عروبة الإخباري –
لا شك بأن العديد من الأخبار الساخنة، كان في غالبيتها غير مدعاة للتفاؤل، فقد طغت على الشأن الفلسطيني على مدار العام 2023، والذي يوشك على الانتهاء خلال الأيام القليلة القادمة، ففي العام المنصرم، ترسخت أحداث جسيمة مثقلا بالدماء والدمار والشهداء.
فمع انتهاء سنة 2023، تودّع فلسطين عاما مثقلا بالدماء والدمار، ارتكب فيه الاحتلال أبشع المجازر ودمّر كل مقومات الحياة في قطاع غزة، فضلا عن استمرار جرائم القتل والإعدامات الميدانية في الضفة الغربية.
كانت معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما تلاها من عدوان إسرائيلي الحدث الأبرز في هذا العام، يضاف إليهما ما شهدته مناطق شمال الضفة، وخاصة مخيمي جنين وطولكرم والبلدة القديمة في نابلس، من اقتحامات إسرائيلية خلفت عشرات الشهداء.
ومقابل توتر ميداني، واجه المستوى السياسي تعقيدات كثيرة؛ منها الفشل في فتح مسار سياسي، والضائقة المالية نتيجة الاقتطاعات الإسرائيلية التي أدت إلى سلسلة إضرابات شلت قطاعات حيوية بالضفة لشهور.
فيما يلي أبرز الملفات والأحداث التي جرت على الأرض الفلسطينية للعام المنصرم 2023 كما اوردتها قناة الجزيرة
كريم يونس
في الخامس من يناير/كانون الثاني، أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس من قرية عارة في أراضي 48 بعد 40 عاما من الاعتقال.
استشهاد خضر عدنان
في الثاني من مايو/أيار، أعلنت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية استشهاد مفجر الإضرابات الفردية في السجون الإسرائيلية الأسير خضر عدنان في اليوم الـ86 لإضرابه عن الطعام.
معركة ثأر الأحرار
في التاسع من مايو/أيار، شنت طائرات الاحتلال سلسلة غارات على قطاع غزة، استمرت 5 أيام وأدت إلى استشهاد 34 فلسطينيا، في حين أعلنت الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية عن قصف العمق الإسرائيلي برشقات صاروخية.
بلدة حوارة
عُرفت بلدة حوارة الفلسطينية جنوبي نابلس هذا العام بتكرار اعتداءات المستوطنين عليها، ففي 26 فبراير/شباط الماضي شهدت البلدة هجمات غير مسبوقة شنّها مستوطنون وأسفرت عن استشهاد فلسطيني وإصابة العشرات وإحراق وتدمير عشرات المنازل والسيارات، وتكررت هذه الهجمات لاحقا.
كما شهدت البلدة عدة عمليات إطلاق نار فلسطينية أدت إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود والمستوطنين. وفي تصريح أثار انتقادات دولية، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إلى “محو القرية”.
جنين ومخيمها
ظلت مدينة جنين ومخيمها بؤرة ساخنة طوال 2023 بسبب تكرار الاقتحامات الإسرائيلية أكثر من 16 مرة، وفق إعلام إسرائيلي، والتي أدت إلى استشهاد أكثر من 150 فلسطينيا من جنين ومخيمها (حتى 20 ديسمبر/كانون الأول)، وبرزت خلال هذا العام الاستهدافات بالطائرات المسيّرة وقصف المنازل في هذه المنطقة.
كانت أبرز الاغتيالات في الثالث من يوليو/تموز خلال “معركة بأس جنين”، حيث اقتحمت قوات الاحتلال المدينة ومخيمها، فاستشهد 13 فلسطينيا.
ومنذ سنوات، يلاحق الاحتلال أعضاء “كتيبة جنين” المسلحة والمكونة من عناصر عسكرية من مختلف الفصائل، أبرزها حركة الجهاد الإسلامي.
تصعيد ميداني في نابلس وطولكرم
شهدت مدينتا نابلس وطولكرم تصعيدا ميدانيا خلال 2023 بسبب تكرار الاقتحامات الإسرائيلية لملاحقة عناصر كتيبة عرين الأسود، التي اتخذت من البلدة القديمة موئلا لها، وملاحقة عناصر “كتيبة طولكرم” المتمركزة في مخيم نور شمس.
وبينما أدت الاقتحامات إلى استشهاد نحو 90 فلسطينيا في نابلس، و65 شهيدا في طولكرم (حتى 20 ديسمبر/كانون الأول) بينهم عدد كبير تم استهدافه بطائرات مسيرة. فيما أدت الهجمات الإسرائيلية اليومية من جيش الاحتلال والمستوطنين على المناطق المحتلة عام 1967 (الضفة الغربية وشرقي القدس) إلى استشهاد أكثر من 500 فلسطيني.
أول سفير سعودي لدى فلسطين
في 12 أغسطس/آب سلّم سفير السعودية لدى الأردن نايف بن بندر السديري نسخة من أوراق اعتماده سفيرا فوق العادة مفوضا وغير مقيم لدى دولة فلسطين وقنصلا عاما للمملكة في القدس.
“طوفان الأقصى”
فجر السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول شنّت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عملية أسمتها “طوفان الأقصى” على إسرائيل، وشملت هجوما بريا وبحريا وجويا، وتسللا للمقاومين إلى عدة مستوطنات في “غلاف غزة”.
وأدت العملية إلى مقتل قرابة 1200 جندي ومستوطن إسرائيلي، وإصابة نحو 5431 وأسر قرابة 239، تمت مبادلة العشرات منهم بالمئات من الأسرى الفلسطينيين، في حين أدى العدوان الإسرائيلي الذي أعقبه على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى 20 ديسمبر/كانون الأول إلى استشهاد 20 ألف فلسطيني بحسب بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني، 70% منهم نساء وأطفال، وإلى إصابة أكثر من 55 ألفا معظمهم أطفال ونساء أيضا.
حصار واقتحام المسجد الأقصى
تعرض المسجد الأقصى منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول لحصار هو الأشد منذ مدة طويلة، حيث مُنع الدخول للصلاة فيه لمن هم خارج البلدة القديمة من القدس، وفُرضت قيود على دخوله لمن هم داخل البلدة القديمة.
أما عن اقتحامات المستوطنين فزادت في المقابل عن أي عام سابق، وبلغ عدد المقتحمين منهم 41 ألفا في الشهور التسعة الأولى من العام الجاري، وهو رقم قريب من عدد المقتحمين طوال 2022.
استهداف الصحفيين
تعرض الصحفيون خلال 2023 لأكثر من 224 اعتداء، حيث استشهد أكثر من 90 من الصحفيين والعاملين في القطاع الإعلامي، منهم مصور قناة الجزيرة سامر أبو دقة في استهداف لطاقمها جنوب قطاع غزة. وتم تدمير منازل 50 صحفيا واعتقال 48، وفق نقابة الصحفيين الفلسطينيين والمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.
اعتداءات متصاعدة
منذ بداية 2023، ارتكب المستوطنون أكثر من 2270 اعتداءً ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 17 فلسطينيا، فضلا عن هدم أكثر من 600 منزل ومنشأة فلسطينية، وتشريد أكثر من ألف فلسطيني، وفق توثيق هيئة شؤون الجدار والاستيطان الفلسطينية.
أزمة السلطة المالية
استمرت عاما آخر الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية، وتواصل صرف رواتب منقوصة للموظفين الحكوميين نتيجة الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال السلطة المعروفة بـ”المقاصة”، وهي عائدات ضرائب عن البضائع الواردة إلى أراضي السلطة الفلسطينية تجلبها إسرائيل بدلا عنها في المعابر والموانئ، والمقدرة عام 2022 فقط بنحو 650 مليون دولار.
ومع اندلاع العدوان على غزة، تفاقمت الأزمة مجددا عندما قررت إسرائيل اقتطاع حصة غزة من “المقاصة” مقدرة بنحو 140 مليون دولار. وعندما مُنع نحو 200 ألف عامل من التوجه إلى أماكن عملهم داخل إسرائيل، فقد السوق قرابة 350 مليون دولار شهريا.
إضرابات مطلبية
نتيجة الأزمة المالية، شهد عام 2023 سلسلة إضرابات نقابية ومطلبية، أبرزها إضرابات المعلمين والأطباء والمحامين، مما تسبب في إعاقة عمل مختلف القطاعات لعدة شهور، دون أن يحقق بعضها مطالبه مثل إضراب المعلمين الذي أطاح بوزير التربية والتعليم مروان عورتاني.
ماذا عن 2024؟
في ضوء أحداث 2023 الساخنة، ماذا ينتظر الضفة في 2024؟ يجيب الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور تيسير عمرو، بأن معظم ملفات 2023 عناوين فرعية لقضية مركزية وهي عدوان الاحتلال، وتوقع ارتفاع وتيرة التصعيد والاعتداءات في 2024.
وقال عمرو للجزيرة نت، إن معركة “طوفان الأقصى” تُعد الحدث الأبرز لأنه لأول مرة تكون معركة مباشرة “للشعب الإسرائيلي” مع أصحاب الأرض الحقيقيين، “مما أحدث هزة يمكنها أن تخلخل بنية دعائم وجود إسرائيل، الأمر الذي قد يثير جدلا داخلها بين من يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني ويغادر، وآخر سيزداد تطرفا”.
وتوقّع عمرو أن يكون 2024 عاما متوترا، “فأغلب الملفات ما زالت ملتهبة وقابلة للاشتعال، من ملف الأسرى إلى الاستيطان وجنين ونابلس، فلا مجال للتهدئة، والأمور تتجه للتصعيد”.