عروبة الإخباري –
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ملخص سياسات بعنوان “اقتصاد العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت: فرص عمل مشجعة للشباب الأردني”، بهدف تسليط الضوء على هذا النوع من أنماط العمل عن بعد، والفرص الكامنة التي يحملها في المساهمة في معالجة تحدي البطالة، وزيادة مشاركة المرأة الاقتصادية، وزيادة إنتاجية الشركات.
وفي الملخص، أشار المنتدى إلى أن تحدي البطالة لا يقل أهمية عن النمو الاقتصادي، نظرًا للكلف الاقتصادية والنفسية والاجتماعية الباهظة التي تنطوي عليها، إذ ارتفع معدل البطالة الإجمالي من 18.6% في عام 2018 إلى 22.8% في عام 2022.
كما أن مجموع الأفراد العاطلين عن العمل من الحاصلين على درجة جامعية أو أعلى قد بلغ 80,501 في عام 2022، أي قرابة 30% من بين مجموع الأردنيين العاطلين عن العمل (298,634 فرد). وبين المنتدى أن هذه النسبة تُعَدّ أعلى بكثير للإناث؛ إذ إن ما يقارب 80% من مجموع الإناث الحاصلات على درجة جامعية أو أعلى (والبالغ عددهن 121,202) هنّ عاطلات عن العمل.
وأوضح المنتدى أن العالم يشهد تغييرات جذرية في أنماط العمل والتوظيف، وذلك بفضل التقدم التكنولوجي الهائل والتوسع في استخدام الإنترنت، مشيرًا إلى أن أبرز هذه التغييرات هو نمو العمل الحر عبر الإنترنت، الذي أحدث تحولًا كبيرًا في كيفية توظيف العاملين وكيفية تحقيق الدخل؛ بحيث يقوم الأفراد بتقديم خدماتهم ومهاراتهم بشكل مستقل عبر المنصات الرقمية التي تجمع بين الشركات وهؤلاء الأفراد مقابل أجر يتم الاتفاق عليه.
وأشار المنتدى في الملخص إلى تقرير نشره البنك الدولي مؤخرًا في أيلول 2023 تحت عنوان “العمل بلا حدود: وعود وأخطار العمل المؤقت عبر الإنترنت”. الذي تضمن دراسات استقصائية في 17 دولة وبـ 12 لغة، ومقابلات شخصية مع ممثلين من مختلف القطاعات، إذ عرّف التقرير نوعين من العمل المؤقت عبر الإنترنت؛ وهما العمل الحر المؤقت في مكان معلوم؛ وهو العمل الذي يطلبه العميل من خلال الإنترنت، بينما يقوم به العامل في مكان محدد؛ كالنقل الخاص، وخدمات التوصيل، والرعاية المنزلية، وما إلى ذلك. أما النوع الثاني فهو العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت: وهو المهام والأعمال التي يُكلف بها العامل، ويقوم بتنفيذها وتسليمها عبر الإنترنت؛ كتحرير الصور، أو إدخال البيانات، أو تصميم مواقع الإنترنت، أو تطوير البرمجيات، أو تقديم الاستشارات.
وحول العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت، بيّن تقرير البنك الدولي أنه ينطوي على نوعين من الفرص؛ الأول هو فرص العمل الحر عبر الإنترنت (e-lancing) ، الذي يتضمن تنفيذ المشاريع طويلة الأمد التي تتطلب مهارات عالية أو متوسطة كتطوير البرمجيات، والتصميم الغرافيكي، والتسويق الإلكتروني، والكتابة، والترجمة، وتقديم الاستشارات القانونية أو الإدارية. وغير ذلك.
أما النوع الثاني فهو فرص الأعمال الصغرى أو متناهية الصغر (microwork) ؛ وهي المهام البسيطة التي يتم إنجازها بمهارات بسيطة وفي وقت قصير، مثل: تحرير الصور، ونسخ النصوص، وإدخال البيانات، وإجراء المسوحات.
وبين التقرير أنه لا توجد عوائق كبيرة أمام هذا النوع من العمل مقارنة بمتطلبات العمل الحر عبر الإنترنت (e-lancing)، مما يجعل منه فرصة جذابة لتوليد الدخل للعاطلين عن العمل، الذين لا يمتلكون مهارات متخصصة عالية.
واستعرض المنتدى في هذا السياق أبرز المشاهدات التي خرج بها تقرير البنك الدولي حول العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت، مشيرًا إلى وجود 545 منصة عمل حرّ مؤقت عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم، وهي موجودة في 63 دولة، بينما يتواجد العاملون والعملاء عبر هذه المنصات في 186 دولة، كما أن عدد العاملين في الوظائف المؤقتة عبر الإنترنت يصل إلى قرابة 435 مليون فرد في العالم.
وتصل نسبة قطاع العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت إلى ما يقارب 12.5% من سوق العمل العالمي، وهو قطاع سريع النمو، فقد بين التقرير أن معظم العاملين في مجال الوظائف المؤقتة عبر الإنترنت، هم من فئة الشباب أو الطلاب الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا؛ أي ما زالوا في بداية حياتهم المهنية، كما أشار إلى أن من بين كل 100 وظيفة عمل حر عبر الانترنت يتم الإعلان عنها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يذهب 56 وظيفة منها للإناث مقابل 44 للذكور.
وفي سياق متصل، بين التقرير أن حجم الطلب على العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت يزيد في البلدان النامية، بينما تفضل أقل من نصف الشركات في البلدان المتقدمة هذا النوع من العمل، كما أشار التقرير إلى أن مهارات الاتصال وإدارة الوقت هي الأكثر أهمية ضمن المهارات المطلوبة في مجال وظائف العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت، بغض النظر عن مستوى التعليم أو الجنس.
على الجانب الآخر، أشار التقرير إلى التحديات المتعددة التي يواجهها العاملون في وظائف العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت، مبينًا أن العاملين فيه يحتاجون للوصول إلى الإنترنت أو الأجهزة الرقمية، كما أنّ هذا النوع من العمل لا يوفر دخلًا مستقرًا، أو مسارات مهنية واضحة للتقدم الوظيفي لدى الشباب، علاوة على احتمالية أن تتعرض النساء والعاملون في البلدان النامية إلى التمييز، من حيث فرص الحصول على المهام ذات الأجور العالية.
كما كان التحدي الأبرز هو عدم شمول العاملين بأي نوع من أنواع التغطية التأمينية للحماية الاجتماعية من خلال منصات عملهم؛ إذ بين التقرير أن نسبة القوى العاملة في القطاع غير الرسمي في البلدان ذات الدخل المنخفض تصل إلى أكثر من 90% (بما في ذلك العمل بوظائف مؤقتة عبر الإنترنت)، مما يحرمهم من الحماية الاجتماعية، أو من الحصول على حقوق العمل وفق القوانين والتشريعات القائمة في تلك البلدان.
وأكد ملخص السياسات الصادر عن المنتدى أن العمل الحر عبر الإنترنت يشكل تحولًا كبيرًا في طريقة التوظيف وتقديم الخدمات. ويقدم فرصًا جديدة للأفراد لتطوير مهاراتهم وكسب الدخل من خلال العمل بشكل مستقل. مشيرًا إلى أن قطاع العمل الحر عبر الإنترنت ينمو بسرعة هائلة، إذ ارتفعت نسبة النمو في وظائف العمل الحر المعلنة عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما بين الأعوام 2016 – 2020 بواقع 100%.
وبين المنتدى أن الأردن يمكن أن يستفيد من فرص العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت، كإجراء قصير المدى للتغلب على تحديات سوق العمل. مبينًا أن هذا النوع من العمل، يسهم في توفير فرص عمل للشباب، خاصة في المناطق الأقل حظًّا. كما يسهم في تقليص الفجوة الاقتصادية والاجتماعية في تلك المناطق، ويزيد من مشاركة المرأة الاقتصادية.
وعلى صعيد آخر، أوضح المنتدى أنه يمكن للشركات أن تستفيد من فرص العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت وبالأخص الناشئة منها، من خلال وصولها إلى المواهب، والخبرات، والمهارات المطلوبة، مما يخفض الكلف عليها، ويزيد من مناعتها للبقاء، ونموها، واستمرارها، وتجاوبها مع المتغيرات التي تطرأ على عملها. الأمر الذي يؤدي إلى تحسين كفاءتها وتعزيز إنتاجيتها، وكذلك استحداث وظائف جديدة على مستوى الاقتصاد ككل.
وأورد منتدى الاستراتيجيات الأردني في الملخص بعض التوصيات للاستفادة من الفرص والإمكانات التي يتيحها العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت، إذ أكد ضرورة توفير الوصول الميسر للإنترنت، وللأجهزة الرقمية، وبكلف منخفضة، بالإضافة إلى توسيع نطاق تغطية مظلة الحماية الاجتماعية لجميع العاملين في القطاع غير الرسمي، وإنشاء نماذج شراكات مبتكرة مع منصات الإنترنت والقطاع الخاص للمشاركة في تصميم برامج تتيح تأمينات اجتماعية مناسبة لطبيعة عملهم، أو تقدم الدعم والتدريب للفئات المحرومة والأكثر احتياجًا لتمكينهم من الحصول على الدخل.
كما شدّد المنتدى على أهمية التركيز على تعليم المهارات الرقمية ومهارات التواصل خصوصًا لفئتي الشباب والنساء، ووضع آليات لجمع البيانات وتتبعها بانتظام حول العمل المؤقت عبر الإنترنت بشكل ممنهج.