عروبة الإخباري –
أحال مجلس الوزراء قبل أيام إلى مجلس النواب مشروع قانون التصديق على الاتفاقية المُعدلة لاتفاقية إعادة تأهيل وتوسعة وتشغيل مطار الملكة علياء الدولي لسنة 2024، وهي الاتفاقية التي أبرمتها الحكومة الأردنية، ممثلة بوزارة النقل، مع شركة مجموعة المطار الدولي في عام 2007 ومدتها 25 عاما، والتي يرغب الفريقان في تمديدها لمدة خمس سنوات اضافية لتنتهي في عام 2037.
فمن الناحية الشكلية، يعد الإجراء الذي قامت به الحكومة بإحالة موضوع تعديل اتفاقية المطار إلى مجلس الأمة للموافقة عليه سليما ومتوافقا مع الأصول الدستورية. فالمادة (117) من الدستور تنص على أن كل امتياز يُعطى لمنح أي حق يتعلق باستثمار المناجم أو المعادن أو المرافق العامة يجب أن يُصدق عليه بقانون.
إن المطار يعد من المرافق العامة التي تقدم خدمات عامة للأفراد، بالتالي يكون أي امتياز يتعلق باستثماره وإدارته بحاجة إلى الموافقة عليه بقانون خاص تقره السلطة التشريعية. ويقصد بالمرفق العام كما استقر القضاء الإداري على تعريفه بأنه “مشروع تنشئه الدولة أو تشرف على إدارته، يعمل بشكل منتظم ومطرد وفق نظام قانوني معين، ويستعين بسلطات الإدارة لتزويد الجمهور بالحاجات العامة التي يتطلبها، ولا يهدف إلى تحقيق الربح وإنما يسعى للمساهمة فى صيانة النظام وخدمة المصالح العامة فى الدولة”.
وتتعدد وسائل إدارة المرافق العامة في فقه القانون الإداري؛ فهي قد تدار بأسلوب الإدارة المباشرة بحيث تقوم الدولة بأجهزتها المختلفة بتسيير المرفق العام بنفسها ولحسابها، أو أن تتم إدارتها بأسلوب المؤسسات المستقلة، والذي يقصد به أن تقوم الدولة بإنشاء هيئة مستقلة ماليا واداريا يناط بها مهام إدارة وتشغيل المرفق العام.
ويبقى الأسلوب الأهم في إدارة المرفق العام هو أسلوب الامتياز، وهي الطريقة التي لجأت إليها الدولة الأردنية لإعادة تأهيل وتشغيل مطار الملكة علياء الدولي في عام 2007 لفترة زمنية طويلة نسبيا، وبشكل حصري للشركة التي تعاقدت معها لهذه الغاية.
إن عقد الامتياز هو عقد إداري بطبيعته يتم إبرامه بين الإدارة مانحة الامتياز، التي قد تكون مركزية أو لا مركزية، والشخص الطبيعي أو المعنوي الخاص الذي يتم اختياره ليتولى الإشراف على المرفق العام وإدارته، ويسمى الملتزم أو صاحب الامتياز. ويكون محل الامتياز دائما تشغيل وإدارة مرفق عام من قبل صاحب الامتياز لتقديم خدمات عامة للجمهور وتحقيق المصلحة العامة.
إن قيام الحكومة بإقرار مشروع قانون تصديق جديد على اتفاقية المطار المعدلة لعام 2024 يعد إجراء إيجابيا، أعاد الاعتبار إلى حكم المادة (117) من الدستور فيما يخص ضرورة التصديق على أي اتفاق امتياز أو تعديله بموجب قانون خاص.
فعند إبرام اتفاقية امتياز المطار في عام 2007، أصدر المجلس العالي لتفسير الدستور قراره رقم (1) لسنة 2012 الذي قضى بأنه لا توجد ضرورة دستورية لإصدار قانون خاص للتصديق على امتياز المطار، وبأن المادة (66/أ) من قانون الطيران المدني رقم (41) لسنة 2007، التي دخلت حيز النفاذ بعد إبرام الاتفاقية، تعتبر بمثابة تصديق على هذه الامتياز، وتنفيذا وافيا لما تتطلبه المادة (117) من الدستور.
كما جاء القرار الحكومي بإحالة مشروع قانون تصديق جديد للاتفاقية المعدلة متوافقا مع اجتهاد المحكمة الدستورية في هذا السياق، والتي سبق لها وأن أقرت مبدأ دستوريا يتعلق بتفسير المادة (117) من الدستور مفاده أن تعديل اتفاق الامتياز يكون بحاجة إلى قانون تصديق معدل.
ففي قرارها التفسيري رقم (1) لسنة 2013 المتعلق بجواز تعديل اتفاقية امتياز التقطير السطحي للصخر الزيتي، قضت المحكمة الدستورية بأن العقود التي تتضمن إجراء تعديلات على اتفاقيات الامتياز دون الرجوع إلى مجلس الأمة والحصول على موافقته عليها تعتبر مخالفة للدستور وغير نافذة.
وتبقى القواعد الموضوعية في قانون التصديق المعدل لاتفاقية امتياز المطار، والتي تتعلق بماهية التعديلات التي جرى الاتفاق عليها بين الحكومة والشركة حاملة الامتياز، خاضعة لرقابة مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب، باعتباره صاحب الولاية الدستورية في التشريع وإصدار القوانين.
* أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة