عروبة الإخباري –
أكد مدير الأمن العام اللواء عبيدالله المعايطة، أن المديرية ضاعفت في الآونة الأخيرة من إجراءاتها العملياتية، والتوعوية الشاملة؛ لمنع دخول المخدرات بأنواعها المختلفة إلى المملكة، وفق أطر أمنية عمادها التكاملية، والتنسيق عالي المستوى مع الجيش العربي، والأجهزة الأمنية الأخرى.
وأشار المعايطة خلال رعايته ندوة نظمتها جماعة عمان لحوارات المستقبل، السبت، بالتعاون مع مديرية الأمن العام، إلى سعي المديرية الدائم؛ لتعزيز قدرات إدارة مكافحة المخدرات البشرية والفنية، وبما يمكنها من المضي قدمًا في تنفيذ أدوارها الأمنية المرتكزة على فلسفة وقائية، وعملياتية، وعلاجية وتوعوية.
وأكد المعايطة حرص المديرية على تنفيذ التوجيهات الملكية السامية بإبقاء الأردن بعيدًا عن أضرار المخدرات، ضمن سبل تعاونية مع مختلف المؤسسات الوطنية والمجتمعية، وبما يعزز الوعي المجتمعي الرافض بشدة لهذه الآفة، حفاظاً على سلامة أبناء المجتمع كافة.
بدوره قال رئيس جماعة عمان لحوارات المستقبل بلال التل، إن “ما يجري على حدودنا الشمالية ليس عمليات تهريب للمخدرات من شأنها زعزعة استقرار المجتمعات وإضعاف قدرتها على العطاء والإنتاج فحسب، بل هو حرب حقيقية عنوانها الظاهر تهريب مخدرات وأسلحة، وباطنها أجندات سياسية ومذهبية، تقف وراءها دول تختبئ وراء عصابات، ومليشيات يفوق عددها وفق المعلومات الأمنية 160 تشكيلاً عصابياً، جرى تسليحها بأسلحة ثقيلة، كالصواريخ، والطائرات المسيّرة، والمدافع الرشاشة، والألغام المضادة للأفراد، والبنادق الحربية المزودة بمناظير قنص”.
وأضاف التل، إن العصابات والمليشيات التي تستهدفنا من حدودنا الشمالية لا تكتفي باستهدافها لبلدنا بأسلوب عصابات التهريب من خلال محاولة التسلل، بل تلجأ إلى الاشتباك مع قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وبأعداد كبيرة تصل إلى المئات في معارك تدوم لساعات طويلة، مؤكدا أن بلدنا يخوض الحرب على حدودنا الشمالية نيابة عن العالم كله، ما يستدعي هبة إقليمية ودولية لمساندة الأردن في هذه الحرب.
من جهته قال مدير إدارة مكافحة المخدرات، العقيد حسان القضاة، إن إدارة مكافحة المخدرات أنشئت عام 1973 بناءُ على توجيهات ملكية سامية، وهي ثاني إدارة عربية مختصة بمكافحة المخدرات في الإقليم، والجهة المخولة قانونًا بمتابعة قضايا المخدرات وتنفذ واجباتها بالتعاون والتنسيق مع جميع الأجهزة الأمنية الأخرى، إضافة إلى التنسيق الدولي.
وأضاف القضاة، إن الأردن صادق على معظم الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة هذه الجرائم ومن أبرزها الاتفاقية المعلنة عام 1961، واتفاقيَّات المؤثرات العقلية عام 1971، و اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات عام 1988.
وبيّن أن أول نصوص قانونية محلية تتعلق بالمخدرات صدرت عام 1928، تلاها عدة تشريعات أبرزها قانونا المخدرات والمؤثرات العقلية لعامي 1988و2016، والقانون المعدل لعام 2021، مشيرا إلى تأسيس أول مركز لعلاج المخدرات عام 1993 استجابة للطلب المتزايد من مدمني المخدرات وذويهم، وبلغت طاقته الاستيعابية 17 سريرًا، وفي عام 2012 أنشئ مركز آخر بطاقة استيعابية 170 سريرًا، و في عام 2020 أنشئ مركز لعلاج المدمنين داخل أحد مراكز الإصلاح والتأهيل بطاقة استيعابية بلغت 40 سريرًا لعلاج المحكومين بقضايا تعاطي المخدرات، حيث تمت معالجة 951 مدمنًا عام 2022، و 852 عام 2023.
وعرض وزير الأوقاف الأسبق الدكتور عبد الناصر أبو البصل، للأدلة الشرعية التي تدل على تحريم المخدرات، ودور العلماء والمؤسسات الدينية في توعية الناس بمخاطرها، وضرورة التعاون بين الجميع لمكافحة هذه الظاهرة.
وقال أبو البصل، إن للوعظ والإرشاد الديني دورا مهما في مواجهة آفة المخدرات، مبينًا أن تحريم المخدرات ليس كافيًا كي يحذر الناس هذه الآفة، مشيرا إلى أنه عندما لا يرتدع الشخص من زواجر الوعظ والإرشاد فلا بد له من عقوبة رادعة.
واعتبر أبو البصل أن نشر وترويج المخدرات هو شكل من أشكال الإرهاب، و “على الحكومة رفعه إلى درجة الإفساد في الأرض، وتطبيق قانون الحرابة على المتعاملين بها ترويجا واتجارا دفاعًا عن أمن المجتمع والدولة وحماية لشبابنا وأسرنا، ووجودنا” مشيرا الى أن ما يقوم به منتسبو الأمن العام هو جهاد يجب على الجميع المشاركة فيه.
ودعا عضو جماعة عمان لحوارات المستقبل الدكتور عبدالرحمن الشديفات الى تكاتف الجهود للحد من آفة المخدرات التي أضحت أمرا مقلقا على الصعيد الوطني والإقليمي بسبب مخاطرها على حياة ومستقبل الشباب واليافعين، لافتا الى ما تقوم به القوات المسلحة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية لإحباط مخططات تهريب ممنهجة للمخدرات وبكميات كبيرة.
كما دعا الى اتخاذ تدابير حازمة ووضع استراتيجية وطنية للتعامل مع هذه الآفة والقضاء على خطرها وتغليظ العقوبات، بموازاة إطلاق برامج توعوية هادفة لتعزيز الوعي الصحي لدى كافة الفئات المجتمعية، مع التركز على الفئات الشبابية في الجامعات والمدارس والمراكز الشبابية.
وعرض الشديفات لأهم أسباب انتشار المخدرات والمتمثلة بالتدخين والتفكك الأسري، وغياب الرقابة الأسرية على الأبناء، وجهل الآباء بأساليب التربية، مؤكدا أهمية تشكيل تحالف عربي إقليمي من الدول المتضررة يعتمد خطة للدفاع المشترك ضد هذا الخطر، والحصول على تقنيات استشعار حديثة لكشف وسائل التهريب.
بدوره قال عميد كلية العلوم التربوية في الجامعة الأردنية، الدكتور محمد الزيود، إن مشكلة المخدرات بأبعادها المتعددة وتأثيراتها المدمرة على البنية التربوية والاجتماعية تعد من التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء، مؤكدا أن هذه المشكلة عابرة للحدود، وتتشعب لتشمل مختلف جوانب الحياة، حيث تتداخل فيها الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية، والبيئية.
وأضاف، إن تعاطي المخدرات يرتبط بعدة عوامل، منها الاقتصادية، والمادية التي تجبر البعض على اللجوء إلى هذا السلوك كوسيلة للهروب من الواقع الصعب، وبالإضافة إلى ذلك، تؤدي العوامل النفسية، والاجتماعية دورًا هامًا في تشكيل نمط استهلاك المخدرات، حيث يمكن للمراهقين أن يتعلموا الإدمان من خلال تأثير البيئة والأقران.
وقال، إن تأثير المخدرات لا يقتصر على المتعاطي فقط، بل يتجاوزه ليطال المحيطين به، موضحا أن تعاطي المخدرات يدمر حياة الفرد، وله انعكاسات خطيرة على الأمن المجتمعي.
وأوضح الزيود أن تعاطي المخدرات يؤدي الى إضعاف العمليات الذهنية، والقدرات المعرفية، وتراجع مستوى الكفاءة المعرفية، وتدني المستوى الأكاديمي ويزيد من معدلات الجرائم والسرقات، والترويع، ويهدد استقرار المجتمع، ما يستدعي تدخلًا عاجلاً من جميع الفاعلين لعلاج هذه المشكلة.
من جهتها قالت المحامية ديمة خليفات إن أول اهتمام للمجتمع الدولي بمشكلة المخدرات كان قبل قيام عصبة الأمم في مؤتمر شنغهاي عام 1909 لمحاربة الأفيون ومشتقاته، وأول عمل قانوني كان بتوقيع معاهدة الأفيون الدولية في لاهاي عام 1912، إلا أن الجهود الدولية بدأت رسمياً بمكافحة المخدرات عام 1961، حين بدأت الأمم المتحدة في عقد مؤتمرات دورية، نتج عنها ثلاث معاهدات دولية رئيسية لمكافحة المخدرات تعتبر جزءاً من تشريعاتنا.
و أضافت خليفات، إن أول هذه المعاهدات هي “الاتفاقية الوحيدة للمخدرات” التي تم تبنيها في مؤتمر الأمم المتحدة في آذار 1961 في نيويورك. وهدفت إلى مكافحة تعاطي المخدرات من خلال تنسيق تدخل دولي لردع تجار المخدرات، والمعاهدة الثانية هي “اتفاقية المؤثرات العقلية” والتي تم اعتمادها في مؤتمر للأمم المتحدة في عام 1971 في فيينا؛ لإنشاء نظام رقابة دولي على المؤثرات العقلية، وفي مؤتمر الأمم المتحدة عام 1988 في فيينا، تم اعتماد المعاهدة الدولية الثالثة لمكافحة المخدرات وهي “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية” ونصت على التدابير العملية لمكافحة الاتجار بالمخدرات، بما في ذلك من أحكام مكافحة غسل الأموال وتحويل السلائف الكيميائية والتعاون الدولي من خلال عمليات التسليم الخاضعة للرقابة وعمليات النقل الملاحقة قضائيًا.
وقال المدير التنفيذي للشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية الدكتور مهند النسور إن أنواع المخدرات وأشكالها تختلف حسب طريقة تصنيفها، فبعضها يصنف على أساس تأثيرها، وبعضها الآخر يصنف على أساس طرق إنتاجها أو حسب لونها، وربما بحسب (الإدمان- النفسي والعضوي)، وتتفاوت أنواع المواد المخدرة بدرجة تأثيرها وطريقة عملها على الجهاز العصبي للإنسان، مثل “الحشيش والماريجوانا، المخدرات المهدئة، المخدرات المنشطة مثل الكوكايين المواد المهلوسة، والمواد المستنشقة العطرية مثل الصمغ، والمسكنات والمهدئات الطبية مثل المورفين.
وأشار النسور إلى أهم البرامج العلاجية مثل دورات تعليمية تركز على حصول المدمن على العلاج الداعم، ومنع الانتكاس، ويمكن تحقيق ذلك في جلسات فردية، أو جماعية أو أسرية، إضافة الى المشورة من مستشار نفسي بشكل منفرد أو مع الأسرة ، أو من طبيب نفسي للمساعدة في مقاومة إغراء الإدمان على المخدرات واستئناف تعاطيها.