عروبة الإخباري –
توصل فريق بقيادة باحثين من جامعة روتشستر الأميركية إلى أنه من غير المرجح أن يسيطر الذكاء الاصطناعي على سوق العمل قريبا، في إشارة إلى واحدة من المخاوف التي تشغل بال كثير من الموظفين مؤخرا في نطاقات عدة بداية من التسويق وإنتاج المحتوى ووصولا إلى الهندسة، بل والطب.
هذه المخاوف مبررة بالفعل، وبشكل خاص بعد تمكن نماذج اللغة الكبيرة من تقديم إجابات احترافية على أسئلة الجمهور، وبخاصة في نطاقات معقدة وبطرق تعبير متنوعة من القوائم للمقالات الطويلة. فعلى سبيل المثال، بات من الممكن أن يقترح عليك الذكاء الاصطناعي مثلا خطة كاملة لتسويق منتج ما، بل ويحولها إلى عرض «باوربوينت» لتعرضه على رؤسائك.
لكن هذه الدراسة الجديدة، والتي نشرت بدورية «إنفورمز جورنال مانجمنت ساينس»، وجدت أن المستوى الحالي للذكاء الاصطناعي غير قادر على أن يحل محل الإنسان، بسبب مشكلات تتعلق بالثقة والأصالة.
طبيعة الخبرة
بحثت الدراسة في تأثير الذكاء الاصطناعي على نوعين رئيسيين من خبرة العمل في شركة طبية كبرى؛ خبرة المبتدئين الضيقة القائمة على حجم المهمة المحددة، والخبرة الواسعة للموظفين الأقدم والتي تتعلق بآداء عدد أكبر من المهام. وقد سئلت مجموعتان من الموظفين عن دور حل برمجي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لترميز المخططات الطبية في عملهما.
وبعد إجراء الاستقصاءات، وجد الباحثون أن الموظفين الأقل خبرة كانوا أكثر اعتمادا على الذكاء الاصطناعي لكنهم أقل استفادة منه، في حين كان الموظفون الأكثر خبرة أقل اعتمادا على الذكاء الاصطناعي وأكثر استفادة منه.
وجاء ذلك لسببين أساسيين: الأول يتعلق بالثقة، فالموظف الأكثر خبرة يمكنه بسهولة اكتشاف أخطاء الذكاء الاصطناعي مقارنة بالموظف المبتدئ. وقد حدث ذلك بالفعل، فمع التعامل المستمر للموظفين الأكثر خبرة مع الذكاء الاصطناعي اكتشفوا أنه لا يمتلك الخبرة الكافية للوقوف على مستوى خبراتهم.
أما الموظف المبتدئ، فقد يقتنع بالصورة العامة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي للأمر، رغم وجود أخطاء دقيقة لم يتمكن من اكتشافها، بحسب بيان صحفي رسمي صادر من منصة «إنفورمز» التي تتبعها المجلة التي نشرت الدراسة.
السبب الثاني يتعلق بأن الخبرة لها جانب إنساني أصيل، بمعنى أنها مع الوقت والخبرة يتمكن الإنسان أيا كانت وظيفته من إنتاج معرفة أو أدوات جديدة أصيلة، في حين أن ما تفعله أدوات الذكاء الاصطناعي قد يفتقد لتلك القدرة في كثير من المهام.
فعلى الرغم من أن تشات جي بي تي مثلا هو أداة تخليق ممتازة للغة، وقد تفيدك كطالب أو موظف في السعي للمعرفة عن موضوع ما، فإن ما تنتجه ليس إلا معالجة لبيانات فعلية موجودة على الإنترنت وليس شيئا جديدا كليا.
صديق أم عدو؟
على الرغم من وجود اختلاف بين الباحثين في هذه النطاقات حول الدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في حياة الموظفين، فإنهم يتفقون إلى الآن على أنه لن يحل محلهم، ويقع الخلاف حول إن كان مفيدا حقا أم لا.
وفي هذا السياق وجدت دراسة صدرت في سبتمبر/أيلول الماضي بقيادة علماء من جامعة هارفرد، أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الموظفين لكنه سيكون مساعدهم المهم.
وفحصت الدراسة نحو 800 موظف من أحد أكبر الشركات الاستشارية في العالم، ووجدت أن المجموعة التي استعانت بتشات جي بي تي تحديدا حققت في إنجاز المهام قيمة أكبر بنسبة 12.2%، وكانوا أسرع في أداء مهامهم بنسبة 25.1%، وكانت جودة نتائجهم أكبر بنسبة 40%، مقارنة بالمجموعة الضابطة.