عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
ألتقيته قبل أكثر من ربع قرن كان في قمة نشاطه وقدرته على العمل ً
… كان يتدفق حيويته وهو يأتي من مواقع العمل التي ينجزها ويشرف عليها، والتي استحق عليها تكريم نقابة المهندسين أخيراً… كنا نلتقي في منزله العامر في عمان… كان يعود من مؤتة التي بنى جامعتها أو من ورشة مسجد الملك المؤسس أو من أربد حيث المدن الصناعية، ودوره الكبير في الصناعة ومن مدن (QIZ).
كان زياد صلاح، صاحب رؤية وبصيرة وعمل، كان جواداً، وقد أنخرط عشرات الطلاب في قوائم كان يساعدها ويسدد متطلباتهم، كما كان يساند العشرات من الأسر الفقيرة، وكان يقول كيف يطيب لنا العيش وننعم به وغيرنا بحاجة لوجبة ساخنة أو قطعة ملابس تحميه من البرد.
كان المهندس زياد صلاح، صاحب نخوة وحُس إنساني .. وكانت الدكتورة أم عمر، زوجته، التي رافقت مسيرته الطويلة الصعبة، تعرف عنه ذلك وتسند مواقفه وتتحمل، وقد جربت الكثير وصبت كل جهدها على تنشئة اولاده الذين كانت تمر أوقات دون أن يراهم، فأحسنت التربية والإعداد حتى اقتحم اولاده طرق الحياة، ونجحوا واستمروا وسط دعاء الأب والأم.
سررت كثيراً بتكريم المهندس صلاح، حتى وإن جاء هذا التكريم متأخراً، فالرجل يستحق التكريم على اكثر من نشاط وخاصة مساهماته الكبيرة التي دعمت الاقتصاد الوطني وفتح الآفاق الواسعة له بجرأة وشجاعة، فلم يكن يخشى في الحق لصالح الوطن لومة لائم.
لم تكن طريق زياد صلاح، محفوفة بالورود، فقد عانى الخذلان والنكران والمس بمشاريعه الناجحة واستمع لكثير من الكلام الذي لا لزوم له والذي ليس له مكان في وصف مسيرته، ولكنه تحمل الكثير، وكانت أوراق اعتماده محبة الناس وصدقه في العمل.
اليوم يجلس زياد صلاح، ليمد بصره … عبر مسافات طويلة، تزيد عن ستين سنة عمل فيها بصبر واتقان وأخلاص، فيتذكر من وقف الى جانبه ودعمه ومن تنكر له وطعن نجاحه وانقلب عليه، ولكنه أبداً لم يرد على الشتيمة بمثلها، بل ردّ بالتسامح والعودة الى الحق والبعد عن التمادي.
ينحدر زياد صلاح، من أسرة فلسطينية معروفة سياسية، ومثقفة كانت من أصحاب الأطيان، فللأسرة في ساحل فلسطين عقارات ممتدة في نتانيا وأماكن أخرى، وكانت والدته من طلائع المتعلمين وكثير من أفراد العائلة التي تحمل الاسم، ممن عملوا في الحركة الوطنية الفلسطينية أبان ثورة عام 1936، وحتى في اللجان القومية التي انبثقت في نابلس واسندت ثورة 1936 وإضرابها الكبير.
سيبقى المهندس زياد صلاح واحداً ممن حفظوا تاريخ الوطن، وقد ظل مخلصاً لفلسطين والأردن، ووضع كل امكانياته في خدمة ذلك غير نادم على شيء في قسوة الحياة.
يقول زميلنا الصحفي طلال السكر، انه يعرف المهندس صلاح منذ كان صغيرا فقد كان جارا لاهله سموا بيته قصرا كان جارنا، وأنه كان متواضعا في التعامل مع الجميع وفي احدى المرات جلس مع جدي على الأرض وتناولا طعاما كان من الزيتون واللبنة والزعتر وظل على صلة به انه نعم الجار كان وفيا وظل على صلة طيبة بجدي وكنت حاضرا