عروبة الإخباري –
أكد رئيس الوزراء الأردني الأسبق المهندس علي ابو الراغب، أنّ أحداث 7 اكتوبر غيرت التاريخ، وتركت تأثيرات كثيرة في عدة نواحي على رأسها أنّ القوة الاسرائيلية التي لا تقهر قهرت بالفعل، والمقاومة الفلسطينية “بيضت الوجه”.
وقال أبو الراغب خلال حديثه لبرنامج نيران صديقة الذي يقدمه الزميل الدكتور هاني البدري عبر قناة عمان TV الأربعاء، إنّ كل يوم بمر على صمود اهالي غزة وسط حرب الإبادة عليهم هو نجاح يماثل 7 اكتوبر، لأنّ من يرى الصمود والتحمل والظلم والاجرام الذي يحدث وفي نفس الوقت المقاومة تبيض الوجه عسكريًا ومعنويًا للشعب الفلسطيني والعربي، يعلم أنهم أهل للصمود.
وأوضح أنّ ما يحدث في غزة اليوم من مقاومة وصمود سيغير تاريخ المنطقة ويكتب تاريخًا جديدًا، فالأمور لن تسير كما تريد إسرائيل، وغالبًا ستنسجم مع الارادة العربية، لا سيما وأن العالم كله للمرة الاولى يصطف مع حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية حتى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية اشار إلى ذلك.
وتجلى الموقف العالمي بحسب أبو الراغب إلى تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة الثلاثاء حيث وافقت أكثر من 150 دولة على مشروع قرار يدعو لوقف اطلاق النار دون إدانة أفعال المقاومة الفلسيطينية.
وأشار الى ان الوضع الإسرائيلي غير مطمئن لاسيما وأنّ حكومة بنيامين نتنياهو لم تلتزم بحماية المدنيين وتجنيبهم الصراع وانما تستهدفهم وتعمل على ابادتهم ما العالم لقلب الرأي ضد الرواية الاسرائيلية وكان آخرها الرئيس الامريكي جو بايدن الذي اختلف موقفه “180 درجة”.
ويرى أبو الراغب أنّ مشكلة اسرائيل أنها لا تريد حكم غزة لا من السلطة الفلسطينية ولا من حماس، وإنما يريد نتنياهو رجالًا يحكمونها كما يشاء هو، والحقيقة تكمن في أنّ الحرب ستنتهي في نهاية المطاف وسينسحب الجيش الاسرائيلي من غزة وستكمل حركة المقاومة الإسلامية حكمها للقطاع.
وإقترح رئيس الوزراء الأسبق على السلطة الوطنية الفلسطينية، أن تتعاون مع حماس للتعاون على حكم غزة، خاصة أنّ حماس لديها نفوذ في غزة وهي مسؤولة عن العديد من المصالح الحكومية فيها، فحماس مسؤولة عن الحياة العامة في غزة، والسلطة الوطنية الفلسطينية يجب ان تكون الآن أكثر توحيدًا للموقف الفلسطيني بمختلف الفصائل السياسية والمقاومة العسكرية.
وحول نوايا إسرائيل في السلام، قال إنهّ عند اجراء مباحثات السلام حتى عام 1994 كانت لإسرائيل نوايا صادقة بالسلام خاصة بوجود رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحاف رابين، الذي كان لحكومته عمق شعبي وسياسي يمشي في طريق السلام وعند اغتياله انتهى موضوع السلام وباتت إسرائيل لا تسعى إليه في ظل وجود قوى صهيونية عالمية لا تريد ذلك ولا تسعى إليه.
ويعتبر أبو الراغب أنّ اغتيال رابين لم يكن اغتيالا لشخص عادي وإنما قامت به جهة خارجية كبرى لا تريد السلام لإسرائيل.
وحول الموقف الموقف الأردني الرسمي لما يحدث في غزة وفلسطين، يرى أبو الراغب أنّه موقف هائل بدءًا من جلالة الملك وجلالة الملكة وسمو ولي العهد وصولًا إلى الحكومة والجهود الدبلوماسية التي تقوم بها وزارة الخارجية.
في الوقت ذاته تساءل: “لماذا نحن لم نحتج على مخالفات اسرائيل لمعاهدة السلام، ومنها عرض خارطة الأردن وفلسطين على انها الارض الاسرائيلية من قبل وزير المالية الاسرائيلي”، معتبرًا أنّ الأردن كان عليه التحرك رسميًا وتقديم شكوى للامم المتحدة.
وحول محاولات تهجير الفلسطينيين أشار أبو الراغب إلى أنّ إسرائيل تتعامل مع التهجير على أن الأردن بلد فارغ “مافيه ناس” وأنّ الفلسطينيين يستطيعون دخوله والوصول إلى المدن الكبرى بسهولة.
وقال إنّ نتنياهو يحاول اختراع حجج جديدة لمحاولة تكثيف الوجود العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية كان أحدها تهديد السلطة الوطنية الفلسطينية في حال توحدها مع حماس.
وبحسبه، فإنّ هناك تهجيرًا طوعيًا للشعب الفلسطيني يقوم على منح الحوافز وتسهيل حصول اهل الضفة الغربية على تأشيرات الهجرة والعمل في بلدان العالم في محاولة إلى إفراغ الضفة الغربية من أهلها، ولكن الشعب الفلسطيني متمسك في ارضه وصامد ولا يظهر أي نوايا للرحيل.
وشدد على ان صمود الشعب الفلسطيني في ارضه من شأنه أن يحبط اي مخططات للتهجير ، ولا بد للدول العربية والاسلامية ان تبحث كيفية دعم صمودهم في ارضهم، ولكن مقومات الحياة تتلاشى جراء استمرار العدوان الاسرائيلي وهناك جزء منهم سيخرج نتيجة هذه الضغوطات، متمنيا ان يكون هناك موقفا عربيا اقوى لادخال المساعدات الغذائية والطبية بغض النظر عن موافقة اسرائيل ام لا.
ونوه إلى أنّ الأفعال الإسرائيلية اليومية في المسجد الأقصى ومحيطه هي أفعال سافرة ولئيمة، وفي البند التاسع التي تتحدث عن احترام الوضع التاريخي للاردن ووصايته على المقدسات باشتراط الحديث عن هذه النقطة عند المفاوضات، لا سيما وأنّ هذه الأفعال تفتقد لاحتجاج دولي واضح باستثناء الأردن.
ونوه الى ان معاهدة السلام وقعت عام 1994 وقبل ذلك الاردن كان يتولى شؤون الاقصى بالكامل حيث كان مسؤولاً عن الصيانة والانشائية والاعمار والنظافة والحراس وكل شيء ولم تكن هناك اعتداءات على ادارة الاقصى، وعندما جاءت الحكومة اليمينية بدأ انتهاك المسجد الأقصى.
واستبعد وجود أي سلام طالما اليمينيون المتطرفون يمسكون زمام الحكومة الاسرائيلية ونتنياهو تحدث صراحة بأنه لا توجد حل الدولتين وما دام الارادة الامريكية ليس لديها ارادة جدية. لن يكون ذلك، معتبرا أنّ القوى الصهيونية تحكم تل أبيب وواشنطن في آن واحد وتخضعهم في سبيل سلب الاراضي الفلسطينية الكاملة.
وأشار إلى أنّ اتفافية اوسلو فشلت فشلا ذريعًا وحتى عندما تم اتفاق اوسلو كان هناك نوع من الحماس، لعودة الفلسطينيين إلى ارضهم والمناضلة لأجل قضاياهم، واستطاع عرفات أن يدخل مع 200 الف فلسطيني بالعودة الى الضفة الا انهم دخلوا في معادلات معقدة.
وطالب الحكومة الفلسطينية بإعادة المستوطنين المتواجدين في الضفة الغربية إلى دولهم الأصيلة التي جاؤوا منها أو بقائهم داخل إسرائيل وترك المستوطنات المتواجدة في الوقت الحالي للاجئين الفلسطينين كجزء من الحل.
وبين أنّ الضامنين للمعاهدات العربية الاسرائيلية، أشادوا بالمعاهدات لا سيما الاردنية ووصفوها بالمعاهدة الممتازة والمقبولة دوليًا واستطاع جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال ان يثبت للعالم ان الاردن دولة تحب السلام وتدعمه، في وقت ضربت إسرائيل بعرض الحائط كل التزاماتها ولم تلتزم حتى باتفاقية اوسلو.
واستذكر ابو الراغب عرض الجانب الإسرائيلي لتنمية منطقة الاغوار والحديث حول وجود تفاهمات فلسطينية واتفاقيات اقتصادية مشتركة وكان وقتها ضمن الوفد الاسرائيلي اسحق رابين وشمعون بيريز وآخرين، ومن الجانب الاردني بقيادة جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال وسمو الامير المرحوم زيد بن شاكر ووزير الخارجية ورئيس الديوان الملكي، مضيفا انه شعر انه كان هناك حوار جاد ومصداقية واحترام متبادل وثقة بين الطرفين، وفي نهاية الاجتماع طرح بيريز مشاريع شراكة ضخمة منها في جانب المياه والزراعة في غور الاردن وكما تطرق الى امكانية استخدام مطار العقبة كون مطار ايلات قديم وصغير لا يستوعب الحركة للمسافرين والشحن وكما عرج الى طلب التعاون مع الاردن لنزول السياح بوجود عناصر امن وجمارك اسرائيليين وعندها استوقفه الملك الراحل الحسين معترضا وقال : “لن تطأ قدم عسكري اسرائيلي الأردن”، واذا اردتم استخدام مطار العقبة فالأردن هو المسؤول عن ذلك، وعندها اراد بيريز ان يناقش الموضوع الا ان الرئيس الاسرائيلي اسحق رابين قال له: “الموضوع انتهى” مشيرا الى ان رابين كان يحترم الملك الحسين ويعتبر كلامه مهما للغاية ، وهنا ابدى ابو الراغب عدم ثقته بأي مفاوضات بعد مرحلة اسحق رابين لان اسرائيل لا تحترم اي معاهدات او اتفاقيات .
أما على الصعيد الاقتصادي الأردني، أكد أبو الراغب أنّ الحرب أثرت على مختلف القطاعات الاقتصادية لكن ما يجب ان يعمل، هو استمرار المسيرة السياسية بالتوازي مع التحديث الاقتصادي والمنظومة السياسية الجديدة والتطوير الإداري، الحكومة واجبها تبني ذلك الموضوع وأكثر التزامًا هو تحققيق نتائج.
ويرى أنه يجب على الحكومة إيجاد حزم تحفيزية للقطاع السياحي، فما يحدث اليوم على الصعيد السياحي أسوأ من كورونا، لأنّ الجائحة شهدت استخدام الفنادق من قبل الحكومة وعادت السياحة تدريجيًا.
وبين أنّه يجب دراسة كل قطاع على حدة وسط أجواء أردنية مالية جيدة وبنوك بوضع جيد، توجب انقاذ القطاع السياحي ليكون جاهزًا مع العاملين للموسم القادم.
وتابع أن الصادرات الأردنية عليها أن تستمر وعلى الحكومة دعم الانتاج والصادرات وسط عمل جيد من الشركات الكبرى والدوائية، فعلى الحكومة ووزارة الصناعة والتجارة دعم العديد من القطاعات الصغيرة.
وقال: “الناس تشكي والحكومة تسمع ولا تأخذ قرارات”، نافيا ان يكون هناك خلاف بين رئيس الوزراء وفريقه الحكومي مستدركا “كأنه معمول لهم حجاب”.
وختم، افتخر بأن حكومتي كانت داعمة للقطاعات الصناعية والاقتصادية وحققت ارقام جيدة في هذا الجانب.