عروبة الإخباري –
رغم جسامة الأحداث السياسية في المنطقة وحرب الإبادة التي يقودها كيان الاحتلال ضد الأهل في غزة، إلا أن ذلك لم يمنع الاقتصاد الوطني من السير قدماً في عملية الإصلاح الهيكلي التي تنفذها الحكومة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتحديداً منذ بداية الشهر الحالي، انخرطت المملكة في منظومة إصلاحية قطفت ثمار إجراءات ممنهجة استطاعت أن تنجز الكثير، وفي وقت قياسي ما هو أساسي وداعم للاستقرار الوطني الكلي.
الحدث الأول كان بداية الشهر الحالي بالإعلان عن خروج الأردن من المنطقة الرمادية، من منظومة مكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، وهو إنجاز تضافرت فيه كل قوى المؤسسات الرسمية بقيادة البنك المركزي لتبييض صفحة الأردن لدى المجتمع الدولي والمؤسسات العالمية.
هذا الإنجاز ستكون له آثار إيجابية مهمة على سمعة الأردن في المجتمع الدولي، ويساهم في زيادة جاذبية الاستثمارات إليه، ويعزز من ثقة مجتمع رجال الأعمال والمستثمرين بشكل كبير في بيئة الأعمال المحلية الخاضعة لمعايير دولية في الشفافية والنزاهة.
الحدث الثاني هو توقيع مذكرات تفاهم بين الأردن والإمارات في أبوظبي قبل أسبوعين تتعلق بزيادة وتعزيز التعاون الاستثماري بين البلدين في قطاعات متنوعة ذات أهمية إستراتيجية للاقتصاد الوطني بقيمة تقترب من 6 مليارات دولار، إضافة لتمويل مباشر لمشاريع حيوية بقيمة 400 مليون دولار ستكون جاهزة للتنفيذ في أسرع وقت ممكن، تساهم في دعم التنمية والاستقرار المالي للخزينة.
إضافة لذلك، قام الاتحاد الأوروبي بتوقيع مذكرة تفاهم مع الأردن للسنوات الأربع المقبلة بقيمة تزيد على 900 مليون يورو، موزعة على دعم مشاريع متعددة في مختلف محافظات المملكة. الحدث الثالث هو المتعلق بإعلان وزير المالية قبل أسبوع عن التوصل النهائي مع صندوق النقد الدولي لاتفاق تسهيلات جديد للسنوات الأربع القادمة اعتبارًا من بداية العام المقبل.
هذا الاتفاق يُعتبر ضمانة مهمة للاقتصاد الأردني في وجه الصدمات الإقليمية والدولية، ويوفر له مساحات مالية بأسعار قاع منخفضة عمّا هي عليه في الأسواق الدولية، ويبعث رسالة مهمة وحيوية للمجتمع الدولي والمانحين والكيانات الاقتصادية العالمية ومجتمع رجال الأعمال والمستثمرين بأن الأردن دولة مستقرة اقتصادياً، ويتمتع بعلاقات مؤسسية وممنهجة مع الصندوق نتيجة التزامه بعمليات الإصلاح الاقتصادي.
الأحداث الثلاثة السابقة جاءت في أوقات مهمة بالنسبة للاقتصاد الدولي الذي يتعرض لضغوطات إقليمية نتيجة تداعيات حرب الإبادة في غزة.
الأهمية في التوقيت تكمن في أن إنجاز هذه المنظومة الإصلاحية في هذا الوقت يعني بالتأكيد تحرير الموقف السياسي للمملكة تجاه قضاياه المصيرية وتحديداً القضية الفلسطينية، بعيداً عن أي أبعاد اقتصادية أو مساومات سياسية دولية.
لذلك، الموقف الأردني اليوم تجاه كل ما يحدث في المنطقة هو موقف مبدئي صلب، منفصل تماماً عن الجانب الرقابي في علاقاته مع المانحين والمؤسسات الدولية، وهذا إنجاز بحد ذاته.