عروبة الإخباري –
قالت متحدثات في جلسة نقاشية لكتاب «سنوات من النضال- الحركة النسوية في الأردن للكاتبة والصحفية رنا الحسيني، نظمها تجمع لجان المرأة الوطني الأردني في الكرك، إنّ الكتاب يقدم سردية توثيقية موضوعية منصفة لمسيرة الحركة النسائية في الأردن على مدى 80 عامًا، ويُعدُّ مرجعية تاريخية ثرية للباحثين والدارسين وللأجيال القادمة.
وأشرن إلى أنّ الكتاب بنسختيه العربية والانجليزية إضافة نوعية للمكتبة الأردنية والعربية والعالمية، بما يعرضه من تسلسل زمني وتتبع دقيق لحقب مضت ولمحطات نضالية جابههت الكثير من العراقيل القانونية والثقافية والاجتماعية على طريق تمكين المرأة ونيل حقوقها،كما يقدم رؤية استشرفية للمستقبل، للسير بعزيمة وإصرار لانتهاز الفرصة وتحقيق المزيد من المكاسب للنهوض بواقعها.
وسردت الكاتبة الحسيني في الجلسة التي عقدت في جاليري مركز الحسن الثقافي بمدينة الكرك وحضرها عدد من القيادات النسائية وعضوات التجمع في الكرك، الدوافع التي حدَتْ بها لتأليف كتابها الذي يعد الثاني لها بعد كتابها الأول «جريمة قتل باسم الشرف»، وقالت إنّ الكتاب يمثل قصتنا وواقعنا بمعلوماته الموثقة من النساء الأردنيات والرجال الأردنيين لأقرانهم في الأردن.
وبينت أنها كرست معظم مسيرتها المهنية في الصحافة للنضال من أجل المرأة، وعملت على توثيق جميع التغيرات التي حدثت في الأردن فيما يتعلق بحقوقها، الأمر الذي دفعها إلى التعمق في التاريخ ومتابعة عمل النساء الرائدات اللواتي أفنينَ جزءا كبيرا من حياتهن بشكل علني وسري لشق الطريق لنا وللأجيال القادم.
وقالت الحسيني إنها اعتمدت في كتابة مؤلفها على ملاحظاتها القديمة ومقتطفات الصحف ومئات الأوراق والدراسات البحثية التي جمعتها خلال عملها الصحفي، وخلال المشاركة في الأحداث المحلية والعالمية، إضافة إلى تعمقها في مئات الكتب التي ألفها العديد من المؤرخين والباحثين والأكاديميين، وعلى معلومات استقتها من مسؤولين ومحامين ونشطاء،كما اعتمدت (5) باحثات أردنيات، إضافة إلى إجراء مقابلات مع العشرات من النساء والرجال لسرد التاريخ بموثوقية.
ولفتت إلى أنّ الكتاب الذي يضم 11 فصلا، يشتمل في فصله العاشر على دروس مستخلصة، ووجوب أن تجد الحركة النسائية طريقة «لإعادة تسييس أجندتها» من أجل ضمان حقوق استراتيجية للمرأة، أبرزها المساواة الدستورية وحقوق المواطنة الكاملة وعدم خلطها بالقيم الأسرية والتفسيرات الدينية، كما أوضحت أنّ الفصل الأخير يقدم جملة توصيات لكافة الجهات المعنية بالعمل النسوي على الصعيدين الرسمي والأهلي، للعمل على معالجة القضايا المتعلقة بالمرأة في الأردن بطريقة منهجية مستمرة وعدم الاكتفاء بالتعويل على أجندات الجهات المانحة، مع أهمية التركيز على تجديد ومراجعة نظامنا التعليمي ليشمل محتوى يمكّن المرأة ويلغي الصور النمطية كافة.
وتحدثت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة مها العلي، مشيرة إلى أنه ليس من السهل البحث في قضايا المرأة، إلا أن الكاتبة الحسيني سبرت أغوارها ووثقت نضالات سيدات أوائل استطعن شقّ طريق وعر لتعبيد الدروب أمامنا للوصول إلى مواقع مهمة لم نكن لنصل اليها لولا جهودهن وكفاحهن.
وأضافت العلي أنّ الكتاب بعنوانه وسرده الموضوعي التوثيقي ومراجعه المتعددة وإتاحته للقارئ باللغتين العربية والانجليزية وتوزيعه بالمجان، يشكّل علامات فارقة تسجّل للكاتبة، مشيرة أنّ ما تم إنجازه للمرأة الأردنية كثير ومدعوم بإرادة سياسية، مشيدة بالرعاية والدعم الملكي للقطاع النسائي، ما مكّنها من تحقيق مكانة مرموقة والوصول إلى ما تصبو إليه، وإن كان هناك المزيد من الآمال والطموحات المرجوة.
بدورها أثنت الكاتبة والتربوية الدكتورة منتهى الطراونة على العرض التوثيقي الصادق والصريح الذي قدمته الكاتبة للحركة النسوية في الأردن دون محاباة أو تجميل، منذ أربعينات القرن الماضي وإلى اليوم، مرورًا بقوانين مارشال والنشاط السري ومقاومة الاحتلال ومساعدات اللاجئين والتغيرات التدريجية في الوضع السياسي والاجتماعي ومرحلة التمكين، وتأثر هذه الحركة بالحركات القومية والتحريرية خارج الأردن والتعيير عنها ومرورًا أيضا بالحركات الخجولة لإشراك المرأة في المجلس الوطني الاستشاري وتعيين أول وزيرة وعناوين كثيرة أخرى.
وسلطت الطراونة الضوء على قصص سيدات كركيات خالدات كان لهنّ الدور الأكبر في أحداث «هية الكرك» والثورة على الأتراك، ومنهن عليا الضمور ومشخص وبندر وشفق المجالي وخضرة المدادحة، كما بينت موقف الإسلام من المرأة وتكريمه لها في مختلف حالاتها ومنحها حقوقها كاملة، هذا بالإضافة إلى التطرق لمكانة المرأة وحضورها في العشيرة.
وأكدت الأمينة العامة لتجمع لجان المرأة ربى المطارنة أنّ الكتاب يشكل رحلة تنويرية تسرد قصة المرأة الأردنية وكفاحها على مدى سنوات طوال وما رافقها من تغيرات وتحولات على الصعد الاجتماعية والسياسية والحزبية، مشيرة إلى أنّ الكتاب يقدم مادة ثرية توضّح أنّ ما تم إنجازه للمرأة لم يأتِ من فراغ، كما يُعدّ وثيقة مرجعية للأجيال القادمة للتعرف على رائدات العمل النسوي في الأردن، مشيرة إلى أهمية توعية المجتمع بقضايا المرأة وعقد المزيد من الجلسات النقاشية حول الكتاب وتعميمه على مراكز دراسات المرأة والجامعات وكافة المؤسسات والهيئات النسوية وفي مختلف المحافظات.
وقالت مديرة ثقافة الكرك عروبة الشمايلة إن إثبات وجود المرأة في مختلف مفاصل الحياة وتمكينها اقتصاديا وسياسيا وإبراز أدوارها القيادية والاجتماعية مَهمّة تشاركية، مشيرة إلى الدور الذي تولية وزارة الثقافة للمرأة وحرصها على حضورها وإشراكها في مختلف أنشطتها وبرامجها مع العمل على تمكينها، ونوّهت بجهود الكاتبة وتجمّع لجان المرأة وكافة الجهات العاملة في مجال تمكين المرأة والدفاع عن حقوقها.
وأشارت مقررة تجمّع لجان المرأة في الكرك ميسون المبيضين إلى أنّ الحركة النسوية في الأردن لعبت دورًا فاعلا في تحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي، وجعلت الدولة والمجتمع يضع نصب عينيه حق المساواة والعدالة بين الجنسين وتعزيز حقوق المرأة في المجتمع، وكذلك توفير بيئة آمنة لضحايا العنف الأسري ودعمهم ماليا ومعنويا وقانونيا وحشد الرأي العام لصالحهم.
واشارت إلى أنّ الكاتبة الحسيني رائدة من رائدات الحركة النسوية ووضعت لها بصمة فكرية من خلال كتابها الذي تطرق إلى ماهية العمل النسوي في الأردن ورحلة عطاء وكفاح المرأة على مدار خمسين عاما.
وتخلل الجلسة معرض صور فوتوغرافية بعنوان «إضاءات وأحداث فارقة في تاريخ الحركة النسوية في الأردن».