتوبر الماضي (بدء الحرب على غزة والعدوان الاسرائيلي على لبنان)، بعد أن شهد فصل الصيف عودة النمو الى القطاع السياحي بشكل كبير وعدنا للمقارنة بين العام 2017 (أي ما قبل الأزمة التي بدأت العام 2019 وبين العام 2023.
وأوضح أبو ذياب، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، أن الحرب أدت إلى الانعكاس سلبا على الاوضاع الاقتصادية خاصة في موسم الأعياد حيث كان من المنتظر توافد السياح إلى لبنان لكن الأوضاع الأمنية حالت دون ذلك.
ولفت الخبير الاقتصادي اللبناني إلى توسع رقعة الفقر في لبنان حيث تشير التقارير ومنها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا( الاسكوا) ان نسبة الفقر تبلغ82 بالمائة من سكان لبنان، مبينا أنها أرقام كبيرة وجعلت من العيد فرحة منقوصة وموسم فقر إضافي تحت وطأة تدني القدرة الشرائية للبنانيين وتردي الوضع الاقتصادي إلى جانب التوتر الأمني الشديد.
ونوه أبو ذياب إلى أن 20 % فقط من اللبنانيين استطاعوا تأمين مستلزمات العيد، مبينا أن التوترات الأمنية والوضع الاقتصادي وغياب الأمن والاستقرار كلها مؤشرات انعكست سلبا على حركة الأسواق في لبنان.
ومراسلة وكالة الأنباء القطرية “قنا” جالت في وسط بيروت، وقد أكد كل من التقيناهم أنهم يحاولون الفرح بحلول العيد رغم الغصة بسبب الاعتداءات على جنوب لبنان ومخاوف من توسع الحرب لتشمل كل لبنان، وأعربوا عن أملهم أن تحل بركة العيد بخلاص لبنان من أزماته الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وفي هذا السياق أكدت ليلى مصطفى “نفرح بحلول بركة العيد علينا رغم خوفنا من حرب إسرائيلية على لبنان والقهر بسبب الاعتداءات على جنوب لبنان”.
من جانبه قال علي محمد” العيد هو راحة البال وقدرنا في لبنان ان نعيد وفي قلوبنا غصة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة”.
بدوره قال أسعد الحريري رئيس جمعية تجار لبنان الشمالي في تصريح لـ “قنا” أن اللبنانيين يحتفلون بالعيد في ظل ظروف اقتصادية صعبة الى جانب مخاوف من حرب اسرائيلية شاملة على لبنان وتحت وطأة الاعتداءات الاسرائيلية على جنوب لبنان.
واعرب عن تمنياته ان تحل بركة العيد على لبنان وخلاص الشعب اللبناني من ازماته المتراكمة، لافتا إلى أن حركة الأسواق في شمال لبنان شهدت حركة مقبولة رغم الغصة على الوضع الحالي في لبنان.
ويحرص اللبنانيون على أداء صلاة عيد الفطر في الجوامع وسماع خطبة العيد وتبادل التهاني بحلول العيد في المساجد، حيث يقوم اللبنانيون بزيارة الجوامع وبعدها بتبادل الزيارات وهي عادة اجتماعية تعبيرا عن المحبة بين الأهل والأقارب.
وتجتمع الأسر اللبنانية على مائدة الغداء في بيت الأهل في اليوم الأول للعيد. وفي اليومين الثاني والثالث للعيد تصطحب الأسر أولادها للتنزه في أماكن الملاهي أو الذهاب للسينما أو التجول بالأسواق.
ويضطر عدد كبير من اللبنانيين إلى تغيير عادات محددة في طريقة عيشهم كما يختار بعضهم اللجوء إلى تقليص هذه العادات من أجل مجاراة الواقع الراهن خاصة في ظل ارتفاع الأسعار. ويهلل اللبنانيون للعيد وحلول بركته رغم فرحتهم الناقصة تحت وطأة أزماتهم الاقتصادية والسياسية والغلاء الفاحش إلا أن آمالهم تبقى بحلول بركة العيد وخلاصهم من مشكلاتهم وضغوطاتهم المعيشية والحياتية.
ويعاني لبنان أزمة اقتصادية ومعيشية، حيث صنف البنك الدولي الأزمة اللبنانية من بين أسوأ عشر أزمات ، وربما من بين الثلاث الأسوأ عالميا منذ القرن التاسع عشر، في حين كشفت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في تقرير لها مؤخرا عن ارتفاع نسبة الفقر في لبنان إلى أكثر من 82 بالمئة بين السكان.
وأكد مواطنون من مدينة بعلبك شرق لبنان لـ “قنا” أن العيد يطل عليهم هذا العام وسط مخاوف أمنية كبيرة في ظل الغارات التي يشنها الكيان الاسرائيلي على عدة بلدات في منطقة بعلبك- الهرمل، مشيرين إلى أن ما ينغص فرحة وأجواء العيد ايضا الوضع الاقتصادي السيء المتراكم منذ سنوات ، حيث باتت غالبية الأسر تقتصر في نفقاتها على الأساسيات في شراء المأكل والملبس و نفقات تعليم أبنائها.
وأشاروا إلى أن هناك غياب لمظاهر فرحة و بهجة العيد المبارك بالإضافة الى غياب مظاهر الرفاه و الرخاء الاقتصادي لافتين الى أن الغالبية الساحقة من أبناء بعلبك- الهرمل هم من المزارعين الموسميين و الموظفين الحكوميين، و قد عانوا الكثير في ظل أزمة انهيار العملة الوطنية (الليرة)، وابتعاد هذه المنطقة عن العاصمة التي غاب عنها الإنماء الى جانب فقدان العملة الصعبة بين أيدي أبناءها، عكس باقي المناطق اللبنانية التي يسافر الكثير من أبنائها خارج لبنان وبالتالي يرسلون الى ذويهم العملة الصعبة التي خففت الى حد كبير من التأثر في هذه الازمة الاقتصادية عكس ما حصل مع ابناء منطقة بعلبك الهرمل.
ويبقى السؤال هل سيحمل هذا العيد الخلاص لأزمات لبنان الاقتصادية والسياسية والأمنية على وقع شغور في منصب رئاسة الجمهورية الذي دخل عامه الثاني شهر أكتوبر الماضي ومخاوف من حرب إسرائيلية شاملة على كل لبنان؟