النشرة الدولية –
نداء الوطن – غادة حلاوي
تثبت مجريات الأحداث من غزة إلى جنوب لبنان، واستمرار الاعتداءات الاسرائيلية، كأنّ قرار مجلس الأمن الدولي لم يكن. طالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة فصعّدت إسرائيل عملياتها. باغت القرار إسرائيل وظنّت «حماس» التي كانت أول من رحّب بصدوره أنه سيكون فرصة لإلتقاط الأنفاس. منذ إعلانه كانت العبرة في التزام إسرائيل، وكان تطبيقه محل تشكيك. ولم تلتزم إسرائيل تنفيذه حتى اليوم، لكن وضعها صار محرجاً للغاية أمام المجتمع الدولي، فهل لها أن تنفّذ تهديداتها بدخول رفح؟
أي قرار لوقف النار يعني انتصاراً لـ «حماس» ووحدة الساحات، لأنّ إسرائيل على فداحة الخسائر الناجمة عن اعتداءاتها لم تحقّق الأهداف التي رسمتها لحربها على غزة. ولم تحرّر الرهائن ولم تقضِ على حركة «حماس» التي لا تزال تملك القدرة على مواصلة القتال في الداخل الفلسطيني لأشهر إضافية.
لكن القرار شكّل سابقة بعد سلسلة اخفاقات لمجلس الأمن سببها «الفيتو» الأميركي، والروسي أخيراً.
عدم تصويت الولايات المتحدة يعني بداية تعثر في العلاقة الأميركية مع إسرائيل ورسالة استياء من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي يرفض الإذعان لأي طلب لوقف النار ورفض الهدنة التي كان يفترض التوصل اليها مع بداية شهر رمضان الجاري.
تخلّف إسرائيل عن تنفيذ القرار وهو ليس ملزماً، ولا يندرج تحت فصل سادس أو سابع، لا يلغي حقيقة وقوف المجتمع الدولي برمته وضمنه الولايات المتحدة في مواجهة حرب إسرائيل على غزة التي صارت تحرج أميركا أمام اللوبي الاسلامي والعربي عشية الانتخابات الرئاسية.
تعبت أميركا وتريد الإلتفات إلى انتخاباتها الرئاسية. شكّل القرار أول إدانة علنية لإسرائيل من قبل مجلس الأمن، وأولى خطوات التباعد الفعلية عن إسرائيل.
يمكن تفسيره على أنّه جزء من الضغط السياسي الأميركي على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وحكومته ومجاراة مشاعر العرب والمسلمين الذين كانوا على موعد مع إعلان وقف موقت لإطلاق النار مطلع شهر رمضان.
منذ إعلانه لم يتأمل محور المقاومة أن يكون القرار موضع تنفيذ من قبل إسرائيل. ولم يندرج تحت الفصل السابع أو السادس، ولم تعلن آلياته التطبيقية، ولم يتضمن تفاصيل أبعد من التوصية بإطلاق الرهائن، فكيف لـ «حماس» أن تطلقهم وبناءً على أية اتفاقية؟ وما هي الضمانات، وبناءً على أي حل سياسي؟ ومن جانب إسرائيل كان متوقعاً ألّا تأخذ القرار في الإعتبار، وهي تتحضر لدخول رفح.
ومن سلبيات القرار أنّ التصويت عليه لم يقترن بفرض انسحاب إسرائيل من غزة وعودة النازحين إليها، وأنّه نصّ على وقف موقت للحرب حتى نهاية شهر رمضان الجاري، أي لأسبوعين فقط. وكان سيندرج في سياق ايجابياته: وقف العمليات الاسرائيلية ودفق المساعدات إلى أهالي غزة وإعادة تنظيم «حماس» في الداخل، لكنّه لم ينتقل إلى حيّز التنفيذ ما يعني أنّ حرب الإستنزاف مستمرة، وأنّ نتنياهو لن يسلم إلى قدره بسهولة.
وكما في غزة ورفح كذلك في لبنان، تسعى إسرائيل إلى استفزاز «حزب الله» بجرّه إلى حرب أوسع. فوسّعت بنك أهدافها، وهي تدرك أنّ «حزب الله» ليس في وارد الدخول في حرب معها، ولو أنّ قرار مجلس الأمن ليس له علاقة بما تشهده ساحة الجنوب.
وبمعزل عن القرار فإنّ المفاوضات بين «حماس» واسرائيل ستتواصل. وصول رئيس حركة «حماس» إلى طهران يعزّز فرضية التباحث في شأن صفقة تسبق الهدنة، والزيارة هدفها التنسيق علماً أنّ إيران، كما «حزب الله»، يرفضان تحمل مسؤولية أي اتفاق ويتركان لـ «حماس» حرية القرار الذي تجده مناسباً.
هي الادانة الأولى لإسرائيل من حيث الشكل ومكسب على مستوى التوتر في العلاقة مع الأميركيين الذين سيحرجهم بعد اليوم تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، ناهيك عن الانتقادات الداخلية لرئيس وزراء إسرائيل حيال سياسته مع أميركا التي يسودها التوتر. أي ما يعتبره البعض أنّه بداية النهاية لرئيس وزراء إسرائيل.