عروبة الإخباري –
طموحات كبيرة للدفع بإصلاحات عميقة وشاملة تفتح الطريق لإحداث نقلة في البلاد، هي ما كشفه الخطاب السياسي لحكومة الرئيس الشيخ محمد صباح السالم الصباح وهي التي طال انتظارها وتعذّر إجراؤها بسبب الخلافات السياسية وعدم استقرار السلطتين التشريعية والتنفيذية الناتج عن كثرة المناكفات بين الحكومات والبرلمان المتعاقبة.
فخلال زيارة قام بها إلى مدينة صباح السالم الجامعية، أكد الرئيس، على إن رؤية الكويت 2035 تعتمد على بناء اقتصاد مواز للاقتصاد النفطي، مؤكّدا أنّ التحدي الأول لحكومته هو “إعادة الطمأنينة لأهل الكويت بقدرتها على الإصلاح”، وموضّحا “أن ذلك يتم عبر تطبيق حقيقي للقانون على الجميع”.
الشيخ محمّد صباح السالم يروّج لإصلاحات تطال الاقتصاد ولا تستثني تغيير نموذج دولة الرفاه المطبّق في البلاد، جنبا إلى جنب محاربة الفساد الذي تحوّل إلى ظاهرة خطرة تبتلع جزءا كبيرا من المقدرات المالية الكبيرة للدولة.
سياسيا في ظل وجود الشيخ مشعل الأحمد وما تتميّز به شخصيته من صرامة وحزم على رأس هرم السلطة في البلاد، وهي ميزة يتقاسمها مع رئيس الحكومة الذي أظهر حرصا على تطبيق القانون وإجرائه على الجميع دون استثناء.
لا شك بأن الوضع الراهن بات مهيّأ لإحداث التغييرات المنشودة في الوطن، من جهة الملاءمة بخصوص أوضاعها مقارنة بأوضاع باقي بلدان منظومة مجلس التعاون الخليجي التي أنجزت إصلاحات عميقة بدأت نتائجها تُلمس بشكل واضح على أرض الواقع، وإن بمستويات متفاوتة بين بلد وآخر، وذلك
ومع كل ما سبق، لا تبدو طريق الإصلاح ممهّدة من دون تغييرات عميقة تعيد التوازن إلى العلاقة بين السلطتين وتحدّ من تغوّل البرلمان الذي لم يخدم الديمقراطية بقدر ما كرّس صراعات الأجنحة وتحوّل في الكثير من الأحيان إلى منصة لتصفية الحسابات ضمن الصراع على النفوذ والمكاسب السياسية والمادية.
عدد من المتابعين في الصالونات السياسية، يعتبرون ان صعوبة تمرير الإصلاحات وخصوصا منها ما يتعارض مع توجّهات نواب مجلس الأمّة التي يمكن وصفها في الكثير من الأحيان أنها شعبوية، لأنها قائمة بشكل أساسي على استرضاء الشارع برفع شعارات الدفاع عن المكاسب الاجتماعية للمواطنين والسعي لتدعيمها، بغض النظر عما ترتّبه من أعباء على موازنة الدولة المرتهنة إلى حدّ كبير لعوائد النفط.
ومن جهة أخرى يأمل البعض في أن يسفر الاستحقاق الانتخابي عن تشكيل مجلس أمّة أكثر توافقا من الحكومة بشأن تمرير الإصلاحات، يرى آخرون أنّه لا يوجد أي مانع قانوني أو سياسي من استنساخ مجلس مطابق لسابقه الأمر الذي سيعني تواصل الدوران في الحلقة المفرغة لحل البرلمانات وإقالة الحكومات وإعادة تشكيلها والتي ميزت الكويت لسنوات طويلة.
ولذلك يعتبر حديث رئيس الحكومة عن بناء اقتصاد كويتي متحرّر من الارتهان لعوائد النفط هدفا بالغ الطموح يتطلّب سلسلة طويلة من الإجراءات.
طريق الإصلاح لا تبدو ممهّدة من دون تغييرات عميقة تعيد التوازن إلى العلاقة بين السلطتين وتحدّ من تغوّل البرلمان
وايضاً الطموح يصل “كويتياً” لتقليص حجم القطاع العام المتضخّم على نحو مرهق للدولة، لكنّ القطاع الخاص لم يواكب هذا الطموح نظرا للعزوف الشديد من قبل المواطنين للعمل فيه نظرا لضعف ما يقدّمه من امتيازات لمنتسبيه قياسا بما يوفّره القطاع العام الذي تحوّل في كثير من الأحيان إلى كفالة اجتماعية مقنّعة عبر منح الرواتب للموظفين من دون الحصول نظيرها على خدمات تذكر.
كما تطمح إلى التخلّي عن نموذج دولة الرفاه، وذلك وفقا لتصريحات سابقة لرئيس الحكومة انتقد فيها هذا النموذج لافتا إلى أنّ الدعوم تستهلك أكثر من عشرين في المئة من الميزانية العامة للدولة، ومشيرا إلى وجود توجّه مستقبلي لاعتماد أسلوب الدعم الموجّه إلى طبقات معيّنة تحتاج إليه بالفعل.
كان رئيس الحكومة صرح مؤخراً الى إنّ أول إجراء قامت به حكومته في ملف الفساد هو إعادة تحريك قضية صندوق الجيش التي تُتَداول الآن حيث قدمت الحكومة بلاغا جديدا حول ما جرى في المكاتب العسكرية في السفارات الكويتية حول العالم من اعتداء على الأموال العامة، مؤكّدا أنّه لن يتم التوقّف عند هذا الحدّ “وقد قُدم البلاغ وسلك طريقه إلى محكمة الوزراء”، ومضيفا “أن الدولة قادرة بأبنائها وبشعبها على أن تصلح كل ما انحرف”.
محاربة الفساد لا تستثني أيضا، ملف الشهادات العلمية المزوّرة وذلك من خلال إطلاق حملة غير مسبوقة من قبل وزارة التربية تشمل مراجعة الشهادات التي تحصّل عليها أصحابها منذ سنة 2000 إلى الآن والتأكد من صحّتها.