عروبة الإخباري –
الحقيقة المرة نقلها جلالة الملك عبد الله الثَّاني ابن الحسين إلى العالم بكل تفاصيلها، فالملجأ والتعليم والخدمات الصِّحية وفرص العمل والموارد خماسية مؤلمة واجهها اللاجئون في الأردن وتحمل أكثر من 80 بالمئة منها من موازنته الخاصة بعد أن أدار المجتمع الدَّولي ظهره لفئة مهمشة وضعيفة، بيد أنَّ الأردن لم يخذل هذه الفئة.
الملك وفق متخصصين وذوي الخبرة ومعاصري اللجوء في الأردن أكدوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) وصف ألم اللاجئين للعالم وأنَّ الحلول المؤقتة لهذه الأزمات غير ممكنة، وأنَّ جيلا كاملًا سيصبح مصيره الضياع بعد أن تركه العالم خلفه، وأنَّه لا ترف في تجاهل هذه القضية أبدا.
وقال الخبير ووزير المياه الأسبق الدكتور حازم الناصر إنَّ ما صرح به جلالة الملك في اجتماع جنيف للاجئين هو حقيقة وتحد كبير يعاني منه الاردن، إذ إنَّ لتأثير اللجوء بشكل عام وخاصة موجة اللجوء السورية الأخيرة تأثير كبير على موارد المياه والبيئة من حيث الكميات والنوعية والاستدامة. وبين ازدياد الطلب على المياه بسبب اللجوء في المملكة بحوالي 25 بالمئة، في حين ازداد الطلب على المياه في محافظات الشمال.
وأكد أن اللجوء الاخير زاد اعباء البنية التحتية بشكل عام اذ يحتاج الأردن حاليا إلى مضاعفة بنيته التحتية كل 25 عاما ما يزيد الاعباء المالية والدين العام وارتفاع كلف انتاج المياه وبالتالي زيادة التعرفة المائية على المواطنين.
ولفت إلى أن للجوء اثر كبير على البيئة والمناخ حيث إن انتقال السكان من منطقة إلى منطقة يساعد في تسريع تأثير التغير المناخي بسبب الضغط على موارد المياه والبيئة ونضوبهما وتلوثهما، ما يؤخر كذلك تحقيق اهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف السادس المتعلق بالمياه وخدمات الصرف الصحي.
واضاف إنَّ زيادة الطلب على المياه في ظل محدودية موارد التزويد أدت إلى توجه الأردن إلى بدائل مائية مكلفة ولكنها ضرورة وطنية مثل مشروع الناقل الوطني الذي سيزود عمان ومحافظات الشمال بكمية 300 مليون متر مكعب من المياه لسد العجز، وأنَّ جلالته خلال الاسابيع الماضية حث الحكومة على سرعة الانجاز واعطاء هذا المشروع الاولوية بالتنفيذ نظرا للأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع.
وقال خبير الامن الغذائي بمركز جنيف للدراسات والسفير في منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة سابقا الدكتور فاضل الزعبي إنَّ جلالته تحدث لعدة مرات بهذه القضية وخطورتها، وفي كل المحافل الدولية، وكان دائما يسعى إلى اعلاء الصوت بشأن عدم ايفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه الأردن الذي تحمل عبء استضافة الملايين من اللاجئين وخاصة السوريين منهم في الفترة الأخيرة.
وأكد أنَّ هذا العبء شكَّل ضغطا على ميزانية الاردن والتزاماته الصحية والتعليمية المعيشية وضغطا كبيرا على الموارد الطبيعية وخاصة أن الأردن يعاني اساسا من ندرة في المياه والموارد الطبيعية، ويعاني من آثار التغير المناخي التي تضرب وبشكل عميق في كل جوانب التنمية. وأضاف إنَّ هذا العبء يشكل ضغط سكانيًا هائلا على موارد المملكة وعلى ميزان المدفوعات فيها، مبينا أنَّ جلالة الملك أكد أنه لا يمكن إدارة الظهر لهم لان ذلك يتنافى مع إنسانية الأردن.
ونوه إلى أن جلالته أشار إلى الانخفاض الكبير والمضطرب في التمويل الدولي للأزمة ما أثر سلبا ليس فقط على الخدمة المقدمة اللاجئين والالتزامات وانما على المجتمعات المستضيفة في الأردن، وأن جلالته يقوم بدور كبير في ايصالها للمجتمع الدولي وفي كل المحافل الدولية.
وقال الناطق باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن مشعل الفايز إن الأردن هو البلد الذي يستضيف ثاني أكبر عدد من اللاجئين في العالم ومع وجود أكثر من 730 ألف لاجئ في الأردن، معظمهم من الجنسية السورية، ما يشكل تحدياً لبلد ذي موارد محدودة.
وأكد أن الحكومة أظهرت تضامناً استثنائياً لسنوات عديدة، وتستحق المملكة الاعتراف بسياساتها التقدمية عندما يتعلق الأمر بإدراج اللاجئين في الأنظمة الوطنية، مثل التعليم والرعاية الصحية، وفي قطاعات معينة من سوق العمل، ما يسمح للاجئين بأن يكونوا أعضاء مساهمين في المجتمع المضيف.
وبين أنّه يمكن للعالم أن يتعلم من الأردن ويعتبر المنتدى العالمي للاجئين أكبر تجمع في العالم حول قضايا اللاجئين، ومنصة مناسبة للأردن لشرح قصة نجاحه، ولا يستطيع الأردن القيام بذلك بمفرده، ويحتاج الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى دعم مجتمع المانحين للحفاظ على الاستثمارات التي كانت في العقد الماضي.
وأكد أنَّ الأردن قيادةً وشعباً يتمتع بتاريخ مديد من ثقافة السخاء وكرم الضيافة في الترحيب باللاجئين على مدار القرن الماضي، بينما أدت الأزمة الأخيرة في سوريا إلى دفع مئات الآلاف من اللاجئين إلى المملكة.
ونوه إلى أنَّه من الضرورة الملحة لمجتمع المانحين والعالم ألا يخذلوا الأردن والأردنيين واللاجئين في البلاد، وأن يحافظوا على الدعم الدولي اللازم كجزء من تقاسم المسؤولية الذي أشار إليه جلالة الملك صباح اليوم في خطابه في المنتدى العالمي للاجئين في جنيف.
وقال مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية المهندس رفيق خرفان إنَّ خطاب جلالة الملك حمل رسالة واضحة طالما تحدث بها في كافة المحافل العربية والدولية تتضمن عدم التخلي عن اللاجئين الذين يعدون الفئات الأكثر ضعفا، ولا يمكن التخلي عن القضية الفلسطينية وأزمة اللاجئين وضرورة ان يدرك المجتمع الدولي أن هذه القضية قضية عالمية ومعاناة اللاجئين عامة والفلسطينيين خاصة معاناة كبيرة تنعكس على الدول المضيفة لهم.
وبين انَّ الأردن يُعد من اكبر الدول المضيفة للاجئين حيث يستضيف ما يقارب من أربعة ملايين لاجئ يشكلون ثلث السكان البالغ عددهم 11 مليون نسمة، وعدد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن2.5 مليون لاجئ.
وبين أن الشعور واضح بأن المجتمع الدولي يدير ظهره للأردن فرغم العبء الكبير الذي يتحمله إلا إن هناك انخفاضا كبيرا في التمويل اللازم وفق التعهدات الدولية ولا ننسى الأوضاع الحالية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة و نزوح اكثر من 1.9 فلسطيني إلى مناطق أخرى جراء حدة القصف المتواصل عليهم.
وأكد أنه ورغم ما تقدمه وكالة الغوث الدولية من خدمات تعليمية وصحية واغاثة للاجئين الفلسطينيين إلا انها لا تغطي احتياجاتهم بشكل كامل.
ولفت إلى أنه وفي ظل غياب الالتزامات بعيدة المدى في التمويل الدولي، ستتزايد هشاشة الظروف المعيشية للاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم وستتعاظم المخاطر التي تواجههم.
وأشار إلى أن جلالته في الخطاب بين ان الأردن سيبقى ملتزما بتوفير التعليم للاجئين في المدارس وتقديم الخدمات الطبية لهم وتمكينهم من الوصول إلى الفرص لكسب معيشتهم، لكن توفر التمويل الكافي محوري لنتمكن من الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية.
وقالت هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” إنه وادراكا منها بأن التعليم أساسي لمساعدة كل طفل على تحقيق كامل إمكاناته وحق من حقوق الإنسان، فقد عملت الأونروا منذ ما يقرب من 75 عاما لضمان حصول أطفال لاجئي فلسطين على التعليم الجيد. وأكدت أن التعليم الجيد يساعد لاجئي فلسطين الشباب على فهم العالم الذي يعيشون فيه ويعزز قيم التسامح والهوية الثقافية والمساواة بين الجنسين.
ولفتت إلى أنها تدير 702 مدرسة ابتدائية وإعدادية في أقاليم عملياتها الخمسة، ويشمل ذلك ثماني مدارس ثانوية في لبنان، وهي توفر التعليم الأساسي المجاني لحوالي 545 ألف طفل من لاجئي فلسطين، ويتم توفير التدريب المهني التقني والتعليم العالي في ثمانية مراكز للتدريب المهني لما يقارب 8 آلاف لاجئ من فلسطين في كافة أقاليم العمليات وأيضا لما مجموعه 2009 طلاب في كليتين للعلوم التربوية واحدة في الضفة الغربية وواحدة في الأردن.
وبينت أنَّ الخدمات الصحية الأولية تقدم في 25 عيادة تابعة للأونروا في الأردن الذي يسهل عملها دون مقابل.