كتب سلطان الحطاب
وقفت عند مظاهرات الأردنيين أمام السفارة الاسرائيلية في عمان، وأحمد الله أن المشاعر ما زالت متأججة متقدة وأن المشاركين يؤمنون أن الدم لا يمكن أن يكون كالماء وإن كان في غزة أصبح أحياناً أهم من الدم، حين كان البعض كما روى رب عائلة حشرت تحت الانقاض ل (12) يوماً شرب فيه الأطفال الذي كادوا يموتون عطشاً ماء الترمس المرّ، وحتى ماء الأرجيلة ولا حاجة لي لرواية المآسي التي حدثت فالمتابعن يعرفون
لكن ماذا بعد الاحتجاجات أمام السفارة الاسرائيلية في عمان وهل سينتهي الأمر في حدودها؟
وكيف جرى التخطيط ? وماذا في الحملة الاسرايلية التي توظف ذلك والتي وصل بها التوظيف حدّ شن حملة على الأردن على ألسنة مجموعة من القادة الفاشيين الاسرائيليين الذين لا يخفون عداءهم بل يجاهرون به، وفي هذا المقام اتمنى أن لا يحتطب بعض المحتجين أمام السفارة في أي حبال سوى حبال المصلحة الوطنية التي تسمو بمشاعر المواطنين وإحساسهم وأن لا توظف المعارضة هذه المرحلة آياً كانت هويتها لاستثمار أجندات ضيقة محدودة.
هذه الاحتجاجات هي من أجل الاشقاء الفلسطيين ومقاومتهم وليس من أجل فصيل أو جماعة يمكن أن توظف ذلك من اجل جماعة او فصيل .
لا ينكر أحداً أن حماس فصيل فلسطيني مقاوم ذو بعد اسلامي وان الانتصار له يجب ان يكون في هذا الإطار وليس في إطار الاسلام السياسي أو حركة الاخوان المسلمين، فلكل حساباته التي يجب ان تعلم ويجري التمييز فيها حتى لا يرث من لا يستحق الأرث على حساب من هو صاحب حق في ذلك.
ففي الكواليس يراهن الاخوان المسلمين الاردن، على هذه الاحتجاجات للخروج بهم الى الأفق السياسي محليا والانتخابات العامة القادمة والثقل المرجح للمعارضة وان كان ذلك يبدو للبعض مشروعاً فإنه لا يبدو كذلك للبعض الآخر.
فالاجماع على المقاومة ونبل أهدافها لا يعني الاجماع على الحركة الاسلامية وعلى الاخوان المسلمين وأهدافهم، وليتحملني بعض الاصدقاء أو غيرهم، حين أطالب بالفصل بين فصيل من المقاومة له بعد اسلامي وفصيل آخر كالجهاد الاسلامي وهو ايضا له بعد اسلامي، لكنه لا يصب في حركة الاخوان المسلمين وبين حركة الاخوان المسلمين ورؤيتها وايدولوجيتها، فالأردنيون يؤيدون الصمود والمقاومة ويطالبون بتحرير الأرض وإزالة الاحتلال وحق الفلسطينيين في دولة مستقلة على ترابهم الوطني باعتبار ذلك مصلحة وطنية أردنية، وباعتبار أن عدم قيام دولة فلسطينية تهديد أمني أردني.
إن المرحلة حساسة جداً والعدو يزداد صلفاً وتطرفاً وعنصرية وما ترون في غزة أكبر دليل، وهو يحاول أن يوسع عدوانه ليورط عددا من الدول التي تؤيده وترى رؤيته الاستعمارية التوسعية في حرب واسعة شاملة حتى يختبيء وراء هذه الدول وخاصة الولايات المتحدة الشريكة في العدوان على غزة، رغم انها لاترغب في توسيع دائرة المعركة حتى مع دخول اليمن، لأنها تدرك معنى ذلك ومخاطره على المنطقة
نتنياهو يستميت في إطالة إمد المعركة وأن يزج فيها أكثر من جهة ليبدو أن أطرافاً عديدة تحارب المشروع الأمريكي (اسرائيل) وان أصحاب هذا المشروع (الدول الغربية) عليها أن تقاتل وتدافع وتجنب اسرائيل هجمات حزب الله واليمن والعراق فكل ذلك محرضات ودفع للولايات المتحدة لدخول الحرب حتى يصبح الحسم واضحاً لصالح اسرائيل.. فماذا نحن فاعلون.. وكيف يمكن إفشال المخططات الاسرائيلية.والانتباه لها وتفويتها
الجبهة الأردنية دقيقة، وإذا كان لا بد لنا من التدخل او المواجهة فيجب الإعداد أولاً حتى لا تتكرر الأخطاء في عام 1967 ومن قبل ومن بعد حرب 1973 الي انكشفت أهدافها لاحقا في كامب ديفيد
ثمة رسائل عديدة لا بد من فهمها واستعمالها ولدى الدولة الأردنية أوراق عديدة يمكن أن تلعبها، لكن لا بد من الانتباه حتى لا نفرط… أو نرمي خبزنا على نار متقدة تحرقه بدل إنضاجه
الأردنيون باسلون، وقد شاركوا في كل معارك الأمة وما زالوا ولكن لا بد من ترك مساحة كافية للدولة بكل قواها لتراجع فيها ما كان وما هو كائن وتقدم تصورات محددة للمشاركة الشعبية العامة، حتى لا تكون القرارات عشوائية وقائمة من عواطف جياشة فقط فتجربة الخامس من حزيران مازالت اثارها باقية والأردن الخاسر لا تستفيد منه المقاومة ولا فلسطين وإنما الأردن الصامد المرابط المتماسك هو السند والمكسب. الذي يجب المحافظة عليه بدون مزايدات او مناقصات
ثمة أطراف معروفة وبعضها مستتر تنهش الموقف الأردني، ولن نتحدث عن دول بعينها ظهرت إشارات منها تستهدف الاستقرار في الأردن وان أبدت عكس ذلك
هذا وقت دعم الأردن وأسناده والوقوف معه وليس وقت التشكيك في مواقفه أو طعنه، وإذا كانت ثمة تحديات يمكن أن يلاحظها المواطن، فإن اي هذه التحديات لا بد من الإشارة لها والإحاطة بها والتركيز عليها حتى لا تذهب لإصابة الأهداف الوطنية السليمة… وترك الثغرات التي تولم او تشي بالنقد نعم لدى المواطن حق في النقد، ولكن هذا لا يكون كلام حق يريد البعض به باطلا توظيفه لهدم الموقف الوطني برمته.