عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
جاء السلطان هيثم بن طارق الى حُكم السلطنة جاهزاً ومؤهلاً، فقد كان اكسفوردياً، تخرج من أفضل الجامعات في العالم، لينخرط في العمل لخدمة بلده وقد تدرج في المناصب ليمتلك خبرة صعدت بمعرفته، فكان أن امتلك ملامح سياسته الداخلية ومعرفة بسياسة بلده الخارجية، وهذا ما لمسته في خطابه الأول الذي أعلنه حين تولى مسؤولياته كسلطان.
السلطان هيثم هو السلطان الرابع عشر لعُمان، من سلالة المؤسس الامام محمد بن سعيد الملقب بالماركات على الله والذي امتد حكمه ليشمل زنجبار.
السلطان هيثم، الذي كان قريباً على العُمانيين ومن نشاطهم وفهمهم للحياة ومن علاقاتهم بحكم المواقع التي عمل بها والوقت المتاح له، فقد عمل في مجالات دعم الشباب وخاصة الرياضية ودعم المرأة العُمانية التي ظل يؤمن بدورها ومساهماتها وحقوقها.. كما أنه ظل يمتلك رؤية في تطوير التعليم والتوسع فيه وتحسين نوعيته وسلك جزء من رؤية وطنية واسعة جرى تكليفه بوضع خطتها واختبار مرونتها فكانت بصيرته قد أنجزت الخطة العُمانية (2002 – 2040) التي حدد فيها ملامح عُمان المستقبل ومتطلباتها باتجاه الاكفتاء والشراكة، وقد قسم تلك الخطة الى خطط بدأ بتنفيذها ورقابة الإنجاز فيها.
ظل السلطان هيثم في نهجه ورؤيته يؤمن بالتراكم والبناء المتصل، ولم ياخذ بحرق المراحل او القفز عنها أو القفز عنها أو الهروب الى الأمام أو الخلف، وكان يعاين كل مرحلة من المراحل ليعطي من خلالها المزيد من المشاركة للعُمانيين ليكًون المنجز من فعل ايديهم ونابع من قناعاتهم، أخذ بضرورة المراجعة وأوقف الكثير من سياسات الارتجال والتوسع في المؤسسات البديلة التي حملت كلفة وشوهت صورة العمل وتركت المراحل معطلة وتداخل في المسؤوليات التنفيذية لدى بعض الوزراء والتفلت من المسائلة واغلق طريق التهرب من المسؤولية حين كان ما زال البعض من المسؤولين لا يتحمل مسؤولية النتائج، فيلقي المسؤولية على غيره ويحيلها للاخرين.
لم يكن يؤمن بهدم ما أنجز، وإنما البناء عليه وفوقه وضرورة إنجاز تقارير سنوية تساعد على المراقبة وتكشف نجاحات العمل.
كان السلطان صاحب تجربة سابقة تؤمن بالشفافية والنزاهة والمسائلة والمحاسبة، وقد أخذ بتجربة أحداث المؤسسات الصغيرة وبناء خطة تنمية خمسية عاشرة واستنهض في العمانيين روح الاقدام والعمل، فأنجزت المشاريع الكبرى في ميناء الدقم والمجمع بولاية صحار للصناعات البلاستيكية واستثمار حقل عزيز لتوفير الطاقة واستمثرت مئات الملايين من الريالات لترجمة ذلك.
أخذ السلطان هيثم الذي آمن بالانسان العُماني، واستنهض همته بمحاربة البطالة وتوفير فرص العمل وتحسين مستوى الحياة. وكان يلزم كل ذلك ان ينهج نهج توطين الوظائف وفرص العمل، فكانت سياسة التعمين التي اعطاها بعداً إنسانياً حين أعاد النظر في سياسته لتشغيل الأجانب وتوسيع هامش الحركة والتنقل الوظيفي لهم، عاكساً بذلك حقوق الانسان ومستجيباً لقوانين العمل الدولية الإنسانية.
جاء السطان الى موقعه بأسلوب وصف على المستوى العالمي بأنه انتقال سلس للسلطة استطاع من خلاله المحافظة على ما أنجزه السلطان الراحل عبر قرن ونصف من النهضة، وأن يجدد الإنطلاقة مخففاً من السلبيات ومعظماً لللإيجابيات، فكان موقع تقدير العالم واعجابه.. وحين رأى ضرورة التغيير في تداول السلطة بشكل أكثر تقدمية وأقرب الى روح العصر، استمد السلطان ولاية العهد لتكون الى أبنه الأكبر ذي يزن وأشرك أفراد العائلة المالكة في مواقع تمكنهم من خدمة الوطن العُماني وتعطيهم فضل المشاركة في البناء.
ظل السلطان في سياسته الخارجية ومنذ اليوم الأول لاستلامه مقاليد الحكم يؤمن بالتعايش مع الدول وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومثلت نهج ثابت كرسه بزيارات مبكرة للسعودية ولمصر. كما ظل يؤمن ببناء القدرات البشرية، مؤكداً على أدوار الشباب والنساء وحقوق المرأة العُمانية وداعياً العُمانيين الى التعبير عن طاقاتهم والأخذ بالإفكار المتجددة والذكية.
أمن السلطان بالتحديث والتجديد والإصلاح، وهيء أسرته من زوجة وأولاد وبنات ليكونوا في علمهم وعملهم في خدمة عُمان والالتزام باخلاقها محدداً مهام كل واحد واختصاصه، وهو ما رأيناه في تنصيب ولي العهد ذي يزن بن هيثم أول ولي عهد في تاريخ السلطنة.