عروبة الإخباري –
الرأي – سمر حدادين –
صوت هدير الطائرة العسكرية الأردنية في سماء غزة، وهي تنفذ الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية، هو الصوت الوحيد الذي يدفع سكان غزة وأطفالها ليخرجوا مطمئنين، ينظرون إلى السماء بأمل.
بين فوضى أصوات التفجير التي تلف أرجاء غزة والقتل والبكاء على فقدان الأحباء، تأتي طائرات سلاح الجو الملكي لتحمل رسائل الدعم والصمود من أشقائهم الأردنيين. فالفرح الغزي ليس مبعثه الحصول على المساعدات الإنسانية والغذائية بأهميتها، وإنما سببه الحقيقي هو الشعور بأن لهم في الأردن سنداً ودعماً.
فهم، رغم حجم المعاناة والكارثة التي حلت بهم وما يتعرضون له من إبادة جماعية، ممتلئون بالكرامة والعز، وما يحتاجون إليه هو اللمسة الإنسانية التي تجعلهم يشعرون بالأمان والدعم والدفء الذي غاب عنهم.
غزة تتعرض لأبشع أنواع الإبادة الجماعية أمام العالم الذي صم آذانه كي لا يسمع وفقأ عيونه كي لا يرى كيف يذبح الحق في الحياة، على أيدي الصهاينة، ذلك الحق الذي يتشدق العالم بالقول أنه أسمى حق للإنسان ويسمو على كل الحقوق، التي اجتمعت عليها أمم الأرض، لحمايته واعتبار من لا يحترمه مارقاً أو خارجاً عن الشرعية الدولية.
النور الذي يظهر لحظة فتح بوابة الطائرة العسكرية، التي كان لي شرف مرافقتها الخميس الماضي، يظهركخيوط الأمل المرسلة إلى غزة برفقة صناديق المساعدات.
خلال الرحلة، انتابتني حالة قلق منذ صعودنا على متن الطائرة العسكرية، فأنا أشارك في رحلة العز والفخر دون أن أدرك إحداثياتها وما ينتظرنا أثناء الرحلة، بدأ القلق يتلاشى، وسرعان ما اختفى هذا الشعور بمجرد الحديث مع طاقم المهمة؛ فهم كانوا حريصين على تفقد وضعي والتأكد من أنني غير قلقة أو خائفة، وكان إقدامهم وشجاعتهم كفيلان بإشاعة حالة من الطمأنينة بداخلي.
دقة المسؤولية التي ينفذها صقور سلاح الجو الملكي، بهدوء ودون ضجيج، لدرجة يشعر بها المرء بأن المهمة لا تعدو كونها رحلة جوية عادية، لا تظهر،بعظمها وتعب وجهد الطاقم، إلا بانتهائها لحظة إنزال آخر صندوق من صناديق المساعدات، عندها يتنفس صقور الجو الصعداء،فهم أصابوا هدفهم، لترى البريق في أعينهم تعبيراً عن فرحهم بنجاح مهمتهم.
اهتمام طاقم المهمة بكل تفصيلة بتحضير المساعدات وربطها بالمظلات والتأكد من وضعها على المسار الصحيح والدقة في اختيار لحظة فتح بوابة الطائرة لإنزال المساعدات، كل ذلك لم يمنعهم من تقديم كل التسهيلات لأداء مهنتي الصحافية.
ورغم أنهم يدركون أنهم يحلقون في سماء يحتل أرضها عدو لا يمكن المراهنة على مصداقيته، إلا أنهم يقدمون بتنفيذ مهمتهم بكل شجاعة ومحبة.
حين سألت أحد أفراد الطاقم هل أنتم من يطلب المشاركة في الإنزال أم أنه يتم تنسيبكم؟ جاء رده على الفور: “هذا واجبنا.. نحن نخرج لأنه واجبنا، لا يوجد تنسيب هذا واجبنا”. لذلك، فهناك الكثير منهم قد شارك في عدة إنزالات ورسمت على وجوههم علامات الرضا.
وفق الأرقام، ارتفع عدد الإنزالات الجوية التي نفذتها القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 62 إنزالاً جوياً أردنياً، و104 إنزالات جوية بالتعاون مع دول شقيقة وصديقة.
أبناء الجيش العربي المصطفوي ينفذون مهمتهم بكل محبة وانتماء لوطنهم الأردن وولاء لقائدهم الملك عبدالله الثاني، وهم الذين سمعوا توجيهات جلالته، ورافقوه وهو يقود إنزال مساعدات للأشقاء في غزة أكثر من مرة، حيث وفى جلالته بوعده بأن الأردن سيكسر الحصار على غزة وستقتدي به دول العالم. وبالفعل، شاركت عدة دول عربية وغربية، منها الإمارات العربية المتحدة ومصر وألمانيا والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، في إنزالات جوية لإيصال المساعدات الإنسانية التي تمنع إسرائيل وصولها إلى غزة عبر المنافذ البرية.
عندما هبطت الطائرة على مدرجات قاعدة الملك عبدالله الثاني الجوية، تأكدت من أن هذا البلد بأمان بحماية سواعد الجيش العربي، جيش أول جنوده ملك.